أقلام الثبات
نعرض الواقع كما هو، لأن السراي الحكومي اعتاد منذ بداية التسعينات على "السلالة الحريرية"، بصرف النظر عن الأصيل والوكيل، سواء كان ساكن السراي حريري بالدم، أم بالإنتماء، وكل مَن توالوا على السراي من خارج الحريرية السياسية وآخرهم حسان دياب، كانوا يلعبون أدواراً ضمن محاولات القوى السياسية الإنعتاق من هذا القيد العائلي، الذي تتعزز قوَّته بمقدار الضعف الذي تعيشه القيادات والعائلات السنية العريقة على المستوى الشعبي، بعد أن بات المال هو العنصر الأوحد الذي يُبقي حديدان بيت الحريري بالميدان.
كما "الخاطبة" جالت النائب بهية الحريري على الكتل النيابية، واكتفى "العريس" بالإنتظار على أريكة فرنسية، لأن مبادرة الرئيس ماكرون دخلت في الشخصي، ولن يقبل صاحب المبادرة بأن يُهان في لبنان، ويجب السير في المبادرة بالحريري أو من ينوب عنه، لكن تجربة مصطفى أديب أفضت الى أن هذه الظروف تستوجب حضور الأصيل بعد فشل الوكيل.
تأجيل الإستشارات النيابية المُلزِمة للرئيس عون، جاءت بطلب من بعض الكُتل، لكنها ليست أكثر من هروب الى الأمام من استحقاق قدوم سعد الحريري على حصانه الأبيض، في وقتٍ ارتفعت فيه النسبة المئوية للعائلات اللبنانية التي تعيش تحت خطّ الفقر من 8% عام 2019 الى 23% عام 2020، وهنا بيت القصيد في حتمية عودة الحريري، لأن الناس اشتهت بون البنزين والمنقوشة!
المُخزي في أمر الرؤية الإقتصادية، أن أولئك الذين احتفلوا بمرور سنة على "ثورتهم"، لم يتطوَّر لديهم سوى الحقد، ولم يجترحوا معجزة واحدة تُنقذ الوضع، وكأن المطلوب منهم إبقاء الوضع على ما هو عليه، وممنوعٌ لديهم بأمر أسيادهم أن يحكُم ميشال عون كحليف للمقاومة، وكل خصوم المقاومة باتوا حلفاء ضد ميشال عون، والسفارات جاهزة للدفع، لكن الخطير الذي يحصل الآن، أن صبيان الشوارع يذرفون على مرفأ بيروت دموع تماسيح، ونحن نواجه أكبر مصيبة إقتصادية قادمة إلينا، بفتح المرافىء "الإسرائيلية" أمام البواخر الخليجية بعد تطبيع العلاقات بين الكيان الصهيوني وكلٍّ من الإمارات والبحرين، وبالتالي لم يُعد مرفأ بيروت الإطلالة الوحيدة للخليج على المتوسِّط، بالإضافة الى ضمور الحركة السياحية الخليجية الى لبنان، مع إقرار قيام 35 رحلة أسبوعية بين المطارات "الإسرائيلية" ومطارات الدولتين الخليجيتين.
كل الأزمات التي يواجهها لبنان والتي جاءت جائحة كورونا لتطغى عليها جميعها، تجعل من ترف الوقت في الإستشارات وفي التكليف والتأليف مسألة في غاية الخطورة، ومحاولة الرئيس عون إجراء استشارات التأليف قبل التكليف لضمان عدم التسويف، وإن كانت قد نجحت جزئياً في إنتاج حكومة دياب، فإنها مع الحريري ستكون أصعب، لأنه يحمل بين يديه الوديعة/ الذريعة المتمثِّلة بالمبادرة الفرنسية، وهي فور ولادتها وضعت الطائف والدوحة وكل التفاهمات اللبنانية السابقة جانباً، وباتت الفرصة الوحيدة للإنقاذ بصرف النظر عن قدرة "حديدان بيت الوسط" على تنفيذها...
الحريري .. "ما في بالمِيدان غير حدَيدان"! ـ أمين أبوراشد
الأربعاء 21 تشرين الأول , 2020 08:24 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة