الثبات - التصوف
قصيدة البردة
الإمام البوصيري
الفصل الأول
في الغزل وشكوى الغرام
أمِنْ تَذكُرِ جِيْرَانٍ بِذِي سَلَمٍ ... مَزَجْتَ دَمْعاً جَرَى مِنْ مُقْلَةٍ بِـدَمِ
أَمْ هَبَّتِ الرِّيْحُ مِنْ تِلْقَاءِ كَاظِمَـــةٍ ... وَأَوْمَضَ البَرْقُ في الظَّلْمَاءِ مِنْ إِضَـمِ
فَمَا لِعَيْنَيْكَ إنْ قُلْتَ اكْفُفَا هَمَتَــا ... وَمَا لِقَلْبِكَ إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِــــمِ
أَيَحسِبُ الصَّبُ أنَّ الحُبَّ مُنْكَتِـــمٌ ... مَا بَيْنَ مُنْسَجِمٍ مِنْهُ وَمُضْطَّــــــرمِ
لَوْلا الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعَاً عَلَى طَـلَلٍ ... وَلا أَرِقْتَ لِذِكْرِ البَاْنِ والعَلَــــمِ
فَكَيْفَ تُنْكِرُ حُباً بَعْدَ مَا شَــهِدَتْ ... بِهِ عَلَيْكَ عُدُوْلُ الدَّمْعِ وَالسَّــــقَمِ
وَأثْبَتَ الوَجْدُ خَطَّيْ عَبْرَةٍ وَضَــنىً ... مِثْلَ البَهَارِ عَلَى خَدَّيْكَ وَالعَنَــــمِ
نَعَمْ سَرَى طَيْفُ مَنْ أَهْوَى فَأرَّقَـنِي ... والحُبُّ يَعْتَرِضُ اللَّذّاتِ بالأَلَــــمِ
يَا لائِمِي في الهَوَى العُذْرِيِّ مَعْذِرَةً ... مِنِّيْ إلَيْكَ وَلَوْ أنْصَفْتَ لَمْ تَلُــــمِ
عَدتْكَ حَالِيَ لا سِرِّي بِمُســـــتْتَرٍ ... عَنِ الوُشَاْةِ وَلا دَائِي بِمنُحَسِــــمِ
مَحضْتَنِي النُّصْحَ لَكِنْ لَسْتُ أسْــمَعُهُ ... إنَّ المُحِبَّ عَنِ العُذَّالِ فِي صَــمَمِ
إنِّي اتَّهَمْتُ نَصِيْحَ الشَّيْبِ فِي عَذَلٍ ... والشِّيْبُ أبْعَدُ فِي نُصْحٍ عَنِ التُّهَــمِ