البطَّة الأميركية العرجاء، والأدوات اللبنانية الكسيحة! ـ أمين أبوراشد

الأربعاء 07 تشرين الأول , 2020 01:49 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تُطلق تسمية البطَّة العرجاء في الولايات المتحدة، على كل فترة تسبق الإنتخابات الرئاسية الأميركية، بحيث تغدو السياسة الخارجية حذِرة خلال الأشهر التسعة التي تسبق تاريخ الإنتخابات، والسياسة الداخلية تطغى عليها المُشاحنات، بين الرئيس الذي أمضى ولايته الأولى وبين المُرشحين المُنافسين أو المرشح الخصم من الحزب الآخر، وتصل الأمور الى التشهير الشخصي المُتبادل، والإعلان عن فضائح لتثميرها في صناديق الإقتراع،  وحتى ولو أمضى الرئيس ولايتين متتاليتين، ويستعد للرحيل عن البيت الأبيض، فهو أيضاً يُمهِّد للخلف المُرشح من حزبه، عبر استخدام سياسة البطَّة العرجاء لإستقطاب الشرائح الوازنة، والولايات ذات الثقل في المجمع الإنتخابي لصالح مرشَّح حزبه في مواجهة الخصم من الحزب الآخر، وهذا ما فعله باراك أوباما الديموقراطي لتوريث هيلاري كلينتون التي هُزِمت بمواجهة الجمهوري ترامب، وهذا ما يفعله ترامب حالياً مع جو بايدن الديموقراطي.
المشكلة على مستوى لبنان، أن بعض الفرقاء يعيشون حقبات البطة العرجاء الأميركية، ويراهنون كل أربع سنوات على الرئيس الآتي، ويبنون الآمال إذا فاز زيد وارتحل عمرو عن البيت الأبيض، وليست هناك دولة في العالم تربط مصيرها بأميركا أكثر من عملاء أميركا في لبنان، سواء كان الرئيس يعيش فترة البطة العرجاء، أو خلال ولايته التي يتغندر فيها كالغزال على رقعة هذا العالم، وعلى أعناق بعض شعوبه الحمقى، وشريحة واسعة من اللبنانيين هي من عديد هؤلاء الحمقى.
ولأن بعض "السياديين" اللبنانيين من جماعة عوكر، يُراهنون حالياً على أن تكليف رئيس للحكومة قد يتأخر الى ما بعد الرابع من تشرين الثاني / نوفمبر القادم موعد الإنتخابات الأميركية، وفي حال التكليف، يبقى التأليف عالقاً على نارٍ خفيفة الى ما بعد هذه الإنتخابات، فإن الحماقة في هؤلاء اللبنانيين، أنهم يتجاهلون بأن المؤسسة السياسية الأميركية تسير على نفس النهج المرسوم ولا تتغير، سواء كان ساكن البيت الأبيض هو ترامب نفسه، أو أن القادم إليه هو جو بايدن.

وفعلاً، يطلع علينا سياسيون وإعلاميون عند كل استحقاق وطني، ولا يخجلون خلال تحليلاتهم من البوح، بأن الأميركي يريد كذا، والسعودي يبغي كذا، والإيراني غير راضٍ لا عن "الكذا" الأميركية ولا السعودية، ثم يجولون في رحلة بانورامية من موسكو الى باريس، ولا أحد منهم يحاول البحث عن سبب انكماش بل إضمحلال "الكذا" اللبنانية!!
أيّ موقف أميركي كان يوماً لمصلحة لبنان في التاريخ المعاصرالحديث جداً، سواء كان الرئيس الأميركي جمهورياً أم ديموقراطياً، وكم هو عدد القرارات الأممية ذات الصلة بلبنان كان الفيتو عليها أميركياً، وإذا كنا في الماضي نخشى العقوبات الأميركية، فأي بلل نخشاه الآن ونحن غارقون في مستنقع التجويع والإفلاس بسبب العقوبات الأميركية؟!
الخطير في وضعنا الداخلي اليوم، لا يكمن في العملاء من بقايا آذار، بل في بعض حلفاء المقاومة الذين صدَّقوا أن مصيرنا تقرره أميركا، وحكومتنا تُشكلها أميركا، وسيادتنا التي دفعنا لأجلها دماء شهادة حدودها الرضى الأميركي، وهؤلاء الحلفاء مدعوون اليوم الى تحديد سقف زمني لبدء الإستشارات المُلزِمة، المطلوب أن يُجريها الرئيس ميشال عون، وكفانا انتظار المَنّ والسلوى من سيِّد بيت الوسط، على قاعدة أقبل بالتكليف – لا أقبل بالتكليف، ويتعاطى في البيت الداخلي اللبناني وكأنه يؤدي دوراً تمثيلياً في لعبة "البيت بيوت"... 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل