الثبات - مقالات
نعمة ذكر اسم الله
العلامة الحبيب عمر ابن حفيظ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدُ للهِ رَبِّ العالمين {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ}، و{وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ}، {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ} .. {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ} "هو" {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَىٰ وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} اللهم لك الحمدُ شكراً، ولك المّنُ فضلا ًأنت ترث الأرض ومَن عليها وأنت خير الوارثين فلا تُخزِنا يوم يُبعَثون {يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيم}.
بفضلِك لا يزال اسمُك يُذكَرُ في الصباحِ والعشيِّ والليلِ والنهارِ وعلى المنائر والمنابر وفي الأجهزةِ المنتشرةِ في العالم.. لك الحمد، وكُلُّ ذلك مِن فضلِك الذي تفَضَّلتَ به علينا ببعثةِ هذا المجتبى المصطفى المختار، والساعةُ لن تقومَ حتى لا يبقى على ظهر الأرض مَن يقول "الله" (ليس فيهم من يقول "الله")
والحمدُ لله على قولِ" الله"، وقول "يا الله"، وقول "لا إلهَ إلا الله محمدٌ رسولُ الله" صلى الله عليه وسلم.
عبرة وعِظة وذكرى للمتذَكرين منكم؛ القُوَّة لواحد هو "الله"، ومهما تخيَّلتم غيرَ ذلك فباطل وضلال لا حقيقةَ له. وبعد ذلك ينتهي إلى إدراكِ هذه الحقيقة كُلُّ الخليقة {وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ}. فالذين كان تَسَرَّب إليهم وهْم أنَّ القوة مع الدولة الفلانية والحكومة الفلانية والحضارة الفلانية يخسرون في "ذاك اليوم لأنهم يجدُون كل ما اعتقدوه كَذِب وكل ما اعتقدوه وهم وظن وخيال {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ ۗ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ}.
وذَكَرَ الحق أنَّ هابيلَ هذا صاحب المسلك المستقيم حَمَل مبادئه وحاولَ إنقاذَ أخيه وقال {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} عُدْ بفكرِك وتأمَّل.. تقبَّل مني لأني اتَّقَيْتُه اِتَّقِهِ وسيَقبَل منك اخرج من ذي الورطات حقك والتفكير المعوَّج {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ} لِمَ؟ لأنني عندي ميزانُ حقٍّ أخذته عن الرَّبِّ بواسطة أبي آدم عليه السلام؛ ليس بي خوف ولا بي جُبْن ولا بي ضعف عنك.. لو أردتُ أن أقتلَك لمضيتُ في سبيلِ ذلك وربما سبقتُ إلى قَتلِك قبل أن تَسبِقَ إلى قتلي لكني قرَّرتُ أن لا أثورَ مع هذه الثائرات النفسية؛ فنفسي مُزَكَّاة.. ما الذي أَخَّرَك عن مقابلةِ القتال بالقتال؟ قال: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ}، فكانَ أولَ شهيدٍ في تاريخ بني آدم، قُتِل ظُلْمَاً فهو أولُ شهيد في تاريخ البشرية كلِّها، ونالَ مِن رِبِّهِ الحميدِ المجيدِ الخيرِ الواسعِ المَديدِ، وهو يستثمره من ذاك الوقت إلى هذا الوقت، وما بعد هذا الوقت تأتي القيامة..
أحبابُنا الذين فارقناهم في هذه الأيام قامت قيامتُهم وكان معهم هذا العمر اللي قَضُّوه، ما عملوا فيه وما أخلصوا فيه وما خافوا الله فيه هو الذي يستثمرونه الآن، وأنتم من وراءهم كذلك..
يقضي المالكُ في مملكتِه ما يشاء فهل ظَفِرتَ بحالة صدقٍ معه وحالةِ إخلاصٍ لوجهِه، ووصفِ عبوديةٍ قُمتَ بحقِّها له فيُسعدِك سعادةَ الأبد مِن خلال ما تقول وتفعل في هذا العمرِ القصيرِ الذي بقي النور موجودا فيه، والحبال ممدودة لتأخذك والسُّقيَا مُمكنة أن تُسقَى في الأرض.. الحمد لله فيها "لا إله إلا الله"، وفيها "الله الله"، وفيها "محمد رسول الله" صلى الله عليه وسلم يُذكَر على الألسنِ المختلفة باللغاتِ المختلفة في شرقِ الأرض وغربِها. ويختار اللهُ منهم مَن يَسقِي قلبَه، فيَنَالُ مِن الرحمن قُربَه، ومعرفةً خاصَّةً ومحبَّة، ويَعظُم له حيازةُ النتيجةِ عندما يلقَى ربَّه، و: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي}، فالله يرزقنا اغتنامَ الأعمارِ والساعاتِ والليالي والأيام..
كلمة حالِيَة وحلاوتُها في القبر والآخرة تظهر أكثر "يا الله" .. تستندون إلى مَن! تعتمدون على مَن! تلجأون إلى مَن! وتسألون مَن! وتُناجون مَن! وتدعون مَن!
يا مَن وفَّقتنا لدعائك ولا رميتَنا على بابِ غيرِك وفِّر حظَّنا مِن كَرمِك وإحسانِك وواسعِ جودِك وفيضِ إفضالِك يا مَنَّانُ
يا الله .. يا الله
يا الله .. يا الله
يا الله .. يا الله
نسألكَ بكَ أن تُذيقَ كُلَّاً مِنَّا حلاوةَ مناجاتِك قبلَ أن يخرج من هذه الدنيا، يا الله .. يا الله
ووفِّر حَظَّنا منها ومن سِرِّها وسِرِّ أهليها برحمتك يا أرحمَ الراحمين.. والحمدُ لله ربِّ العالمين.