مقالات مختارة
معركة الفساد التي يخوضها النائب حسن فضل الله منذ سنوات لاقتلاع فوضى التجاوزات والمحسوبيات في الدولة قد تحظى بخاتمة مُرضية. المطبّات كثيرة والصُمّ أكثر، لكن فقدان الأمل لا يقود سوى الى مزيدٍ من الاستسلام أمام ""كارتيلات" المُخالفات.
خلال الأسبوعين الأخيريْن، انشغل الرأي العام بكلام فضل الله عن تقصير وزيرة العدل ماري كلود نجم في التجاوب مع الملفّات التي قُدّمت إليها وزوّدت بها عبر لجنة الإدارة والعدل النيابية للتحرّك قضائيًا وفق ما يفرض القانون، ولا سيّما في ظلّ وجود مجموعة إخبارات وتحقيقات وادعاءات قضائية مهمّتها كشف مصير المليارات المنهوبة وفوضى حسابات الدولة والإنفاق العشوائي في الموازنة خلافًا للأصول.
ولأنّ التأخير الحاصل لم يعد يحتمل المواربة أو الصبر حتّى، تولّى فضل الله الذي لم يملّ من إعلاء الصوت، مهمّة الإصرار والإلحاح حتى تلمّس تفاعلًا إيجابيًا من الوزارة المعنية بالملفّات المفتوحة أمام القضاء.
على الرغم من حساسية وجديّة ما تسلمّته رسميًا نجم، إلّا أن الأخيرة اختارت التركيز على توصيف ما وصل إليها هل هي مستندات أو ملفات؟ فضل الله بيّن أنها تسلّمت نسخة كاملة تتضمّن جدولًا فيه عنوان الملف والجهات المسؤولة والمسار القضائي، و CD بداخله مئات المستندات.
وفيما كانت الوزيرة متمسّكة بموقفها، انبرى رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان الى التأكيد أنه أعطاها شخصيًا الملفات التي كان تسلّمها هو من فضل الله من خلال أقراص مُدمجة وجدول مُبوّب بالمستندات المذكورة، سائلًا إيّاها عمّا فعلته في هذا الشأن إثر الاستفسار منها خلال آخر جلسة عُقدت للجنة عن التقصير في متابعة الموضوع.
الجلسة كانت فرصة أيضًا ليدحض رئيس اللجنة كلّ التباس جرى الترويج له أو الإيحاء به، فعدوان أوضح لنجم أنه حرص على تسليمها الجدول باليد من اجل متابعة كل أخباره ومصيره، مشيرًا الى "أننا لم نقصّر في هذا المجال وكنّا ننتظر منك المبادرة الى متابعة فورية لهذا الموضوع، لكننا لم نتلقَّ منكِ أيّ إجابة".
إزاء هذا الكلام الذي أرسته مُواظبة فضل الله على مُلاحقة معركة الفساد في كلّ محطّاتها، بدا أن وزيرة العدل "عَدَلت" عن سجالها مع عضو كتلة الوفاء للمقاومة، فوعدت بشكلٍ قاطع بمتابعة كل الملفّات المتعلّقة بالفساد لدى القضاة المعنيين، بل أكثر قالت إنها ستتخذ الموقف المناسب تجاه أيّ تقصير وستُحيل القاضي "المُقصّر" الى التفتيش القضائي، وفق ما نُقل عنها.
ما تعهّدت به نجم يُحيلنا الى خلاصتيْن، الأولى اعتراف الوزيرة بصوابية خيار فضل الله وحزب الله باللجوء الى القضاء لمُحاسبة الفاسدين كمرجعية وحيدة، والثانية هي التجاوب "المتأخّر" مع مطلب التحرّك فورًا أمام مضمون المُعطيات المُقدّمة، مع العلم أن "نائب المقاومة" كان قد أكد أن المتابعات عبر رئيس اللجنة والمطالبة العلنية استغرقت أسبوعيْن ولم تُقابل بإجابات.
العهد ـ لطيفة الحسيني