الحرب قادمة فأين ستكون الطلقة الأولى؟  فادي عيد وهيب

السبت 04 تموز , 2020 12:37 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

عندما نلقي نظرة بانورامية واسعة على العالم سنشعر وكأن الكوكب بات على حافة حرب عالمية ثالثة، وأن كنا بالفعل نعيش في حالة حرب بدأت مع غزو الولايات المتحدة للعراق 2003م، ثم تمددت خارج المنطقة مع إندلاع الفوضى في أغلب الجمهوريات العربية 2011م، وذهبت لتكون حرباً بين القوى العظمى تدار على أراضي العرب وبأموالهم ونفطهم ويخوضها العرب أنفسهم بالنيابة عنهم أيضا، إلا أننا نرى شبح الحرب العسكرية المباشرة كل يوم أقرب من ذي قبل.

فالولايات المتحدة التي لم تنتهِ من "حرب كورونا البيولوجية" فتحت جبهات جديدة في حربها مع الصين سواء على جبهة هونج كونج، وبمشاركة بريطانيا التي أعلنت فتح أبواب الهجرة لها أمام المحتجين بهونج كونج على مصراعيه، أو على الحدود الصينية الهندية بإقليم "لاداخ" كي يسقط عشرات القتلى من جنود البلدين بعد تصاعد المناوشات بينهم، بالتزامن مع أعتراض البنتاجون على إجراء مناورات عسكريّة صينيّة حول أرخبيل متنازع عليه في بحر الصين الجنوبي.

وإن كانت الولايات المتحدة تضع الصين التي عادت الحياة فيها بعد جائحة كورونا بخسائر بشرية واقتصادية أقل من خسائر ولاية واحدة في الولايات المتحدة أولى أولوياتها، فهذا لم يمنعها من إشغال إيران بطريقة متسارعة باستهداف عدة أهداف استراتيجية هامة بالنسبة لطهران (حليف بكين الأول في الشرق الأوسط)، وخطوة جديدة وغاية الخطورة في جولات الصراع الأميركي ـ الإيراني، وهي الحرب التي تدار بفكر الإنجيليين الأميركيين وبأيدي اليهود "الإسرائيليين".

فنحن أعتدنا على إستهداف حلفاء إيران في الاقليم، سواء حزب الله في لبنان وهو المستهدف الأول والأخير هناك من كل ما يصدَّر من أزمات إلى لبنان سواء كانت سياسية أو أقتصادية، أو استهداف القوات الداعمة للجيش السوري، وخنق دمشق أقتصاديا كل فترة بقانون جديد أخرها "قانون قيصر"، على أمل إستنزاف القيصر نفسه في سوريا قبل الأسد، أو ما ينتظر المقاومة في العراق بعد أول ضربة وجهها رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي للحشد الشعبي بناء على رغبة الأميركي، بعد أن أتبعت المخابرات المركزية أدوات جديدة كان أبرزها تحريك مجموعات إيرانية داخل إيران نفسها، بالتوازي مع سيل من الهجمات السيبرانية على طهران.

وأن كان ذلك حال الوضع ببحر الصين الجنوبي الذي تمر به أكثر من ثلث تجارة الشحنات البحرية العالمية عبر مضيق "بلقا" والتي تعادل 15 ضعف ما يمر بقناة "بنما" ونحو ثلاثة أضعاف ما يمر بقناة السويس من كميات نفطية خلال العام الواحد، والذي يحتوي على احتياطي نفطي مؤكد يبلغ نحو 10 مليار برميل، ونحو الف تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي لم تستخرج بعد، وهذا حال الخليج المشتعل بشطيه في إيران والسعودية، فيبدو أن مياه البحر المتوسط هي التي ستكون أكثر سخونة والأسرع إشتعالا.

وبعد أن أحبطت الولايات المتحدة وبريطانيا كل تحركات الرئيس الفرنسي ضد تركيا في أروقة الناتو، لم يعد التحرك الأميركي في ليبيا لمعاقبة حفتر على تعاونه مع الروس فقط، والحفاظ على أستمرارية حروب المنطقة، بل وإعادة مسلسل ثورات 2011 وإسقاط ما تبقى من جمهوريات عربية، وأستمرار تمزيق أوروبا من الداخل، وهي لحظة قد تنهي حياة ماكرون وميركل السياسية.

فماكرون ذهب لتحييد تونس عن دعم تركيا في ليبيا، بعد أن أستغل وضع قيس سعيد الصعب الذي أستشعر للمرة الأولى خطر أخطبوط الإخوان في تونس عليه، وتقدم بطلب لإنشاء قاعدة عسكرية فرنسية في تونس مقابل دعم أقتصادها المتهاوي.

وما كان تصريح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، عندما قال "أن حكومة الوفاق هي الحكومة الشرعية والمعترف بها دوليا"، إلا رداً على ماكرون وقيس سعيد الذي صرح بأن "شرعية حكومة الوفاق مؤقتة ولابد من إستبدالها"، كي تنسحب فرنسا من التدريبات البحرية المشتركة لدول الناتو بالبحر المتوسط المسماة بـ "حارس البحر"، قبل أن يصب ماكرون غضبه في تعليقه على تدخلات تركيا وإزدواجية بوتين في تعامله مع ليبيا.

ويلاحظ أننا لم نسمع حتى الأن أي تعليق جاد من الكرملين على توغل مرتزقة أردوغان في غرب ليبيا.

والأن تقدم التركي للامام، بعد أن حصد مليارات من مصرف ليبيا المركزي ومن أمير قطر، كي يستعد لما هو قادم، بعد أن وقع وزير الدفاع التركي مع حكومة الوفاق أتفاقية في 3يوليو/ تموز تفيد بضمان حماية مصالح تركيا في ليبيا وتتيح لتركيا التدخل العسكري المباشر، وإنشاء قوة عسكرية وقواعد تركية هناك، إلى جانب توفير حصانة للقوات التركية في ليبيا ضد أي ملاحقة قضائية، وتمنح الضباط الأتراك في ليبيا صفة دبلوماسية لضمان حصانتهم، ويأتي كل ذلك في ظل إستماتة مدير المخابرات التركية هاكان فيدان لتعيين الإرهابي خالد الشريف مديرا لمخابرات حكومة الوفاق، ولدمج المليشيات السورية التي طالبت واشنطن فايز السراج بتفكيكها .

ويبدو أن أردوغان أصطحب معه وزير دفاعه ورئيس أركانه في عداد الوفد التركي الذي ضم صهره وزير المالية، ومدير المخابرات للدوحة، كي يروا بأعينهم الوضع في الولاية العثمانية بالخليج العربي المسماة بـ "قطر" كي يطبقوا ذلك النموذج في طرابلس، فعاد أردوغان مع الوفد التركي من الدوحة إلى تركيا بعد زيارة لمدة يوم واحد فقط ماعدا وزير الدفاع ورئيس الأركان اللذين توجها الى طرابلس لتطبيق النموذج القطري بها.

خلاصة القول، ان المعركة الأن حول ليبيا وبالتحديد "سرت – الجفرة" وصلت بها الدبلوماسية إلى مراحلها النهائية المسدودة، كحال ملف "سد النهضة"، وأن لم يرتض كل الأطراف بوقف أطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، فحينها سنشهد أم المعارك في ليبيا، وربما تكون "سرت" ستالينجراد الليبية، فسد النهضة كان الهدف الأول والأخير منه إدخال مصر في حرب إستنزاف طويلة تبدأ في الحبشة وتنتهي في ليبيا، وعلى واشنطن إدراك تحذيرات يوسف العتيبة سفير الإمارات العربية المتحدة بها من نفاذ صبر الجيش المصري.

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل