مقالات مختارة
بهدوء شديد، ضرب وزير الاتصالات بالقانون عرض الحائط. ذهب منفرداً ليشارك في اجتماع لجنة الاتصالات النيابية التي عقدت اجتماعاً أمس، مدركاً أنه لن يخوض في النقاش المتعلّق بضرورة استرجاع قطاع الخلوي من عدمه. عبارته ردّدها مرات عديدة: لن أتحمّل مسؤولية استرداد القطاع، وتغيير طبيعته بحاجة إلى قرار مجلس الوزراء، أو إلى موافقة استثنائية. لم يهتم لما ينص عليه العقد مع شركتي زين وأوراسكوم. ولم يهتم لقرار مجلس الوزراء نفسه الصادر في 7 آذار الماضي. الأولوية للقرار السياسي، أو بشكل أدق للتغطية السياسية. وتلك بالنسبة إليه أهم من التغطية القانونية.
قرار مجلس الوزراء يشير إلى ما حرفيته: «قرر مجلس الوزراء السماح لوزير الاتصالات بتمديد عقدي إدارة شبكتي الهاتف الخليوي مع الشركتين المشغلتين، أي "الشركة المتنقلة للاتصالات" و"أوراسكوم تيليكوم ميديا"، وذلك لمدة تنتهي بتاريخ 31/12/2109». هذا يعني أن العقد ينتهي تلقائياً نهاية العام، لكنّ نصاً بهذا الوضوح لم يَعنِ شيئاً لوزير الاتصالات. راسل الشركتين في 31 كانون الأول، معلناً، نظرياً، نيّته استعادة القطاع خلال 60 يوماً، لكنه، عملياً، مدّد العقد إلى أجل غير مسمى، بمجرد ربطه الاسترداد بموافقة استثنائية يحصل عليها من رئاسة مجلس الوزراء. وفي السياق نفسه، كانت رسالته إلى رئاسة الحكومة، في 2 كانون الثاني، يطلب منها، "في غياب الحكومة، ونظراً لضرورة تسيير المرفق العام واستمرار خدمة قطاع الخلوي، الموافقة الاستثنائية بالسرعة القصوى على عدم تمديد هذين العقدين وإدارة الشركتين بطريقة مباشرة".
ببساطة شديدة، رفض الوزير تنفيذ عقد مبرم ومصادق عليه من مجلس الوزراء، من دون موافقة استثنائية، لكنه ذهب إلى تنفيذ قرار التمديد، بالرغم من أنه يتطلب قراراً من مجلس الوزراء. وبالرغم من موقفه هذا، وجد في اللجنة، التي سبق أن أوصت باسترجاع القطاع فوراً، من لم يتردد في إعطائه التبرير السياسي لفعلته. وهو ما فعله النائب نقولا صحناوي، على سبيل المثال، الذي أكد أن استرجاع القطاع لا يحتاج إلى أي موافقة تضاف إلى قرار مجلس الوزراء، وإلى مضمون عقد الإدارة، إلا أنه ذهب ليدعو إلى النظر إلى وضع البلد وانتظار الحكومة الجديدة لتقرر المناسب. والأمر نفسه أكدت عليه النائبة رولا الطبش أيضاً.
في محاولة لإقناع النواب بوجهة نظره، ذهب شقير إلى البحث في مصير الموظفين. وكان النقاش في اللجنة يتمحور حول: هل هم موظفو دولة أم قطاع خاص؟ وهل في حال استرجاع القطاع، سيتحولون إلى موظفي دولة؟ لكن هذا النقاش انتهى إلى ما تنص عليه المادة 31.6 من عقد الإدارة، أي "نقل عقد الموظفين إلى المشغّل الجديد أو أي جهة تحددها الوزارة". وبالتالي، فإن حقوق الموظفين لا تمس مهما كانت الجهة المديرة، وكما انتقل هؤلاء من "ميك 1" و"ميك 2" إلى الشركتين المشغّلتين يمكن نقلهم مجدداً إلى "ميك1" و"ميك2"، وهذا ما حصل على سبيل المثال في العام 2009 قبل تسلم "أوراسكوم"، وهذا ما حصل عندما تسلمت الدولة القطاع في العام 2002، علماً بأن كل موظفي الشركتين، باستثناء سبعة فقط متعاقدين مع الشركتين المشغلتين، يحصلون حالياً على رواتبهم من الدولة.
انتهى النقاش كما بدأ؛ أعضاء اللجنة يصرّون على موقفهم بضرورة استرجاع القطاع فوراً، فيما الوزير يصرّ، في المقابل، على رفض تسلّم القطاع من دون موافقة استثنائية، مقرّراً من عنده وهب "أوراسكوم" و"زين" نحو 40 مليون دولار سنوياً (قيمة العقدين زائد الحوافز)، علماً بأن التمديد الجديد، وإن كان لم يحدد بفترة زمنية، إلا أنه يُبقي الوضع على حاله منذ عام 2008 بالنسبة إلى "زين" ومنذ عام 2009 بالنسبة إلى "ألفا"> ففي ذلك الحين، وُضع العقد معهما، وجُدّد للمرة الأولى في 2012، قبل أن يُعاد تجديده سبع مرات أخرى انتهت في 31/12/2019، على ما أعلن رئيس اللجنة حسين الحاج حسن.
لجنة الاتصالات تطلب استشارة هيئة التشريع في عقد الخلوي
الخلاصة كانت إصرار اللجنة على موقفها المؤكد أنه بمجرد انتهاء عقدي التشغيل في 31/12/2019 "يصبح الاسترداد تلقائياً بموجب المادة 31 التي هي موجودة في العقد، والتي تتحدث بوضوح عن عملية الاسترداد عند انتهاء مدة العقد".
لكن مع ذلك، ولمزيد من التوضيح، تمَّ التوافق على الأخذ باقتراح النائب جهاد الصمد توجيه رسالة إلى هيئة التشريع والاستشارات، عبر وزير العدل، للإجابة عن سؤال: هل يحتاج قرار الاسترداد في ظل عدم تمديد الحكومة اللبنانية لعقدي التشغيل في 31/12/2019، الى قرار من مجلس الوزراء؟ الهدف من الطلب هو توخّي الدقة العملية وتعزيز الاقتناع القانوني، على ما أعلن الحاج حسن، في ظل اقتناع رئيس الجمهورية واللجنة بأن استرداد القطاع لا يحتاج إلى قرار من أحد. وهو الأمر الذي كان أشار إليه النائب ألان عون بقوله للوزير: لا تتوقع من رئيس الجمهورية شيئاً تحتاج إليه، فصلاحيتك تسمح لك باسترداد القطاع.
وقد ختم الحاج حسن مؤتمره الصحافي بالقول: "نحن لا صفة لنا لإعطاء قرار، نحن نصدر توصية، لكن توصيتنا لها قوة معنوية، ومعظم القوى السياسية اليوم أكدت موقفنا، ونأمل أن تتم الاستجابة لطلبنا".
إيلي الفرزلي ـ الأخبار