مقالاات مختارة
يعتقد كثير من المتابعين لتطورات المواجهة بين محور المقاومة والمعسكر الإسرائيلي بأنّ السيد حسن نصر الله والجنرال قاسم سليماني لديهما من المفاجآت الكثيرة والأسلحة السرية التي تجعل النصر على العدو هذه المرّة ليس فقط مُبهِراً بل وإعجازاً من إعجازات عصر الانتصارات، وقد يكون واحداً منها إخراج قوة طيران العدو من المعركة في الساعات الأولى من المواجهة…!
لنستمع الى أكبر وأقوى جنرالات “إسرائيل” في هذا السياق: “لا توجد حرب بلا خسائر، وأنا لا أستطيع ضمان حرب قصيرة (أن تستغرق الحرب وقتاً قصيراً)”. لذا فإنني “أنظر في عيونكم فرداً فرداً وأقول لكم: يجب الاستعداد لذلك. يجب علينا ان نستعدّ عسكرياً وعلى الجبهة الداخلية وذهنياً أيضاً”. (أيّ على صعيد الوعي الجمعي… بأن يكون المجتمع واعياً لحقيقة أنّ الحرب لن تكون قصيرة…).
“في الوقت الذي ستُشنّ فيه الحرب، بعد فشل كلّ الحلول، فإنّ الحرب المقبلة، سواء مع الشمال أو مع غزة، ستكون فيها كثافة النيران أو القوة النارية للعدو كبيرة جداً (The Intensity of firepower of the enemy will be great هذا هو التعبير الذي استخدمه باللغة الانجليزية)”.
وهذا يعني بلغة الميدان:
ستفتح عليكم أبواب جهنم ولن نكون (كجيش إسرائيلي) قادرين على حمايتكم…!
وهو كلام يُشتمّ منه انعدام الروح القتالية عند الجيش وتساقط المعنويات وقدرة التحمُّل عند جمهور الاحتلال. وهذه هي أوضح نُذُر الهزيمة دون حرب…!
الكلام الآنف الذكر هو لأعلى مسؤول عسكري في جيش الكيان الصهيوني..
وهو كلام كان قد أدلى به رئيس الأركان العامة الإسرائيلي، الجنرال أفيف كوخافي، يوم الخامس والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر في لقاء موسّع لمجموعة من الشخصيات العامة الإسرائيلية، المدنية والعسكرية والأمنية، بمناسبة إحياء الذكرى السنوية لرئيس الأركان السابق، الجنرال أمنون ليبكين شاحاك، وهو تصريح مليء بالشحنات العالية، حول الجيش الإسرائيلي واحتمالات الحرب او المواجهة العسكرية مع إيران.
ومن أهمّ ما جاء في هذا التصريح المطوّل ايضاً إضافة لما سبق هو:
1 ـ إنّ “جيش الدفاع الإسرائيلي” يستعدّ لمواجهة محدودة مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في الوقت الذي تواصل فيه “إسرائيل” العمل على مواجهة التغلغل الإيراني.
(كما ورد نصّاً، حسب موقع صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية، بتاريخ 25/12/2019).
2 ـ سوف نواصل العمل، بمسؤولية، ولكن كان من الأفضل لو انّ “إسرائيل” لم تكن الوحيدة التي تبذل الجهود لوقف إيران (يعني نفوذ إيران).
أيضاً، كما ورد بالنص.
3 ـ إنّ “جيش الدفاع الإسرائيلي” ينفذ عمليات علنية وسرية (ما ورد حرفياً هو: عمليات تحت الرادار/ أيّ سرية أو غير مكشوفة) لمنع العدو من الحصول على صواريخ دقيقة حتى لو أدّت تلك العمليات الى حافة المواجهة.
4 ـ أضاف قائلاً: “لن نسمح لإيران بالتغلغل في سورية والعراق”. وبالتالي فهو يعترف فعلياً (ورسمياً) بقيام سلاح الجو الإسرائيلي بتنفيذ كلّ الغارات الجوية التي تعرّضت لها أهداف في العراق وسورية طوال السنوات الماضية.
5 ـ وفي هذا الصدد نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، على موقعها الالكتروني،، بتاريخ 23/8/2019 تصريحاً لمصدر عسكري، رفض الإفصاح عن اسمه، جاء فيه أنّ استمرار “إسرائيل” بتنفيذ غارات جوية، ضد سورية والعراق، قد تفضي الى سحب القوات الأميركية من البلدين (يقصد بذلك انّ العمليات الإسرائيلية ستؤدّي الى ظهور مقاومة مسلحة في البلدين ضدّ الوجود الأميركي).
6 ـ لقد حصل، في السنوات الماضية، تغيّر في التهديدات، على كلّ الجبهات النشطة ضدّ “إسرائيل”… (أيّ تلك التي تواجه “إسرائيل”). فبينما لم يكن الوضع كذلك دائماً ازدادت التهديدات في الأشهر الأخيرة…!
ففي الوقت الذي لم تكن فيه إيران تشكل تهديداً داهماً في الماضي، فإنها أصبحت اليوم عدواً نشاهده ونتعامل او نتعاطى معه (المقصود عسكرياً طبعاً من خلال اتخاذ إجراءات ضدّ إيران مثل عمليات القصف الجوي ضدّ أهداف تقول “إسرائيل” إنها إيرانية في العراق وسورية)…!
وتابع كوخافي قائلاً: “إنّ إيران تواصل إنتاج الصواريخ التي تصل او بإمكانها الوصول الى الأراضي الإسرائيلية”، على حدّ تعبيره، كما “انّ الصناعات العسكرية الإيرانية أكبر بكثير من الصناعات العسكرية الإسرائيلية مجتمعة؛ الأمر الذي يتيح لها (أيّ لإيران) إنتاج المزيد من الصواريخ الدقيقة والأخرى بعيدة المدى التي تهدّد الجبهة الداخلية (الإسرائيلية)”.
وتقييمنا لكلام كوخافي هنا هو أنه يقول لجمهور الاحتلال بأنّ إيران قادرة عملياً على ضرب الجبهة الداخلية بقوة، ولن يكون الجيش الإسرائيلي او الصناعات العسكرية الإسرائيلية (ويقصد هنا قطعاً القبب الحديدية وما الى ذلك) قادرة على الدفاع عن تلك الجبهة. أيّ أنه يقول بكلمات أخرى: نحن ليست لدينا القدرة على مواجهة إيران…!
ما يعني إعلان هزيمة مسبقة حتى قبل الدخول في حرب رغم تبجّحاته وتبجّحات زملائه…
هذا وقد استطرد الجنرال كوخافي قائلاً “إنّ قوة القدس/ وحزب الله يمتلكان قبباً (قبب كهرومغناطيسية لا تخترقها الإشارات اللاسلكية او الألكترونية، وبالتالي لا يمكن للصواريخ المعادية إصابة المنشآت والأسلحة المحمية بهذه القبب او الخِيَمْ الكهرومغناطيسية) ضدّ التردّدات والإشارات اللاسلكية، وكذلك صواريخ مضادة للطائرات متطوّرة بإمكانها تهديد طائرات سلاح الجو الإسرائيلي…!
وعلى الرغم من ذلك فإنّ سلاح الجو الإسرائيلي يواصل نشاطه عبر “الشرق الأوسط”. يضيف كوخافي…
وتقييمنا لهذه النقطة التي يتحدّث عنها المسؤول العسكري الإسرائيلي الأبرز:
هو أنه يقول للمستمعين وللجمهور الإسرائيلي انّ سلاح الجو الإسرائيلي غير قادر على تدمير الأسلحة المعادية (أيّ الأسلحه الإيرانية وأسلحة حزب الله لأنها محمية بقبب كهرومغناطيسية يعرف العسكريون الإسرائيليون وغيرهم مدى فاعليتها في تأمين الحماية الكاملة للمنشآت العسكرية والمدنية.
وهي أهمّ سلاح حرب إلكترونية تعرفه التكنولوجيا العسكرية. ومن المعروف أنّ إيران لديها خبرات واسعة ومتقدمة جداً في مجال إنتاج هذا السلاح الدفاعي).
وعليه فإنه يرسم نتيجة أيّ مواجهه مقبلة، مع الإيرانيين واللبنانيين، ويبشر “الإسرائيليين” بفشل سلاح الجو “الإسرائيلي” من خلال وصفه بأنه غير قادر على تدمير صواريخ قوة القدس وحزب الله الدقيقة…
بكلمات أخرى فإنه يقول لهم:
إنكم مهدّدون من هذه الصواريخ ولا حماية لكم.
وهو بذلك يعلن خروج سلاح الجو الإسرائيلي من أية حرب مقبلة، سواء على الجبهة الشمالية او في أيّ مواجهة محتملة مع إيران مستقبلاً…!
يُضاف الى ذلك أنّ مثل هذا الأمر قد يمثل المفاجأة الاستراتيجية كذلك للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة إذا ما حصلت حرب إقليمية تشمل الجبهات كافة…!
فهل من قارئ دقيق لحالة “أزعر الحارة” الذي بدأ يتحوّل إلى نمر من ورق خارج معادلات صراع القوة!؟
أتى أمر الله فلا تستعجلوه.
بعدنا طيبين؛ قولوا الله…
محمد صادق الحسيني ـ البناء