أقلام الثبات
أواخر شهر أب من العام الحالي ، نفذّ الكيان الصهيوني عدواناً مزدوجاً ، الأول كان مسرحه منطقة عقربا الواقعة في إحدى ضواحي دمشق ، والثاني استهدف الضاحية الجنوبية في بيروت بطائرتين مسيرتين . والعنوان المستهدف في كلا الهجوم المزدوج كان حزب الله . يومها أراد نتنياهو من وراء هذا العدوان التوظيف في مسألتين ، الأولى الاستفادة إلى أعلى قدر ممكن في اتجاه تحسين حظوظه في الجولة الثانية من انتخابات " الكنيست " ، بعد أن فشل في الجولة الأولى من الحصول على الأغلبية التي تأهله تشكيل الحكومة في الكيان بشكل مريح . أما الثانية ، فهي محاولته البائسة في تغيير قواعد الاشتباك ، وكسر ما رسمته المقاومة وحزب الله من خطوط حمراء منذ هزيمة العدو في العام 2006 .
بالأمس أعاد نتنياهو المحاولة مرة ثانية ، من خلال العدوان المزودج على قطاع غزة ، الأول بعملية اغتيال جبانة ودنيئة سقط نتيجتها الشهيد القائد الجهادي بهاء أبو العطا من سرايا القدس ، وهو الموضوع على لائحة الاغتيال كرقم أول ، لما سببه للكيان من قلق ، نتيجة لدوره الريادي والمتميز في المقاومة ، حيث كان المسؤول عن إطلاق الصواريخ باتجاه الكيان الصهيوني سواء في عمق الكيان أو في المستوطنات الموجودة في غلاف قطاع غزة . وأما الثاني ، فاستهدف اغتيال القيادي أكرم العجوري من الجهاد الإسلامي ، في حي المزة في دمشق ، فسقط ولده معاذ وأحد المرافقين شهيدين . ولنفس الهدف الذي سعى إليه نتنياهو في العدوان المزدوج الذي نفذته آلة قتله الجبانة في أب الماضي مستهدفاً حزب الله في لبنان ودمشق .
في وجه المقارنة بين العدوانين ، نجد أن لا فارق بينهما سوى أن نتنياهو في العدوان الأخير أراد الهروب إلى الأمام وعلى عادته ، فهو يُدرك أن مستقبله السياسي والشخصي كفاسد ،شارف على الانتهاء ، فهو من جهة يريد أن يقطع الطريق على بني غانتس زعيم ما يسمى "أزرق أبيض" ، في التمكن من تشكيل حكومة برئاسته ، خصوصاً أن مباحثات تجري بين غانتس وليبرمان بخصوص تشكيل حكومة الكيان . ونتنياهو يعلم أن المهلة الزمنية لبني غانتس تنتهي يوم غدٍ الخميس ، فالذهاب إلى العدوان على غزة من خلال اغتيال القائد أبو العطا قد يوفر له فرصة في اتجاهين ، الأول النجاح في إقناع غانتس بضرورة تشكيل حكومة مصغرة لمواجهة المقاومة التي لم تتوقف صواريخها باتجاه عمق الكيان ، الأمر الذي تسبب في شلل شبه تام في كل مناحي الحياة في الأراضي الفلسطينية المحتلة . أما الثاني ، فالذهاب إلى جولة ثالثة لانتخابات " الكنيست " هو المخرج ، وبذلك يُطيل من عمر حياته السياسية ، ممنياً نفسه الفوز بأغلبية برلمانية تمكنه من تشكيل الحكومة .
اليوم المقاومة وبكل فصائلها وأذرعها العسكرية معنية أكثر من أي وقت مضى ، ألاّ تسمح لنتنياهو أن يحقق أهدافه السياسية والعسكرية والأمنية وما يسعى إليه ، وذلك من خلال مواصلة الرد على الجريمة النكراء سواء القطاع أو دمشق . ومنذ الساعات الأولى لرد المقاومة وحتى الآن المقاومة تحقق في الميدان ما تعمل عليه في شل الحياة داخل الكيان ، وهذا ما يخشى منه نتنياهو الذي بدأت الأصوات ترتفع في تحميله مسؤولية ما يتعرض له الكيان . فقد شددّ " تسفي يحزكيئيلي " المختص في الشؤون الفلسطينية عبر القناة الـ 13 في التلفزيون العبري ، أنه في جولات العنف الأخيرة خرجت إسرائيل مُنكسرة ، وبعد الاغتيال أكدت على ذلك . ووجه " يحزكيئيلي " كلامه لنتنياهو بالقول : " عندما هربت وأعلنت أنك لست بصدد التصعيد ، وتوجهت لمصر لكي تُقنع الجهاد الإسلامي وباقي التنظيمات بوقف إطلاق النار ، الأمر الذي يُدلّل على القلق والهلع والخشية من ردّ فعل حركة الجهاد الإسلاميّ " .