بين اتفاق الرياض وسد النهضة .. "صلة رحم" أميركية ـ فادي عيد وهيب

السبت 09 تشرين الثاني , 2019 10:03 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تدخلت واشنطن في الأيام الاخيرة لحل أزمتين من أعقد أزمات المنطقة بسبب تأثير كلٍ منهما على مستقبل اطرافها وعلى أمنهم القومي.

الازمة الاولى كان مخطط إستنزاف السعودية المسماة أعلاميا بـ "حرب اليمن" والازمة الثانية مخطط لوي ذراع مصر المسماة أعلاميا بمعضلة "سد النهضة".

فى الأولى تم عقد "اتفاق الرياض" وهو يبدو جيدا في صورته، بعد حضور كل من رئيس ما يسمى بالحكومة الشرعية عبد ربه منصور هادي (حليف السعودية) وهاني بن بريك نائب رئيس المجلس الإنتقالي الجنوبي (حليف الإمارات) الى العاصمة السعودية الرياض للتوقيع على الاتفاق وإنهاء الحرب بينهم أملا فى أعادة توجيه بوصلة المعركة ضد الحوثي فقط فى حال تجديد الأخير من هجومه على الاراضي السعودية،  وهو الاتفاق الذى تسعى من خلاله السعودية إلى إنهاء خلافها مع أبوظبي أولا، قبل أن تنهي الخلافات التى قد لا تنتهي حتى ولو عقد مئة اتفاق بين حكومة منصور هادي والمجلس الانتقالي، فلم يكسر أحد حكومة هادي عسكريا وسياسيا على الارض سوى قوات المجلس الإنتقالي، وأغلب من قتلوا من صفوف المجلس الإنتقالي كان على يد قوات حكومة منصور هادي، ولذلك الغضب سيختفي من أمام الشاشات لأيام ولكن سيبقى في الصدور دون أن يهدأ ولو بعد سنوات.

مشهد أتفاق الرياض لم يأت صدفة وكانت له تحضيرات كثيرة في الكواليس، ومازالت تلك التحضيرات مستمرة للذهاب لما هو أبعد من ذلك فى ظل سعي بعض الأطراف وفى مقدمتها الكويت (المغضوب عليها من الجناح الصهيوني سواء كان في تل أبيب أو واشنطن) لإنهاء الأزمة تماما بالتواصل مع الأصلاء لا الوكلاء وإنهاء الأمر مع إيران نفسها، ففي الأيام القليلة الماضية كان هناك لقاءات تعقد بين قيادات الحوثي والرياض في العاصمة العٌمانية مسقط برعاية واشنطن، وبالتزامن كانت هناك خطوط اتصال بين طهران والرياض عبر الكويت وباكستان وبرعاية واشنطن أيضا، وهي الخطوات التى تمت بين السعودية وايران مؤخرا بعد خطوات الامارات مع ايران التى تمت منذ شهور وليس بالتنسيق معها.

وهي الأتصالات التى تمت منذ شهرين فور إعلان مهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى في "أنصار الله" عن مبادرة وقف إستهداف الأراضي السعودية.

وعند الذهاب للرياض لحضور مراسم توقيع الاتفاق بدعوة من الأمير محمد بن سلمان، لم يفوت الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي الفرصة في توجيه رسائل بالجملة كعادته وبالتخصص، وإصطحب معه الشيخ زايد حمدان بن زايد ال نهيان وهو على كرسي متحرك بسبب اصابته البالغة فى حرب اليمن، وهو زوج الشيخة شما بنت محمد بن زايد وأحد أكثر شباب العائلة قربا من قلب الشيخ محمد بن زايد، في مشهد حمل رسائل سياسية بالجملة أولها التأكيد على درجة الحضور العسكري الإماراتي في اليمن، وأن أبناء شيوخها كانوا فى مقدمة صفوف الجيش الإماراتي فى اليمن كالشيخ زايد بن حمدان وأحمد بن سعود القاسمي وذياب بن محمد بن زايد وغيرهم، في الوقت الذى كان أبناء ما يسمى "الحكومة الشرعية"،

يصرفون أموال التحالف العربي للمضاربات ببورصات لندن وإسطنبول وشراء عقارات هناك وهناك.

أما فيما يخص الازمة أو المعضلة الثانية الخاصة بسد "النهضة الاثيوبي" فقد ذهب وزراء خارجية مصر واثيوبيا والسودان للجلوس مع ترامب، وقبل أن يتم ذلك انتقدت الصحف الأميركية القاهرة لتوقيعها على "أتفاق المبادئ لسد النهضة" في 2015، مدعية بأن واشنطن حذرت القاهرة حينها من خطأ التوقيع عليه.

وقبل أن يلتقي وزراء خارجية الدول الثلاث بترامب، كانت اول جملة على لسان وزير الخارجية السوداني للأميركيين نحن غير متضررين من "سد النهضة" وأمطارنا تكفي لسد أي عجز أن حدث عجز اصلا، فدعونا نتكلم عن رفع أسم السودان من قوائم الارهاب، بينما يسعى الأثيوبي إلى تحويل تلك المفاوضات كأي مفاوضات سابقة ولتحقيق نفس الهدف الا وهو كسب مزيد من الوقت لاتمام ما تبقى من مشروع السد.

الولايات المتحدة دخلت بثقلها فى ملف حرب اليمن بعد طلب سعودي بالتدخل، وكذلك بملف "سد النهضة" بعد أن طلبت مصر تدخل الرئيس دونالد ترامب أكثر من مرة، وأخشى الا يكون هناك رابح في كل ما سبق سوى واشنطن فقط.

اما السؤال الاهم والأخطر والذى يطرح نفسه وطرحته الصحف الاميركية والبريطانية علنا، ما هو المقابل الذى سيحصل عليه التاجر دونالد ترامب من الدولتين السعودية ومصر؟ خصوصا أن ترامب لا يقدم أي خدمات مجانية، هذا إن كان قدم أي خدمات للعرب أو الاوروبيين، بل كانت الإستخبارات المركزية تفتعل الازمات في دول، وتدفع بها إلى المستنقعات، كي يصرخ بعدها قادة تلك الدول طالبين النجدة من نفس المكتب البيضاوي بواشنطن،  و هناك سؤال أخر ،هو لماذا جاءت الصورة التى تجمع الرئيس الأميركي بوزراء خارجية دول مصر والسودان واثيوبيا بحضور جاريد كوشنر الراعي الاول لمخطط تصفية فلسطين المسماة إعلاميا "بصفقة القرن" وهو من ليس له أي صفة سياسية أخرى غير ذلك ؟

فهل أن مشروع سد النهضة أو مخطط لوي ذراع مصر له علاقة لتنفيذ مخطط "صفقة القرن"؟

أعتقد أن الاجابة أسهل من طرح السؤال نفسه.

فقرار طرح ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان أسهم شركة أرامكو للاكتتاب العام ليس ببعيد عن باقي قطع البازل التى إن جمعناها تتضح الصورة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل