أقلام الثبات
يقول مظفَّر قاسم حسين، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية ( الأمن الدولي)، عن سرّ انسحاب أميركا من سوريا : "إنسحبت أميركا من سوريا لتفتح ملفاً جديداً في الشرق الأوسط وهو لبنان، وتحديداً حزب الله، وحسب معلوماتي المؤكدة قبل عام، فإن ترامب أعطى وعداً لإسرائيل بتفكيك حزب الله حتى ولو كان ذلك على حساب خراب لبنان، ليكون اللبنانيون أمام خيارين لا ثالث لهما: إما لبنان أو حزب الله.. إنه فصلٌ جديد أمام الشرق الأوسط وتحدِّيات جديدة استعدوا لها".
ولمَن يُشكِّك بمعلومات الدكتور مظفَّر حسن، نُحِيله الى تصريح السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين الذي حذَّر من الفوضى الأميركية التي تستهدف لبنان، وذلك قبل أسبوع من بدء الحراك، ونُحيله أيضاً الى تصريح ترامب بعد بدء الحراك بثلاثة أيام: "ما يحصل في لبنان دليل نجاح عقوباتنا ضد حزب الله"، وأزمة اختفاء الدولار من الأسواق والمصارف، كان بداية لضغوطات البنك الدولي على المصارف اللبنانية بضغط أميركي.
كما ننصح بمطالعة الإعلام الإسرائيلي المواكِب لما يحصل على الأرض، والذي يعتبر أن أحداث لبنان الأخيرة أجدى لإسرائيل من شنِّ حرب على حزب الله، وبالتالي، لا نستبعد أن إندلاع 120 حريقاً على امتداد لبنان قبل الحراك بيومين وفي منتصف الليل، كانت خلفه تقنيات صهيونية.
بناء على ما تقدَّم، فإن عشرات الآلاف من اللبنانيين الذين نزلوا الى الساحات والشوارع، قد لا يكون مطلوباً منهم التيقُّظ، أنه بعد مرور اليوم الثالث من حراكهم، هناك جهات دولية وإقليمية وداخلية عميلة امتطت ظهورهم وأكتافهم، لأن هذا الحراك أثبت أن له عشرات الرؤوس، من الذي يُموِّل ويؤمِّن الخدمات اللوجستية والتجهيزات الميدانية، الى آخر قاطع طريق يتقاضى يوميته نهاراً مائة دولار أميركي وليلاً مائة وخمسون، وبما أن قُطَّاع الطُرق معروفة إنتماءتهم، من شكا مروراً بجبيل وذوق مصبح ونهر الكلب والرينغ والشفروليه وخلدة، صعوداً الى عاليه والشوف، ووصولاً الى مجدل عنجر وبرالياس، فلا حاجة بنا الى التعريف بعُملاء الداخل الذين يُديرون قطع الطرقات وقطع الطريق على الرئيس ميشال عون أن يحكُم لأنه حليف حزب الله والمقاومة، ولا عجب أن يكون جبران باسيل - بصرف النظر عن رأي البعض به - هو المستهدف الأول لأنه "إستفزازي"، سواء على منابر الجامعة العربية أو على المنابر الدولية كصوتٍ صارخٍ بإسم المقاومة، و"إستفزازي" في الداخل، عندما يقتحم مناطق لديها خصومة سياسية مع حزب الله ومع ميشال عون.
وإننا إذ نتبنَّى كل مطلب معيشي لبناني عبَّرت عنه صرخات لبنانية مُوجِعة، نأسف على حراكٍ بلا أفُق، وهؤلاء الذين يتباهون في الساحات أنهم يتظللون بالعلم اللبناني، ولا فرق بين سنِّي ومسيحي وشيعي ودرزي، نُذكِّرهم بأن عبارة "كلُّن يعني كِلُّن" يفسِّرها كلٌّ منهم على مزاجه، وإذا كان سقوط الحكومة قد فرمل الحركة الإقتصادية في البلد، فلا مجال لإعادة بناء دولة لو تم تحقيق "إسقاط النظام" على طريقة "الربيع العربي"، لأننا سنذهب الى "مؤتمر تأسيسي" يقضي على ما تبقى من ديموقراطية توافقية في بلد الثمانية عشر طائفة، ونغرق في فوضى على كل المستويات ويبدأ عضّ الأصابع في "حارة كل مين إيدو إلو"!