أقلام الثبات
فرصة فرضتها التطورات الأخيرة في المشهد الإقليمي ، بدءاً من اليمن ، وما شهدته منشأت النفط في السعودية من قصف لشركة أرامكو من قبل الطائرات المسيرة لأنصار الله والجيش اليمني ، وبالتالي الفشل الأمريكي في التهويل على إيران ودفعها إلى الهرولة لإستجداء مفاوضات مع إدارة الرئيس الأميركي ترامب . هذا أولاً ، أما ثانياً ، القلق الذي ينتاب الكيان الصهيوني من الحضور المتزايد لإيران في المنطقة ، عبر ما يسمونه أذرع إيران في العراق ولبنان وفلسطين واليمن ، والتي أصبح في مقدورها تهديد الكيان وعمقه بحرب الصواريخ . أما ثالثاً ، ما شهده ويشهده شمال شرق سوريا ، من انسحاب أميركي ، متخلياً عن التزاماته اتجاه الكرد هناك ، وعنوانهم ما تسمى قوات سوريا الديمقراطية " قسد " ، الأمر الذي اعتبره قادة الكيان وعلى الرغم من تطمينات وزير الخارجية الأميركي بومبيو ، الذي زار الكيان قادماً من تركيا ، أن إدارة الرئيس ترامب تصرفت بشكل غير مسؤول ، بل هي خيانة ، لا يمكن الركون أو التنبؤ بما قد يقدم عليه الرئيس ترامب ، الذي قد يخلي وينسحب من عموم المنطقة ، تاركاً الكيان إلى مصيره .
ما سبق يمثل مجموعة من التحديات الجدية التي يواجهها اليوم الكيان الصهيوني ، وما كان يركن إليه قادة الكيان منذ ما يسمى ب" الربيع العربي " ، بأن المنطقة بمجموعها أيلة إليهم عبر صفقات التطبيع ، والقضاء على محور المقاومة بعد إسقاط الدولة السورية كما كانوا يمنون أنفسهم . لكن الوقائع والتطورات جاءت لتعاكس هذه الرغبة وتلك الأهداف التي عمل عليها الكيان ومن خلفه الولايات المتحدة وجوقة الرجعية العربية المتحالفة معها . لتتحول تلك السياسات للإدارة الأميركية كابوسا يلاحق الكيان وقادته ومستوياته العسكرية والأمنية والحزبية .
هذه التحديات المقلقة للكيان تفترض بالسلطة الفلسطينية ورئيسها السيد محمود عباس تلفقها، ومن ثم العمل على قلب الطاولة بوجه الكيان من خلال الترجمة العملية لمجموع القرارات المتخذة بما فيها الخروج من اتفاقات " أوسلو " والتزاماتها الأمنية والاقتصادية . لأن ما يعانيه الكيان من مآزق وتحديات تمثل الفرصة المؤاتية والذهبية ، من أجل تعميق مأزق الكيان . وحتى لا تفهم أن الانتخابات القادمة التي دعا إليها رئيس السلطة هي محاولة لمد طوق النجاة لهذا الكيان . اليوم مدعوة السلطة إلى غضّ النظر عن إجراء تلك الانتخابات ، خصوصاً أنها تضرب بعرض الحائط موضوع إنهاء الانقسام عبر الرؤية التي تقدمت بها الفصائل الثمانية في قطاع غزة ، بما يُرسم عملياً الانقسام الجغرافي بين الضفة والقطاع إلى غير رجعة . هذا من جهة، ومن جهة ثانية وكأن هذه الانتخابات إعادة انتاج لشرعيات، استعداداً لاحتمال استئناف المفاوضات بينها وبين الكيان .