أقلام الثبات
لن نستبق التحريات والتحقيقات مع بعض مَن تمّ القبض عليهم مُتلبِّسين بإشعال الحرائق على امتداد لبنان، ولا تعليق على مَن هلَّلوا لحريق الشجر والبيوت والممتلكات، واستخدموا النيران الهائلة المُتصاعدة لتوجيه نيران حقدهم على عهدِ تسلَّم الدولة رماداً، ويحاول منذ ثلاث سنوات العمل بإيمانٍ وجهدٍ لإطلاق الفينيق اللبناني من بين الرماد، يُطفىء بحكمته حريقاً هنا ليواجه حريقاً هناك، وما بقي ملفٌّ تحت ذريعة الحقوق المطلبية إلَّا وأشعلوه بوجه فخامة الإطفائي القائد ميشال عون.
لن نقف على الأطلال ونبكي على الدُمَن، وحرائق تشرين هي حلقة من مسلسل حقارة لعملاء جبناء، أرادوها رسالة تشرينية لمن أحيوا 13 تشرين ويستعدون لإستحقاق 31 تشرين تاريخ انتهاء النصف الأول من ولاية فخامة الرئيس ميشال عون.
في 13 تشرين، لم ينطلق الوزير جبران باسيل من فراغ في سقف خطابه العالي بمواجهة الخَوَنة، سيما وأن الجماهير التي احتشدت في ساحة الحدت، جاءت لتقول نعم لفخامة القائد الساكن في بعبدا، وأيضاً لسماحة الجار الساكن في الضاحية، وهذا الحشد ليس تجديداً للعهد والوعد لهما فقط، بل لتأكيد الثقة بالقامتين الوطنيتين اللتين جمعهما "مار مخايل" في حلف إستراتيجيٍّ رؤيوي، بعيداً عن غوغائية هؤلاء الذين نزلوا الشارع في اليوم التالي ليُتاجروا بالناس بإسم لُقمة الخبز، وبعض زعمائهم اعترفوا أمام اللبنانيين على الشاشات أكثر من مرة وقالوا : "جميعنا سرقنا"، واللبنانيون يعرفون جيداً، أن الشعارات الحزبية المذهبية المُغلَّفة بتسميات عقائدية حزبية واهية لم تُبقٍ للمواطن كسرة خبز من فُتات موائد الباكوات.
والإستحقاق المتوجِّب على العونيين الذين أوقدوا شعلة 13 تشرين، أن يكون 31 منه ذكرى انتخاب فخامة الرئيس ميشال عون على رأس الجمهورية غصباً عن رؤوس البعض، ومُصادفة انتهاء النصف الأول من الولاية، والتيار الوطني الحر مرتاح الضمير، لأنه ليس هو الحزب الحاكم، بل هو على رأس الحُكم، وهو مُلزمٌ بأن يكون شريكاً مع فرقاء بصماتهم السوداء في الإجرام والسرقة والتزوير والعمالة وإحراق الوطن وأرزاق الناس، لا تٌمحى بثلاث سنوات من عهد الرئيس عون، لأنها ارتسمت بِعُمق في هيكل الدولة، التي يتظاهر بعض لصوصها اليوم كما قُطَّاع الطُرُق في محاولات يائسة لإفشال عهد "حليف المقاومة"، وكأننا بهم لا يريدون لميشال عون أن يحكم دولة أرادوها مزارعهم وكانتوناتهم ودويلاتهم مدى عقود، وراهنوا حتى على ما يُسمَّى الربيع العربي، وشاركوا في العدوان على سوريا لينتصروا في لبنان على المقاومة، فانهزموا بقساوة، وكل سموم هزائمهم الإقليمية يفرزونها اليوم على الساحة اللبنانية وبكل وقاحة.
يرى البعض أن الوزير جبران باسيل، قد شَرِب حليب السباع عند لقائه سماحة السيِّد حسن نصرالله قبل ساعات من خطاب 13 تشرين، لذلك جاء سقف خطابه عالياً، لكن خطابات الوزير باسيل سقوفها دائماً عالية، ومن حقه أن يضع أيقونة "مار مخايل" لرمزيتها اللبنانية الوطنية الشريفة، وهي تعطيه ثقة القرار الى جانب شجاعة السِّباع على المنابر الإقليمية والدولية.
ولأن الملفات اللبنانية الداخلية خاصة الإقتصادية منها المرتبطة بمكافحة الفساد، هي الضاغطة حالياً، فليطمئن العونيون، أن ما تحقَّق في السنوات الثلاث الماضية من عهد فخامة الرئيس هو مُرضٍ الى حدٍّ بعيد في كشف المستور من ملفات المزرعة، وأن الأجهزة الرقابية تعمل ضمن إمكاناتها، وجدِّية حزب الله بالتعاون مع التيار الوطني الحر في فتح هذه الملفات، والتشهير بأصحابها في حال لفلفتها قضائياً، مسألة لا تحتمل المزاح، خصوصا أن السيد نصرالله أخذ الأمر على عاتقه من جهة حزب الله، ومعالجة الوضع الإقتصادي تبدأ من تخفيف الأعباء التي يُشكِّل النازحون السوريون جزءاً كبيراً منها، وسيذهب باسيل الى سوريا سواء رضي المهزومون في سوريا أم تبرأوا من تغطية الزيارة رسمياً كما فعل الرئيس الحريري، الذي "يضرب عينه" على الإستثمار في إعادة إعمار سوريا دون التواصل مع سوريا!
كفانا مراهقة في السياسة، وإنكار ديكتاتورية الجغرافيا التي حرمت لبنان من الرئة الفلسطينية ما دام هناك احتلال صهيوني، وتحاول حرمانه من الرئة السورية وخنق اقتصاده إرضاء لأهل المكرمات والمعالف الخليجية، الذين بدأوا الإستعداد للزحف الى سوريا، و"مملكة المكرمات" ستكون أولى الواقفين التائبين على بوابة دمشق، والأيام القليلة القادمة آتية ...وعملاؤها في لبنان مهما حاولوا العرقلة ستنطبق عليهم مقولة : "لا بالشام عيَّدنا، ولا بدُمَّر لحقنا العيد"...