أقلام الثبات
انهى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جولته التي شملت السعودية والامارات بسلة اتفاقات في جوانب مختلفة على المستوى الاقتصادي والثقافي , والاهم على مستوى التعاون من خلال ميثاق سيكون على مشرحة الاختبار .
لا شك ان الزيارة الى السعودية جاءت خلاصة جهد روسي اشبه بالحفر بمسبار في معدن صلب نتيجة التراكم التاريخي من الرؤى المتناقضة على المستويات السياسية والاقتصادية ,وايضا الثقافية , وعدم قدرة السعودية , على التمرد على السطوة الغربية ولا سيما الاميركية في كل المفاصل ,-ان ارادت ذلك -والاهم الثروة النفطية المجيرة لصالح الولايات المتحدة من حيث وجود المحصول المالي للنفط في الخزائن الاميركية .
ان الجانب السياسي , سيكون دوما المؤشر الدليل باتجاه تطوير العلاقات وتناسقها , ولذلك فان للزيارة اكثر من بعد استراتيجي - وجيوسياسي في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة مع تراجع السطوة الاميركية في المنطقة واكتشاف العديد من الانظمة بعد شعوبها انهم كانوا ادوات في المشروع الاميركي القاتل ,ومن هنا يطرح السؤال الاهم المتمثل بقدرة ونية السعودية بالا تكون جزءا مركزيا في المشروع الذي عاث دمارا وتخريبا في المنطقة .
يفهم من الحفاوة الكبيرة بالرئيس الروسي ان هناك فرصة , لكنها غير مرتبطة بزمن , وغير مسبورة الافق , فيما يتعلق بتطوير العلاقات فعليا على الارض لتكون انعكاسا للخطابات الرنانة ,لتستوي الى مصداقية حقيقية في التعامل , فضلا عن القدرة المطلوبة من السعودية للمناورة في ظل الارتباط العضوي بالحركة الاميركية خصوصا.ولذلك فان عاملين اساسيين يمكن ان يؤشرا الى ذلك , وهما قطاعا التسلح والطاقة.
لا شك ان التعاون العسكري التقني بين روسيا والسعودية، لا يزال في مراحله الأولى، لكنه يمثل اتجاها واعدا لتعزيز العلاقات بين الدولتين.
أمّا ما يحد من التعاون العسكري التقني و حسب خبراء روس فهو عوامل إقليمية وعالمية. وهنا، لا بد من الإشارة إلى المواجهة الشديدة المستمرة بين السعودية وإيران، و هذا لا يمكن إلا أن ينعكس على ما تعرضه موسكو من منتجاتها العسكرية، على كل من السعوديين والإيرانيين. وهي، في الغالب، ذات طبيعة دفاعية، خصوصا في قطاع الدفاع الجوي والصاروخي.
أمّا من منظور عالمي، فالحواجز التي تحول دون تعاون عسكري تقني واسع النطاق بين روسيا والسعودية تحددها شراكة الرياض الوثيقة مع مورّدها الرئيس للأسلحة والمعدات العسكرية وحليفها السياسي العسكري في المنطقة، أي الولايات المتحدة.ومع ذلك،يرى الخبراء انه بالامكان توقع ديناميات إيجابية في موضوع شراء المملكة أنظمة الدفاع الجوي الروسية، وخاصة "تور- ام 2".
اما على مستوى النفط فهناك اختلاف رؤى حول سعر النفط , ويرى اصحاب الاختصاص أن ارتفاع أسعار النفط، مربح للسعودية. ففي حين أن سعر 65 دولارا للبرميل، بالنسبة لروسيا، مريح للغاية، فإن السعودية تحتاج إلى سعر لا يقل عن 80 دولارا,ولتعويض النقص في الأموال، قرر السعوديون إجراء اكتتاب عام على أسهم شركة النفط الوطنية أرامكو، أملا في وقف استنفاذ الاحتياطيات المالية بسرعة كبيرة. وكلما زاد سعر النفط، كان من المربح توظيف وجذب المزيد من الأموال بأسعار فائدة منخفضة.
وبعيدا عن الكليشهات السعودية بضرورة بناء الشراكة الاستراتيجية , فلا يمكن الاقلاع بعلاقات جدية قبل وضع حد للحرب على اليمن , وقدرة السعودية على التفلت من القبضة الاميركية .
اما على مستوى العلاقات الروسية - الاماراتية فهي افضل من العلاقات مع السعودية , والزيارة تجسيد لاتفاق الشراكة الاستراتيجية الموقع العام الماضي(2018), ولذلك فان التنسيق السياسي المميز والعلاقات الاقتصادية والعلمية والسياحية والفضائية كل ذلك أثمر العام الماضي عن إعلان الشراكة الاستراتيجية والتعاون بين البلدين إذ تنظر روسيا إلى الإمارات العربية المتحدة كما يقول بوتين " كأحد شركائنا الواعدين، والقريبين جدا، وليس من قبيل الصدفة أن نتوصل إلى توقيع هذه الوثيقة، فهذا يدل على نوعية، وطابع العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وروسيا الاتحادية".
الملفات المشتركة وفي مقدمتها الاقتصادية واحدة من بين أهم الملفات المهيمنة على الزيارة، بالنظر إلى حجم وثقل اقتصاد البلدين، إذ ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية عام 2018، بنسبة 21 بالمائة، مقارنة بعام 2017، بقيمة 3 مليارات دولار.بينما لم يصل مع السعودية الى مليار دولار
وتشهد السياحة الروسية إلى الدولة انتعاشاً ورواجاً وأصبحت الإمارات تشكل إحدى الوجهات المفضلة للسياح الروس الذين يتصدرون قائمة أكثر الجنسيات زيارة للدولة خلال السنوات الثلاث الماضية.
ويتجاوز عدد الشركات الروسية التي تعمل في دولة الإمارات 3 آلاف شركة، في حين تخطى حجم الاستثمارات الإماراتية في العديد من المشاريع الروسية حاجز 3.8 مليار درهم من خلال الصندوق المشترك بين البلدين.
لقد شكل إعلان الشراكة الاستراتيجية إطاراً مؤسساً لتطوير العلاقات الثنائية في مجالات التجارة والاقتصاد والمالية والاستثمار والثقافة والعلوم والتقنية، والفضاء .