فصول من مسيرة الليبرالية اللبنانية المتوحشة (2) ـ أحمد شحادة

الإثنين 07 تشرين الأول , 2019 01:38 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

منذ أواخر العام 1992، بدأ التورط باتفاق غير محسوب العواقب، ويتجاوز قدرات لبنان المالية، على كثير من المشاريع، ووصل الأمر بوزير الدولة للشؤون المالية إلى ابعد من ذلك، حين أعلن انه "لا يمكن للمصاريف الناجمة عن تمويل مشاريع الإنماء عن طريق القروض بالعملة الصعبة، أن تندرج في الموازنة، لأنه يجب أن يكون هناك مسبقا نظام محاسبة واحد في الادارة".

كان هذا التصريح مذهلا بأن يصدر عن رجل يفترض فيه أنه يحسن تحويل العملات الأجنبية إلى ليرات لبنانية، ويحسن تقدير مؤونة الفرق المحتمل للصرف، إلا إذا كان يتوقع انهيارا مفاجئا للعملة اللبنانية. (1)

وباعتراف وزير المالية نفسه بلغ الدين العام في كانون الثاني 1995مبلغ 4 مليار و987 مليون دولار، وفي كانون الأول 1996 بلغ 10 مليارات و 348 مليون دولار، أي أنه تضاعف خلال سنتين وألزم الدولة بفوائد تفوق مليار و 500 مليون دولار سنويا ليبلغ في تموز 1997، 14 مليار دولار، أي أن عجز الموازنة بلغ في نفس هذه الفترة 61 بالمئة، مما يعني أن خدمة الدين صارت تساوي مجموع المصاريف السنوية العادية للدولة، وهكذا تضاعف الدين العام الذي كان يقدر في تشرين الأول 1992، عند تشكيل حكومة الحريري بمليار و 300 مليون دولار أكثر من عشر مرات في أقل من خمس سنوات .

منذ نهاية العام 1992، كانت الطبقة السياسية والمصارف تحقق أرباحا خيالية على حساب الأقتصاد العام للبلد، لأنها في وضع يسمح لها من دون أي خطر جدي، بتحويل قسم كبير من ودائعها بالدولار إلى سندات خزينة بالليرة اللبنانية مع تحقيق أرباح هائلة ناجمة عن الفرق بين أسعار الفائدة على العملة الأميركية (من 6 إلى 8 بالمئة)، والفوائد على الليرة التي وصلت أحيانا إلى نحو 40 بالمئة، علما "أن المصارف تعلم يوما بيوم اسرار الدولة". (2) ص121

كل شيء كان مباحا، في ظل سلوك هائج نحو الخصخصة وحرمان الدولة من المداخيل الهامة، فالهاتف الخلوي، على سبيل المثال لا الحصر تملكه عام 1994 شركتان أو شخصان، وقبل أن يعمم الخلوي على الناس، تمكنت الشركتان من تكوين رأسمال هام، بتقاضي 500 دولار عن كل خط، قبل تشغيله، بينما بلغ ربح كل شركة سنويا مليار دولار أي نحو ملياري دولار، فيما لم تستفد الدولة بأكثر من 300 مليون دولار سنويا .

وهكذا .. كان وضع العائلات اللبنانية يتدهور اجتماعيا وإقتصاديا حيث تتمركز الثروة بين أيدي 2 بالمئة من اللبنانيين فقط .

فإلى فصول جديدة ..

 

(1) المال إن حكم - هنري إده ص 122

(2) المال إن حكم ـ هنري إده ص121

 

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل