أقلام الثبات
ليس مستبعداً أو غريباً، أن يرفض وزيران على رأس عملهما، وهما: جمال الجراح، ومحمد شقير، العضوين في تيار المستقبل المثول أمام النائب العام المالي علي إبراهيم، لوجود مخالفات قانونية وإهدار في المال العام في قطاع الاتصالات، نتيجة إخبار قدّمه النائب جهاد الصمد، في ضوء غياب ورشة إصلاحية حقيقية، ترسي قواعد بناء الدولة القادرة والفاعلة، لإجتثاث الفساد، ووقف الهدر، ولاتزال سياسة المحسوبيات، والمحصاصة الطائفية والمذهبية، حتى في السرقة والفساد، قائمة ومستمرة، وتحظى بغطاءٍ طائفيٍ، يكفل ديمومتها، ويؤمن لها المظلة المذهبية اللازمة لحمايتها، بدليل ما حدث في آذار الفائت، يوم احتمى الرئيس فؤاد السنيورة بالطائفة وبالفريق السياسي ليمنع أي مساءلة له بشأن كيفية إدارته للمال العام، حين كان وزيراً للمال ورئيساً للحكومة.
وسط هذه الأجواء المذهبية قد يدافع بعض الرأي العام عن إستعلاء رئيس حكومة أسبق ووزيرين على القانون والسلطة القضائية، لأنهم حاولوا إيهام جمهورهم، بأن استدعاء المدعي العام المالي، لشقير والجراح، لاستيضاحهما في شأن آليات العمل في وزارة الاتصالات، بالإضافة الى عمل شركات تشغيل قطاع الخلوي، ونقل المصاريف التشغيلية التي كانت على عاتقها إلى عاتق وزارة الاتصالات، ما سمح للوزير المختص بفرض توظيف مئات الموظفين والمحاسيب في هذه الشركات، أنه يأتي في إطار الكيد السياسي، ولكنه فعليا هو عمل قضائي بحت، فلم يقتصر على هذين الوزيرين، بل استدعي أيضاً الوزير السابق بطرس حرب، الذي لبى بدوره إستدعاء النائب العام المالي، وقال بعد إنتهاء الجلسة أنها كانت مريحة، وأنه وضع المعلومات التي بحوزته في تصرّف القضاء المختص، وأكد حرب أنه مع مبدأ المحاسبة، واضعاً نفسه بتصرّف القضاء.
إذا موقف شقير والجراح ضعيف، ولا استهداف سياسي لأحد، بل إن ما حصل هو عمل متراكم قامت به لجنة الإعلام والاتصالات للتدقيق في قطاع الاتصالات ككل ، وباتَ يتطلّب محاسبة المسؤولين عنه، وعلى القضاء أن يأخذ مجراه. ولكن الساسة في لبنان يحاولون دائماً، تسييس العمل القضائي، عندما يتهدد مصالحهم ومنافعهم، وحتى أزلامهم، وهذا غير مبرر على الإطلاق، والسؤال هنا، هل يأتي ً وضع حدٍ لموظف فاسد محظي بغطاء سياسيٍ في إطار الكيد اأيضا؟ كمثل رئيس قسم محافظة الشمال لقمان الكردي المحسوب على الأمين العام لتيار المستقبل أحمد الحريري، الذي يطلق الأضاليل لتغطية سمسراته، بدعم كاملٍ من رئيسه المباشر، بدليل دامغٍ، بعد إنتهاكه للقانون، لتغطية مخالفة شركة "ولكو" للدواجن، التي أقدمت بدورها ، على إقامة مزارع تابعة لها في منطقة كفريا في قضاء زغرتا، غير مستوفية للشروط القانونية، بحسب تقارير الخبراء الصحيين المعنيين في منطقة الشمال، وكلها موجودة في الدوائر المعنية في وزارة الصحة، وهي لا تبعد الا نحو 50 مترا، عن البيوت السكنية، وهذا الأمر موّثق، من المجلس الأعلى للتنظيم المدني، وبعد إطلاع وزير الصحة جميل جبق على ملف ولكو، إتخذ قراراً بوقف إنشاء المداجن المذكورة، وأبلغ المعنيين، خصوصاً دائرة الصحة في الشمال بتاريخ 26 أب الفائت والمحافظ رمزي نهرا، الذي عليه أن بيلغ بدوره قوى الأمن الداخلي، لوقف ولكو عن الإمعان في المخالفة، ولكن لم يكترث لقرار الوزير حتى الساعة، وبألتأكيد أن الشركة المذكورة، لم تبلغ بوقف الأعمال من قبل المعنيين. ويقول الكردي لأحد مسؤولي أحزاب الثامن من آذار: "إن إنشاء مداجن ولكو الجديدة، يحظى بغطاء أحد الوزراء السياديين". ولاريب أن عدم وضع حد للتجاوزات الخطرة المذكورة، بدأت تطرح السؤال: " هل ينفذ الكردي مهمةً موكلةٍ إلية بغطاء من مرجعيته السياسية؟ علماً أن اللواء الشهيد وسام الحسن، أمر عناصره باقتياد الكردي الى الى أحد الأفرع الأمنية وتأديبه على أفعاله وارتكاباته.
أما بالنسبة لأهالي كفريا المتضررين من هذه التجاوزات التي تتهدد سلامتهم وصحة أبنائهم، فلجأوا الى رئاسة الجمهورية، ووزارتي الدخلية والصحة، والقضاء المختص، والتفتيش المركزي، لرفع الضرر عن بلدتهم، ولكن حتى الساعة، تستمر ولكو بأعمال البناء، بتغطية كاملة من المحافظ الذي يرفض الامتثال لقرار وزير الصحة، وهذا برسم جميع المعنيين في السلطتين التنفيذية والرقابية.