أي تحرك عراقي لا يلغي مفاعيل "برايمر" لا يعول عليه ! ـ محمد دياب

الجمعة 04 تشرين الأول , 2019 12:32 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات 

ليس صدفة أن تأتي المظاهرات العراقية الصاخبة بعد الإعلان عن فتح معبر القائم في منطقة "بو كمال" بين سورية و العراق، بعد طول ممانعة و رفض أميركي لأي صلة أو وصل بين بغداد و دمشق .

لا شك، أن المظاهرات و التحركات التي انطلقت في بلاد الرافدين، ناتج عن الفساد الذي تأصل وترسخ منذ الغزو الأميركي عام 2003، الذي نصب الأميركي بول برايمر حاكما على تلك البلاد فأسس لكل المشاكل و الفتن المذهبية والأثنية وخلق خليطا عجيبا من التحالفات التي هيمنت على العراق و نهبت خيراته و ثرواته بالتفاق مع "اليانكي" الذي عمل في ذات الوقت على خلق و تغذية التنظيمات الإرهابية التى كان ينبتها كالفطر، بدءا من فلوت القاعدة وصولا إلى "داعش" ، ومابينهما من تغذية روح النفصال لدى مسعود البرزاني الذي كان يعمل بالتحالف مع الكيان الصهيوني وبدعم أميركي واضح لتقسيم العراق وتغذيته.

لقد تمكنت المقاومة العراقية أولا من إحباط الهيمنة المطلقة للأميركي على العراق، وإن لم توجه له الضربة القاضية على الطريقة الفيتنامية، وفي المرحلة اللاحقة تجسدت هذه المقاومة بالحشد الشعبي، والذي تمكن من هزيمة "داعش" التي كانت قد توسعت في السيطرة على أقسام واسعة من العراق انطلاقا من مناطق النفوذ الأميركي . كما تمكن العراق من هزيمة المشروع الانفصالي الكردي .

وعلى هذا النحو، جاءت أخر انتخابات عراقية فحملت توازنا سياسيا داخليا أنعكست إلى حد ما توازنا في السلطة، من خلال وصول فصائل واطراف معروفة برفضها للهيمنة الأميركية، وبعضها كان له دوره في مواجهة وقتال الاحتلال الأميركي، وساهم بنشاط في تجربة الحشد الشعبي التي هزمت "داعش" وفلول "القاعدة"، وبالتالي كان ذلك مؤشرا إلى بداية الفصول الأخيرة للهزيمة الحروب الأميركية على منطقتنا التي تتخذ اشكالا وألوانا مختلفة .

ثمة حقيقة لا بد من الإعتراف بها، وهي أن الناس يعانون من الفساد الذي استشرى، وسببه دائما هو الغطاء الكامل الذي وفره ويوفره الأميركي للفاسدين والسلطات الفاسدة من لبنان إلى العراق إلى المغرب العربي، وشمال افريقيا و إلى كل مكان في العالم، وبالتالي فمن حق الناس أن يعبروا عن سخطهم وان يتصدوا للفاسدين ، وأن يدافعوا عن حقهم في الحياة الحرة والكريمة ،مما بعني انه لا يصح بتاتا السكوت عن هذا الواقع الأليم والمرير تحت عنوان: عدم السماح للأميركي والرجعي العربي والصهيوني، الاستثمار في هذا الفساد واستغلاله لمصلحته ، وفرض خياراته الخطيرة والقذرة .

وبهذا فإن أي تحرك او تظاهر عراقي لمواجهة الفساد إذا لم يكن في رأس أولوياته المطالبة بإلغاء دستور بول برايمر وإلغاء القواعد الأميركية في بلاد ما بين النهرين وانهاء الشرعية عنها ،لا يعول عليه بتاتا .

ببساطة أيضا، فإن الخيارات الوطنية والقومية ،كما هي ملحة وضرورية لأن تكون في مواجهة المشروع الأميركي _الصهيوني _ الرجعي العربي، هي ملحة أيضا في معالجة حقيقية لجذور المشكلات المتفاقمة من قضايا التنمية والقضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المتردية التي ينفخ بها الحلف الشيطاني لفرض هيمنته وسطوته ،فالتنمية الحقيقية هي التي يكون أساسها الانسان ومن اجله وفي خدمته وتطوير حياته .

هذا هو التحدي الحقيقي أمام قوى محور المقاومة من ايران إلى العراق فسورية ولبنان وفلسطين واليمن والبحرين وحتى المغرب العربي وشمال افريقيا .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل