فصول من مسيرة الليبرالية اللبنانية المتوحشة (1) ـ أحمد شحادة

الإثنين 30 أيلول , 2019 12:50 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

في منتصف تسعينات القرن الماضي، حين بدأ الدين العام يرمي بثقله على الاقتصاد الوطني، مع عجز في الخزينة، حذرت أصوات لبنانية عديدة من هذه السياسة الجهنمية التي ستقود البلاد إلى الهاوية، جراء تنامي الدين وتفاقم عجز الخزينة.

يومها، طرحت الأصوات المحذرة من هذه السياسة الليبرالية المتوحشة، وفي مقدمها الخبير الاقتصادي الكبير الرئيس سليم الحص (أطال الله في عمره) من هذا النهج الذي يجعلنا كمن يلحس المبرد، والذي هو في أحد أوجهه استهداف للمقاومة وخدمة للعدو الاسرائيلي، خصوصاً أن تلك الفترة كانت تشهد ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة النوعية ضد العدو "الاسرائيلي".

ويلفت الاهتمام أن الأصوات المحذرة من هذا السلوك الإقتصادي أن من أهدافها جعل كلفة مقاومة العدو وتحرير الأرض مكلفة وغالية الثمن، وخصوصاً أن الأميركي لن يتحمل هزيمة العدو "الاسرائيلي".

لم يطل الأمر، حتى شعر الجميع بخطورة النهج الليبرالي المتبع، الذي حاولوا أن يزينوه بباريس واحد و2، والذي هو في حقيقته دين يتراكم على الدين العام، وإن كان بفائدة منخفضة، ولكنه في حقيقة الأمر، كان بداية لمسيرة من الدين العام الخارجي، بعد أن كان الدين في بداية تسعينيات القرن الماضي في معظمه داخلي ولا يتجاوز الملياري دولار.

وفي ظل النهج الليبرالي المتوحش الذي اعتمد منذ نهاية العام 1992، لم يتم بتاتاً تنمية قطاعات الانتاج كالزراعة والصناعة، لابل تم بواسطة السلطات الريعية والمحاصصة تدميرها لدرجة وصل الأمر بأحد وزراء الاقتصاد لأن يتساءل عن مبرر الاهتمام بالقطاع الزراعي، والتي ترافقت مع سياسة تثبيت سعر صرف الليرة، التي استفاد منها القطاع المصرفي فراكم أرباحاً فاحشة، جراء توظيفها في سندات الدين.

وإذا كانت السنتين الأولين من عهد الرئيس إميل لحود (1998 - 2000)، وضعت اللبنات الأولى للإصلاح المالي في ظل حكومة الرئيس سليم الحص، التي قررت استعادة الخلوي ووضعت أسس ضريبة القيمة المضافة ، "TVA"، لجم التدهور الإقتصادي الذي كان يسير بوتيرة متسارعة، وأمن مداخيل هامة للخزينة العامة تجاوزت الخمسة مليارات دولار، إلا أن تحالف المصالح الذي كان قد بدأ تشكيله مع بداية تنفيذ اتفاق الطائف، أنتج انتخابات العام 2000 التي اسقطت الرئيس الحص، وطوقت عهد الرئيس إميل لحود الذي وقف وحيداً مقاوماً لنهج الليبرالية المتوحشة والفساد، ومن الأمثلة الخطيرة على نهج تصفية القطاع العام ماطرح عن بيع قطاع الكهرباء بدولار واحد، فنكون بذلك نربح ملياري دولار، فكان أن تصدى الرئيس لحود لهذا الطرح الخطير، متسائلاً هل يمكن لمن سيأخذ قطاع الكهرباء أن يشتري قطاعاً خاسراً، ليتبين له أن الشاري سيكون شركة كهرباء باريس، فأفشل لحود هذا النهج الخطير والمدمر.

ولنا عودة إلى مزيد من التفاصيل في سلوك محاولة تصفية القطاع العام وخنق الحركة النقابية.

.. يتبع الاثنين المقبل


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل