الثبات ـ مقالات مختارة
ساهمت الأسلحة المتدفقة من الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوروبية في إطالة أمد العدوان على اليمن، المستمر منذ أكثر من 4 سنوات، وتسبب بدمار هائل وسقوط آلاف الضحايا من المدنيين.
ومع استمرار عدوان التحالف السعودي الإماراتي، منذ مارس 2015، تصاعدت المطالبات بفرض حظر على بيع السلاح إلى الرياض وأبوظبي، في حين لا تزال الدول المصدرة للسلاح تتجاهل كل تلك المطالبات.
ومؤخراً انتقد تقرير أصدره فريق الخبراء الأممي المعني برصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن الدول والأطراف التي تبيع الأسلحة لأطراف الصراع باليمن، وخصوصاً الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا، وهو ما اعتبر استمراراً لدعم العدوان؛ لبيع مزيد من الأسلحة.
تقرير أممي يفضح بائعي الأسلحة
في الثالث من سبتمبر الجاري، قال الفريق الأممي المعني بالانتهاكات في اليمن إن أمريكا وفرنسا وبريطانيا ربما شاركت في جرائم حرب باليمن؛ من خلال تقديم العتاد والمعلومات والدعم اللوجستي للتحالف العسكري بقيادة السعودية.
واتهم التقرير التحالف بقتل مدنيين في ضربات جوية، وحرمانهم من الطعام عن عمد في بلد يواجه خطر المجاعة.
وأضاف التقرير: "مشروعية نقل أسلحة من جانب فرنسا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة ودول أخرى لا تزال موضع شك، وهي موضوع العديد من الإجراءات القضائية في المحاكم المحلية".
تحذيرات أممية
وحذرت ميليسا باركي، عضوة الفريق الأممي المكلف برصد انتهاكات حقوق الإنسان باليمن، كلاً من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا من مغبة الاستمرار في تسليح أطراف الصراع اليمني، وخصوصاً السعودية والإمارات، مطالبة بوقف تسليحهم بشكل فوري.
كما حذّرت، في تصريحات نقلتها عنها وكالة "الأناضول"، في السادس من سبتمبر الجاري، من أن "استمرار تلك الدول في تأمين السلاح لقوات التحالف العربي قد يجعلها مسؤولة عن جرائم الحرب وانتهاكات قانون حقوق الإنسان الدولي باليمن".
وأكدت أن هناك مدنيين قتلوا جرّاء الغارات الجوية التي تشنها السعودية والإمارات، مشيرة إلى أن "الدولتين تجران البلاد إلى المجاعة من خلال تعمد حرمان المدنيين من الطعام".
وقالت إن الأرقام الرسمية باليمن تشير إلى أن أعداد القتلى من المدنيين الذين سقطوا جرّاء الحرب تقترب من 10 آلاف قتيل، مؤكدة أن "هذه الأرقام لا تعكس الحقيقة بأي حال من الأحوال".
أمريكا أكبر المساهمين بالحرب
أبرمت الولايات المتحدة صفقات لا تقل قيمتها عن 68.2 مليار دولار لتوريد أسلحة نارية وقنابل وأنظمة أسلحة وتقديم التدريب العسكري مع السعودية والإمارات، منذ بداية عدوانهما على اليمن وحتى أبريل الماضي، وهو ما تزيد قيمته بمليارات الدولارات عما أعلن عنه سابقاً.
وبحسب موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، يشمل هذا المبلغ الهائل، للمرة الأولى، صفقات أسلحة تجارية وحكومية، ويشير إلى أنَّ تورط الولايات المتحدة في هذه الحرب الكارثية قد يكون أكبر من المتوقع.
في حين نقل الموقع عن مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية قوله إنَّ القيمة الإجمالية لمبيعات الأسلحة الأمريكية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، منذ شهر مارس 2015، بلغت نحو 67.4 مليار دولار.
ومن خلال جمع الأرقام من الصفقات الحكومية والتجارية فإنَّ الأرقام الإجمالية تظهر أنَّ الولايات المتحدة قد وافقت على أسلحة وتدريب إلى السعودية تزيد قيمتها عن 54.1 مليار دولار، وما تفوق قيمته 14 مليار دولار إلى الإمارات، منذ تدخل التحالف في الحرب.
ورغم وقوف مشرعين أمريكيين ضد بيع أسلحة للسعودية والإمارات، فإن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، استخدم الفيتو ضد كل القرارات التي اتخذها مجلسا النواب والشيوخ الأمريكيان، ورفض اتهام الرياض وأبوظبي بارتكاب جرائم باليمن.
فرنسا تساهم في قتل اليمنيين
في منتصف أبريل الماضي، نُشرت مذكرة استخبارات صادرة في باريس؛ أكدت أن أسلحة فرنسية تستخدم في النزاع اليمني، في معلومة نشرتها مجلة استقصائية فرنسية تتعارض مع الرواية الحكومية الرسمية في هذا المجال، التي أنكرت وجود أسلحة فرنسية داخل اليمن، وقالت إنها موجودة في الحدود السعودية مع اليمن فقط.
وصدرت هذه المذكرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية، وأرسلت إلى الحكومة الفرنسية في أكتوبر 2018، وحصلت عليها مجلة "ديسكلوز" الاستقصائية الجديدة، وهي تظهر أن أسلحة فرنسية تُستخدم على الأراضي اليمنية من جانب الرياض وأبوظبي.
وفي نوفمبر 2018، كانت الدبابات الفرنسية في قلب معركة الحديدة "التي أوقعت 55 قتيلاً مدنياً بحسب منظمة "أكليد" غير الحكومية الأمريكية، وفق معلومات مجلة "ديسكلوز" التي طابقت المذكرة الاستخبارية مع صور ملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية وتسجيلات مصورة.
وفي الجو جاء في المذكرة أن طائرات ميراج 2000-9 "تعمل في اليمن"، أما جهاز توجيه الغارات الفرنسي "ديموكليس" (تاليس) "فقد يكون مستخدماً" في هذا النزاع أيضاً، بحسب مديرية الاستخبارات العسكرية الفرنسية.
وفي البحر أظهرت المذكرة أن سفينتين فرنسيتي الصنع "تشاركان في الحصار البحري" الذي يعيق تموين السكان بالمواد الأساسية اللازمة، وتسهم إحداهما "في مؤازرة العمليات البرية على الأراضي اليمنية".
قنابل بريطانية في جرائم حرب اليمن
تشير التقارير الصحفية إلى أن صادرات الأسلحة البريطانية للسعودية تقدر بنحو خمسة مليارات دولار، منذ بداية حربها في اليمن، التي حصدت أرواح آلاف المدنيين في مختلف أنحاء البلاد.
وأضاف تقرير لصحيفة "إندبندنت" البريطانية، في 22 يوليو الماضي، أن هناك أدلة بحوزة منظمات حقوقية تؤكد وجود قنابل بريطانية الصنع في مسرح جرائم الحرب التي ارتكبتها السعودية بحق المدنيين في اليمن.
وتوضح الصحيفة أن الإمارت، الشريك في التحالف الذي تقوده السعودية في حربها باليمن، أدرجت كراعٍ بلاتيني في موقع معرض للسلاح سينظم بلندن، في سبتمبر الجاري، برعاية وزارة الدفاع البريطانية.
وستشهد شركات تصنيع الأسلحة تسويق منتجاتها للوفود الدولية من السعودية، في حين سيكون للإمارات جناح خاص في المعرض.
ويضيف التقرير أن الحكومة البريطانية أوقفت منح تراخيص جديدة لتصدير السلاح إلى السعودية وشركائها في التحالف؛ بعد حكم أصدرته محكمة الاستئناف اللندنية، في شهر يونيو الماضي، يقضي بعدم قانونية تراخيص بيع الأسلحة البريطانية للسعودية.
أموال بيع السلاح البريطاني تفوق المساعدات
وتقول صحيفة "أوبزيرفر"، في تقرير لها في 8 سبتمبر الجاري، إن لندن حصلت على عائدات من تجارة السلاح إلى السعودية ودول التحالف الأخرى في الحرب على اليمن ثمانية أضعاف ما أنفقته لمساعدة المدنيين اليمنيين الذين وجدوا أنفسهم وسط الحرب.
ووصفت الصحيفة، نقلاً عن ناشطين، نهج بريطانيا هذا القائم على زيادة صفقات السلاح وتقديم المساعدات الرمزية بأنه "غير متناسق"، ويذكر التقرير أن أعضاء آخرين في التحالف اشتروا أسلحة بريطانية منذ عام 2015؛ وهم الكويت والبحرين ومصر والأردن والسنغال والسودان.
وحسب تقرير لمنظمة أوكسفام فقد قدمت بريطانيا خلال خمسة أعوام 770 مليون جنيه إسترليني على شكل مساعدات غذائية وطبية ومعونات أخرى لليمن، بشكل جعل اليمن سادس دولة تتلقى المعونات البريطانية، إلا أن بريطانيا حققت في الفترة نفسها مبيعات أسلحة للدول المشاركة في التحالف بـ6.2 مليارات دولار.
كما يتهم التحالف الذي تقوده السعودية بقتل ثلثي اليمنيين الذين قتلوا في هجمات مباشرة منذ العام 2015، ويقدر عددهم بنحو 11.700 مدني.
ويختم التقرير بما قالته أوكسفام بأن "ما يدفعه التحالف بقيادة السعودية يعد جزءاً بسيطاً من الثمن الحقيقي، إذ إن التكلفة الأساسية يدفعها ملايين اليمنيين الذين اضطروا إلى الفرار من ديارهم، ومواجهة نقص الغذاء والدواء والخدمات الصحية".
المصدر: وكالات