الثبات ـ إسلاميات
رُبِط تاريخنا بقيمة ولم يُربَط بحَدَث، فالحدث معنىً، والقيمة تتجدَّد، ولعلَّ قيمة الهجرة من أرقى القيم وأعظمها، هي ـ في أصلها ـ معاناة من أجل الخير والإنسان والسَّلام والأمان والمبدأ الحق.
وتتجلَّى المعاناة في الانتزاع والانخلاع من مكان هو الوطن والمأوى والمرتع إلى مكان مجهول، لكن المهاجر إن كان مخلصاً وفياً في هجرته تحوَّل المكان المجهول إلى مكان موعود مأمول مضمون، وتحوَّلت قيمة الهجرة من هجرة مكان إلى مكان، لتغدو قيمة معنوية، فلا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية كما ورد عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
وأبعاد الهجرة المعنوية: مجاهدة ومصابرة وارتقاء، ..
هيا إليها من خلال أمثلتها:
هيا إلى الانتقال من حيادية نحو الوطن إلى حب وافتداء وبذل وعطاء، ومن تعصُّب وتزمُّت وعنف في الدين إلى موضوعية وتيسير ورحمة وإيغال برفق، ومن تدمير وتخريب إلى بناء وإعمار، ومن فساد ذات البين إلى صلاح ذات البين، ومن كراهية وشحناء فيما بيننا إلى محبة ولقاء وتعارف وتعاون.
أحبتي سنعيش الهجرة المعنوية تقدُّماً ملحوظاً يوماً بعد يوم في مجال العلاقة مع الله ومع الإنسان ومع الوطن ومع الكون كله، ومع أنفسنا أولاً وأخيراً.