الثبات - إسلاميات
"مِمَّا يَدُلُّك على وجود قَهْرِهِ سبحانه أنْ حَجَبَك عَنْهُ بما ليس بِمَوْجُودٍ معه"
نواصل الابحار في بحر الحكم العطائية، وهي مجموعة من الكلام البليغ لأوسع المعاني بأقل العبارات مستخلصة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم تتحدث عن تزكية النفس والارتقاء بها في مدارج الكمال والسمو.
يقول الإمام أحمد بن عطاء الله السكندري ـ رحمه الله ورضي عنه: "مِمَّا يَدُلُّك على وجود قَهْرِهِ سبحانه أنْ حَجَبَك عَنْهُ بما ليس بِمَوْجُودٍ معه".
من أسمائه سبحانه وتعالى القهار، ومن مظاهر قهره احتجابه في ظهوره، وظهوره في بطونه، وبطونه في ظهوره، كيف يتصور أن يحجبه شيء و هو الذي أظهر كل شيء سبحانه وتعالى.
ومما يدلك أيضاً على وجود قهره سبحانه، أن احتجب بلا حجاب وقرب بلا اقتراب، بعيد في قربه، قريب في بعده، احتجب عن خلقه في حال ظهوره لهم، وظهر لهم في حال احتجابه عنهم، فاحتجب عنهم بشيء ليس بموجود وهو الوهم، والوهم أمر عدمي مفقود، فما حجبه إلا شدة ظهوره، وما منع الأبصار من رؤيته إلا قهارية نوره، فتحصل انفراد الحق بالوجود، وليس مع الله موجود.
قال تعالى: {ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد}.
وقيل في هذا الإحتجاب ..
الخلق خلقكم والأمر أمركم ... فأي شيء أنا لكنت من ظلل
ما للحجاب مكان في وجودكم ... إلا بسر حروف أنظر إلى الجبل
أنتم دللتم عليكم منكم ولكم ... ديمومة عبرت عن غامض الأزل
عرفتم بكم هذا الخبير بكم ... أنتم هم يا حياة القلب يا أملي