الممحاة السعودية و .. الحبر الإيراني

الجمعة 15 شباط , 2019 10:47 توقيت بيروت لـبـــــــنـان ,أقلام الثبات

الثبات ـ مقالات

فيما كان لبنان الرسمي ومعه القوى والاحزاب الحليفة للمقاومة، منشغلون باستقبال وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الايرانية محمد جواد ظريف، إذ بالمملكة السعودية تعلن عن ارسال موفد لها الى لبنان، هو المستشار في ديوانها الملكي نزار العلولا.

صحيح أن العلولا سارع في مطار بيروت إلى القول أن "المسار الإيراني مختلف تماماً عن المسار السعودي ولا تنافس أو تعارض بينهما. وأن الزيارة مرتبطة بتشكيل الحكومة". إلا أنه إستدرك ليقول إن "أكثر من عشرين إتفاقاً بين السعودية ولبنان إنشاء الله، كلها ستتفعل".

هذا التحرك السعودي وفي هذا التوقيت، دفع المتابعين إلى إعتباره محاولة لقطع الطريق على أي قبول لبناني للمبادرة الإيرانية التي حملها وزير خارجيتها جواد ظريف إلى بيروت؛ والتي تجاوبت مع إعلان ألأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن إستعداد إيران لمساعدة لبنان في الملفات التي يعاني منها وانه مستعد للسفر إلى طهران للطلب من "إصدقائه" الإيرانيين تلبية هذه الحاجات اللبنانية ، التي تتمحور بين خدمات البنية التحتية مثل تأمين الكهرباء والسدود المائية، إنشاء الطرق والأنفاق والجسور، مد شبكة "مترو" في العاصمة والصرف الصحي؛ وبين القضايا الإجتماعية والصحية كالإسكان وتأمين الأدوية؛ وصولاً إلى تسليح الجيش اللبناني ليصبح كما قال نصرالله "أقوى جيش في الشرق الأوسط".

هذا العرض على ضخامته وحيويته، جعل كثيراً من المراقبين والسياسيين يعتبرون أنه غير قابل للصرف من الجهة اللبنانية، التي تعتمد وبشكل إستنسابي حجة "النأي بالنفس" للهروب من مبادرات أو إستحقاقات تحرجها مع الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض علنا حصول لبنان على مساعدات إيرانية وفي المقدمة تسليح جيشه، خصوصاً أن واشنطن تشترط في ما تقدمه للجيش اللبناني من أسلحة قديمة وذخائر، أن لا تستعمل ضد العدو الإسرائيلي. ناهيك عن أن أي مساعدة عمرانية أو تنموية إيرانية يمكن أن تقدم إلى لبنان، تعتبر قطعاً لارزاق المستثمرين والمتعهدين الفاسدين الذين تعودوا على السمسرة والهدر وعلى قبض ثمن المشاريع التي يتولونها أكثر من مرة وباضعاف مضاعفة عن كلفتها الحقيقية.

السبب الأخر الذي ربطت لأجله زيارة العلولي بزيارة ظريف، هو تزامنهما مع مؤتمر "وارسو" الذي أرادت منه الولايات المتحدة إنشاء تحالف عالمي، جوهره عربي –"إسرائيلي" لمواجهة إيران في المنطقة. والقول أن السعودية كتابع إقليمي للأميركي موجودة في لبنان؛ وأن الساحة غير خالية لإيران وحلفائها. إلا أن هذا التحرك ذاته، قدم إعترافاً بجدوى التحرك الإيراني وفائدته للبنان، فالعلولا الذي تبين أن أهم بند في زيارته لبيروت كان حضور إحتفال "تيار المستقبل" وحلفائه بذكرى إغتيال الرئيس رفيق الحريري واللقاء مع بقايا جبهة 14 أذار، لم يجد بداً من تقديم شيء للبنانيين، فالممحاة السعودية، كما اسماها البعض، لم تنفع في محو الحبر الإيراني وفي وقف مفاعيل وارتدادات العرض المقدم منه، فاضطرت إلى تقديم "مكرمة" للبنان، حيث كلف العلولا سفير المملكة في بيروت وليد البخاري الإعلان عن تراجع المملكة عن قرارها السابق بحظر سفر رعاياها إلى لبنان. ومن يعمل لمصلحة لبنان لن يجد ضرراً في قبول المساعدة، أكانت من إيران أو من الرياض، خصوصاً ما لم تربط بأي شروط.

 

عدنان الساحلي


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل