مؤتمر وارسو ورسائله النارية .. النتيجة تعكس ضعف حلف واشنطن

الخميس 14 شباط , 2019 11:51 توقيت بيروت دولــي ,أقلام الثبات

الثبات ـ مقالات

ليس عبثاً أن يعقد في العاصمة البولندية مؤتمراً، يطلق عليه اسم "مؤتمر وارسو"، فللاسم دلالته، ذلك لأنه في هذه المدينة انطلق في 14 ايار 1955 "حلف" أو "معاهدة وارسو" الذي ضم دول المعسكرالإشتراكي بقيادة الاتحاد السوفياتي، للوقوف والرد ومواجهة التهديدات التاتجة من حلف شمال الأطلسي، "الناتو"، واستطاع "حلف وارسو" طوال فترة الحرب الباردة حتى الام 1991، أن يقف في مواجهة التهديدات العسكرية والتوسعية لـ "الناتو" بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

ورغم قيام حلف الناتو باهدافه الاستعمارية والتوسعية،إلاّ أنه ظل على الدوام منذ قيام الكيان العنصري الصهيوني، ينشئ أحلافاً تابعة له، تركز على تطويع منطقة الشرق الاوسط في خدمة حماية الكيان العنصري في فلسطين المحتلة.. وهكذا نشأ عام 1947 حلف الدفاع المشترك بزعامة واشنطن وعضوية بريطانيا وفرنسا، وجرى العمل من خلاله لضم دول المنطقة إليه تحت ذريعة توحيد جهود الدفاع لمواجهة "الخطر الأحمر" ولكنه في حقيقة الأمر كان يهدف لدمج "الكيان العبري" بدول المنطقة.

ولما فشل هذا  المشروع، كان المشرع البديل "حلف بغداد" عام 1954، الذي تحطم بقيام ثورة 14 تموز في العراق عام 1958، فقام على انقاضه حلف السنتو، الذي ضم حينها من بقي من حلف بغداد، "تركيا، ايران، باكستان"، وبعدها كان "مشروع ايزنهاور" عام 1957 لتطويق "مصر جمال عبد الناصر" وتوفير كل سبل الحماية والدعم "للكيان العبري" في فلسطين المحتلة.

وإذا كانت هذه المشاريع الاستعمارية وما نشأ بعدها، مثل "حلف الإسلامي" الذي ارادته السعودية بعيد حرب عام 1967، لتكريس الهزيمة، لم يكتب لها النجاح والاستمرار، لكن يبدو واضحاً اليوم أنه من خلال "مؤتمر وارسو" أن غايته الأهم دمج "الكيان الصهيوني" في المنطقة وتسليمه الرعاية، بموافقة خليجية واضحة، عبر عنها رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو، الذي اعترف بأن هذا المؤتمر هدفه هو ايران، معتبراً في تصريح له من وارسو: أن "المؤتمر فرصة" للعمل مع الدول العربية لتعزيز "المصلحة المشتركة" في الحرب على إيران.

وقال نتنياهو إنه سيجتمع في وارسو مع ستين من وزراء الخارجية ومبعوثي الدول من جميع أنحاء العالم "ضد إيران".

وأضاف "المهم في هذا الاجتماع -وهو ليس سراً، لأن هناك الكثير من هذه الاجتماعات- هو أنه لقاء مفتوح مع ممثلي الدول العربية الرائدة التي تجلس جنبا إلى جنب مع إسرائيل من أجل تعزيز المصلحة المشتركة الحرب مع إيران".

لقد جاءت تصريحات نتنياهو عقب اجتماعه بوزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي، وقال في مستهل اللقاء "يسرني الالتقاء بكم مرة أخرى، القرار الشجاع الذي اتخذه السلطان قابوس بدعوتي إلى زيارة السلطنة يحدث تغييرا في العالم، إنه يمهد الطريق أمام أطراف كثيرة أخرى للقيام بما تفضلتم به، أي الامتناع عن التمسك بالماضي والمضي قدما نحو المستقبل".

وأضاف "أطراف كثيرة تحذو حذوكم، بما فيها أطراف توجد هنا في المؤتمر، أشكركم على هذه السياسة الإيجابية التي تتجه نحو المستقبل والتي قد تؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار لصالح الجميع"، واعترف بلقاء علني سيعقده مع عادل الجبير وبكثير من اللقاءات الأخرى سرية وعلنية.

ولاقاه الأميرالسعودي خالد بن سلمان بالمبايعة باعلان العداء لطهران عبر تغريدة اشار فيها الى ان "بلاده تنضم إلى 70 دولة من مؤتمر وارسو لمواجهة التحديات خصوصاً ايران، التي وضفها بـ" الراعي الأول للإرهاب".

التصريحات العدوانية التي سبقت وترافقت مع "مؤتمر وارسو"، ارفقت برسائل نارية استهدفت قافلة للحرس الثوري  الإسلامي، بتفجير ارهابي، مما يؤكد التناغم التام بين الإدارة الأميركية ومنظمات القتل والإجرام، والرجعية العربية لزعزعة الجمهورية الإسلامية، التي كانت وستبقى المحور الاساسي في محور المقاومة وانتصاراته، وقد عبر الرئيس حسن روحاني عن أهداف هذا العمل الاجرامي بقوله: "أن بعض الدول النفطية في المنطقة تدعم الإرهاب"، لافتا إلى أن "الهجمات الإرهابية ضد إيران لن تغير من سياساتها ولن تجعلها تخضع أو تستسلم".

وشدد على أن إيران ماضية في محاربة الإرهاب حتى اقتلاعه من جذوره، وستنتقم لدماء شهداء الحرس الثوري من الجماعة الإرهابية التي نفذت العملية.

وشدد على اتهام الولايات المتحدة وإسرائيل بـ"دعم الإرهاب في المنطقة"، وقال: "جذور الإرهاب في منطقتنا تعود إلى أمريكا والصهيونية".

ببساطة أخيراً، فإن "مؤتمر وارسو" واضح الغاية والاهداف، ومهمته تكريس "الدولة العبرية"، وتصوير ايران بأنها العدو، وربما ضروري هنا الاستشهاد بأن هذا المؤتمر مصيره الفشل، بما عبرت عنه الخبيرة بمؤسسة راند البحثية، داليا داسا كاي، "أن إدارة ترامب لم تستفد من تجارب الماضي عند التخطيط لمؤتمر وارسو، فقبل 30 عاماً، قاد جميس بيكر جهوداً كبيرة لجمع أطراف النزاع العربي – الاسرائيلي في مؤتمر مدريد، لكن طريقة اعداد المؤتمر وتحديد أهدافه لا يمكن إلا أن ينتج عنه إلاّ الفشل.

 

أحمد زين الدين


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل