أمريكا .. والحروب المتنقلة!

الخميس 14 شباط , 2019 09:40 توقيت بيروت دولــي ,أقلام الثبات

الثبات ـ مقالات

تحولت اميركا بعد الحرب العالمية الثانية، رائدة في الحروب والغزو للدول وتحتل المرتبة الأولى في الإعتداءات على سيادة الدول والديمقراطية عبر الإنقلابات السرية والعلنية التي قادتها وكالة المخابرات الأميركية CIA والتي أطاحت برؤساء دول وخربت امنها الداخلي وصولاً إلى غزوها العسكري الذي عمل على تقسيم الدول التي تعرضت للإجتياح الأميركي ويمكن القول انها الدولة الوحيدة التي اقلقت العالم بعملها العسكري والأمني المتعدد الإتجاهات وفق منظومة السيطرة على العالم وإجبار الجميع لمبايعتها والعمل لديها (كدول خادمة) وتابعة ومن يرفض الإستعباد الأميركي فعليه ان يتحمل العقوبات الإقتصادية والسياسية والإعلامية وصولاً لإسقاطه من الداخل والخارج بأعمال سافرة وعلنية وإقصاء الهيئات الدولية التي تسيطر عليها لتحقيق أهدافها وفي حال تعذر ذلك نتيجة لبناء تحالفات دولية غير قانونية فإنها تمارس الغزو (المتعدد الجنسيات) وتضع مجلس الأمن والأمم المتحدة جانباً وتصبح القاضي والجلاد والسارق في منظومة (رعاة البقر) (الكاوبوي) الذين أبادوا الهنود الحمر في أميركا وفق معادلة القوة والتوحش مرتكزات القانون الأميركي الدائم.

لقد بدأت أميركا معاركها في المنطقة منذ غزو العراق عام 2003 ولم تتوقف بهدف إسقاط إيران وتفتيت العالم العربي واسقاط وتذويب القضية الفلسطينية والسيطرة الكاملة دون شراكة مع أحد على الثروات النفطية وغيرها واشعلت (الربيع العربي الدموي) الذي مضى على نيرانه حوالي ثماني سنوات منذ العام 2011 ولا يزال مستمراً ولا يبدو انه سيتوقف عبر النار والرصاص بأقل من سنتين قادمتين أما إرتداداته الإنسانية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية فلن تقل عن عقدين أو أكثر من الزمن وبعد فشل مشروعها الكامل ونجاحها الجزئي (الكبير) في تدمير العالم العربي ونتيجة إطمئنانها ان العرب سيحتاجون لأكثر من عشرين سنة للعودة إلى الصفر.

إتجه الفيل الأميركي الى القارة الأميركية للسيطرة أو تدمير الدول القليلة التي لا زالت صامدة بوجهه (فنزويلا – كوبا – نيكاراغوا – المكسيك) وتقرير مصيرها بين خيارين: القبول بالإستثمار الأميركي المباشر او الدمار الشامل، وعلى محور آخر نحو الصين لمقايضتها الإقتصاد والديون مقابل الأمن او تفجير اسواقها الخارجية وتفخيخ طريق الحرير ونصب الكمائن في الجغرافيا التي تستثمر فيها، خصوصاً في أفريقيا والشرق الأوسط بواسطة الجماعات التكفيرية وصولاً إلى قلب الصين واستخدام المسلمين (الأيغور) كطابور خامس داخل الصين  ومحور ثالث هو التحالف الروسي – الإيراني الذي يعيق السيطرة الأميركية في الشرق الأوسط وبسبب الدور الإيراني الذي شاغل الأميركيين أكثر من أربعة عقود وأفشل مشاريعهم وغزوهم واستطاع إقامة منظومة "المقاومة العالمية المتعددة الجنسيات" دون إرسال الجيوش الإيرانية للخارج عبر حركات المقاومة الوطنية الذاتية الحركة والعديد والمشاريع.

إن التوجه الأميركي نحو فنزويلا محاولة استباقية للعودة الروسية إلى المنطقة وتوسيع مروحة الفضاء الأمني للولايات المتحدة الأميركية بالجغرافيا والإستفادة من التجربة الفرنسية والإنكليزية في الإستعمار لأفريقيا والهند وغيرها بأن تعمل الشعوب والحكومات في خدمة الخزينة والسياسة الأميركية دون تحمل هذه الإدارة أي أعباء ومسؤوليات بما يسمى (الرق السياسي للدول) كحالة متطورة للرق والعبودية على مستوى الأفراد.

ان التدخل الأميركي السافر في الداخل الفنزويلي يمثل ابشع أنواع الغزو والبلطجة الدولية لقطاع الطرق العالميين الذين يمارسون التحرش السياسي والعسكري بالدول الآمنة على طريقة المافيات لإجبارها على دفع الخوّات السياسية والإقتصادية عبر قانون القوة تجيز السلب والقراصنة ،لكنها ستفشل كما فشلت في فيتنام وايران وسوريا.

لكن السؤال  .. هل تستطيع أميركا خوض المعارك على عدة جهات عالمية ؟

هل تستطيع السعودية ودول الخليج تمويل حروب أميركا المتنقلة والباهظة التكاليف وإلى أي مدى ؟

هل انتهى دور ممالك وإمارات الخليج وعدم قدرة أميركا على حمايتها مع الكيان الإسرائيلي مع أرجحية عدم التخلي عن دولة إسرائيل المحمية الأميركية ؟

الحرب الأميركية العالمية المستدامة لن تتوقف ....وعلينا ان لا نستسلم.

 

د.نسيب حطيط

 


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل