حلَّق ظريف عالياً.. فَهَروَل العالولا خلفه!

الأربعاء 13 شباط , 2019 09:59 توقيت بيروت لـبـــــــنـان ,أقلام الثبات

الثبات ـ مقالات

قبل تقييم زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف الى لبنان، ومن بعدها زيارة المُوفَد السعودي نزار العالولا، وتأثير كِلتاهُما على الداخل اللبناني، لا بُدَّ من التذكير بالتوصيف الذي أطلقه سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة، حين شبَّه لبنان بالأمم المتحدة، بأن أي فريق لبناني له حقّ استخدام "الفيتو" على الفريق الآخر، وبالتالي تعطيل كل ما لا يحظى بإجماع وطني.

لذلك، كان من السذاجة اعتقاد البعض، أن الوزير ظريف قد يزور لبنان على رأس قوافل من البواخر، بعضها يحمِل الصواريخ للجيش اللبناني، وبعضها الآخر معامل لتوليد الكهرباء، لأن سماحة السيد حسن نصرالله سبق له وتطوَّع للذهاب الى إيران وطلب تزويد الجيش اللبناني بالأسلحة، لكن الأسلحة الإيرانية رادعة للعدو الإسرائيلي، وممنوعةٌ أميركياً على الجيش، والمسموح منها يقتصر على سيارات الدفع الرباعي والمناظير وبعض ناقلات الجُند الصدِئة المهترئة، أما عن الكهرباء، فإن فريقاً لبنانياً "يتكهرب" من استجرارها من سوريا أو ايران، حتى ولو عاش اللبنانيون على الشمعة!

حقَّق ظريف الغاية من زيارته بل حلَّق عالياً، والقادر على إدارة ملفات إيران الدولية وكسر كل الحصارات عليها، من السهل عليه أن يستوعب خصوصيات الوضع اللبناني، وأن يعرِض بالعموميات، أي نوع من المساعدات الإيرانية قد تطلبها الحكومة اللبنانية الجديدة، وهو قد سبَق عالولا للتهنئة بالتشكيل، وحقق الهدف الأول من الزيارة مقروناً بدعوة مُكرَّرة من الرئيس روحاني الى الرئيس عون لزيارة طهران.

وضَعَ ظريف موضوع المساعدات الإيرانية غير المشروطة التي يُجمع عليها اللبنانيون بتصرُّف الحكومة، وأعلن أن القرار الأممي 2231 يسمح لإيران بحرية إنشاء العلاقات الإقتصادية مع كل الدُول بما فيها لبنان، وأكَّد على ذلك وزير الخارجية جبران باسيل بالقول: إذا كان من الصعوبة تقنياً استجرار الكهرباء من إيران، فإن الشركات الإيرانية لها الحق كما كل الشركات الأجنبية بالمشاركة في أية مناقصة قد تطرحها الحكومة اللبنانية لتأهيل معامل الكهرباء.

أهم ما أنجزته زيارة ظريف لبنانياً، أن لبنان بحاجة لتسهيلات ميدانية في سوريا لتنفيذ المبادرة الروسية بشأن عودة النازحين السوريين الى بلادهم، وإيران قادرة فوراً على فصل موضوع عودة النازحين عن التسوية السياسية في سوريا، لذلك سوف نشهد وتيرة أعلى للنازحين العائدين، ولدى إيران بالتعاون مع الحكومة السورية ومع روسيا، القدرة على التهيئة لوجستياً لعودتهم وسحب موضوعهم من بازار الإبتزاز السياسي والمالي، لبنانياً وإقليمياً ودولياً.

وأهم ما أنجزته زيارة ظريف إيرانياً، تكرار وزير الخارجية جبران باسيل بحضور الضيف، موقف لبنان عدم المشاركة في مؤتمر وارسو المُزمع عقده في الفترة من 12 الى 14 شباط الجاري، بسبب مشاركة إسرائيل به، ولأن الغاية منه لا إجماع لبناني عليها، ومن منطلق "النأي بالنفس" عن الخلافات الإقليمية، وقد جاء استخدام باسيل لهذه العبارة "لطشة ذكاء" للفريق الآخر الذي يُنادي بالنأي بالنفس كلما "دقّ الكوز بالجرَّة" إقليمياً.

ختاماً، أقصى ما يمكن أن يُحققه عالولا في هرولته الى لبنان خلف ظريف، محاولة قطف وهج الحضور الإيراني، وأن يعِد لبنان بالمَنّ والسلوى لدعم الحكومة اللبنانية، وهو يُدرك مُسبقاً، أنه لا يستطيع تغيير قيد أنملة من السياسة الخارجية للبنان، ولو ضخّ مئات ملايين الدولارات كإيداعات في البنك المركزي أو بالإستثمارات، لأن الريالات هي اللغة الوحيدة التي تُتقِنها السعودية، وبما أن لبنان ليس للبيع، فإن عالولا مع ريالاته بالكاد يستطيع رأب الصدع بين الحريري والقوات وبين الحريري وجنبلاط في محاولة لملمة لبقايا "ثورة الأرز" تزامناً مع ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري..

 

أمين أبو راشد


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل