الذكرُ بابٌ لله تعالى عظيمٌ وفوائدهُ القلبية والروحية أكثرُ من أنْ تحصى، ومن هذه الفوائد ؟
الأولى: أنَّه يطرد الشَّيطان ويقمعهُ ويكسره.
الثانية: أنَّه يرضي الرحمن عز و جلَّ.
الثالثة: أنَّه يزيل الهمَّ والغمَّ عن القلب.
الرابعة: أنَّه يجلب للقلب الفرح والسُرور والبسط.
الخامسة: أنَّه يقوى القلب والبدن.
السادسة: أنَّه ينور الوجه والقلب.
السابعة: أنَّه يجلبُ الرِّزق.
الثامنة: أنَّه يكسو الذَّاكر المهابة والحلاوة والنضرة.
التاسعة: أنَّه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام وقطب رحى الدين ومدار السعادة والنَّجاة وقد جعل الله لكل شيءٍ سبباً وجعل سبب المحبة دوام الذكر فمن أراد أن ينال محبة الله عز و جل فليلهج بذكره فإنِّه الدرس والمذاكرة كما أنَّه باب العلم فالذكر باب المحبة وشارعها الأعظم وصراطها الأقوم .
العاشرة: أنَّه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الاحسان فيعبد الله كأنَّه يراه ولا سبيل للغافل عن الذكر إلى مقام الإحسان كما لا سبيل للقاعد إلى الوصول إلى البيت .
الحادية عشر: أنَّه يورثه الإنابة وهي الرجوع إلى الله عز و جل فمتى أكثر الرجوع إليه بذكره أورثه ذلك رجوعه بقلبه إليه في كل أحواله فيبقى الله عز و جل مفزعه وملجأه وملاذه ومعاذه وقبلة قلبه ومهربه عند النوازل والبلايا .
الثانية عشر: أنَّه يورثه القرب منه فعلى قدر ذكره لله عز و جل يكون قربه منه وعلى قدر غفلته يكون بعده منه .
الثالثة عشر:أنَّه يفتح له باباً عظيماً من أبواب المعرفة وكلما أكثر من الذكر ازداد من المعرفة .
الرابعة عشر: أنه يورثه الهيبة لربه عز و جل وإجلاله لشدة استيلائه على قلبه وحضوره مع الله تعالى بخلاف الغافل فإن حجاب الهيبة رقيق في قلبه.
الخامسة عشر:أنه يورثه ذكر الله تعالى له كم قال تعالى : { فاذكروني أذكركم } ولو لم يكن في الذكر إلا هذه وحدها لكفى بها فضلا وشرفا وقال صلى الله عليه و سلم فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى [ من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ].
السادسة عشر: أنَّه يورث حياة القلب ، فالذكر للقلب مثل الماء للسمك فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟
السابعة عشر:أنَّه قوت القلب والروح فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته وحضرت شيخ الاسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قريب من انتصاف النَّهار ثم التفت إليَّ وقال : هذه غدوتي ولو لم أتغدَ الغداء سقطت قوتي أو كلاما قريبا من هذا وقال لي مرة : لا أترك الذكر إلا بنية إجمام نفسي وإراحتها لأستعد بتلك الراحة لذكر آخر أو كلاما هذا معناه.
الثامنة عشر: أنَّه يورث جلاء القلب من صداه كما تقدم في الحديث وصدأ القلب الغفلة والهوى وجلاؤه الذكر والتوبة والاستغفار وقد تقدم هذا المعنى.
التاسعة عشر:أنَّه يحط الخطايا ويذهبها فإنِّه من أعظم الحسنات والحسنات يذهبن السيئات.
العشرون:أنَّه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعالى فإنَّ الغافل بينه وبين الله عز و جل وحشة لا تزول إلا بالذكر.
الحادية والعشرون: أنَّ ما يذكر به العبد ربه عز و جل من جلاله وتسبيحه وتحميده يذكر بصاحبه عند الشدة فقد روى الإمام أحمد في المسند عن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ إن ما تذكرون من جلال الله عز و جل من التهليل والتكبير والتحميد يتعاطفن حول العرش لهنُّ دوي كدوي النَّحل يُذَكِرن بصاحبهن أفلا يحب أحدكم أن يكون له ما يُذكر به ] ؟ هذا الحديث أو معناه.
الثانية والعشرون: أنَّ العبد إذا تعرف إلى الله تعالى بذكره في الرَّخاء عرفه في الشدة وقد جاء أثر معناه أن العبد المطيع الذاكر لله تعالى إذا أصابته شدة أو سأل الله تعالى حاجة قالت الملائكة : يا رب صوت معروفٌ من عبدٍ معروفٍ والغافل المعرض عن الله عز و جل إذا دعاه وسأله قالت الملائكة : يا رب صوت منكرٌ من عبدٍ منكرٍ .
الثالثة والعشرون: أنَّه يُنجي من عذاب الله تعالى كما قال معاذ رضي الله عنه ويروى مرفوعاً [ ما عمل آدمي عملاً أنجى من عذاب الله عز و جل من ذكر الله تعالى ].
الرابعة والعشرون:أنَّه سبب تنزيل السكينة وغشيان الرَّحمة وحفوف الملائكة بالذاكر كما أخبر به النبي صلى الله عليه و سلم.
الخامسة والعشرون: أنَّه سبب اشتغال اللسان عن الغيبة والنَّميمة والكذب والفحش والباطل فإنَّ العبد لا بد له من أن يتكلم فإن لم يتكلم بذكر الله تعالى وذكر أوامره تكلم بهذه المحرمات أو بعضها ولا سبيل الى السَّلامة منها البتة إلا بذكر الله تعالى والمشَّاهدة والتجربة شاهدان بذلك فمن عود لسانه ذكر الله صان لسانه عن الباطل واللغو ومن يبس لسانه عن ذكر الله تعالى ترطب بكل باطل ولغو وفحش ولا حول ولا قوة إلا بالله .
السادسة والعشرون:أنَّ مجالس الذكر مجالس الملائكة ومجالس اللغو والغفلة ومجالس الشَّياطين فليتخير العبد أعجبهما إليه وأولاهما به فهو مع اهله في الدنيا والآخرة.
السابعة والعشرون:أنَّه يَسعد الذاكر بذكره ويَسعد به جليسه وهذا هو المبارك أين ما كان والغافل واللاغي يشقى بلغوه وغفلته ويشقى به مجالسه .
الثامنة والعشرون:أنَّه يؤمن العبدَ من الحسرة يوم القيامة فإن كل مجلس لا يذكر العبد فيه ربه تعالى كان عليه حسرة وترة يوم القيامة .
التاسعة والعشرون:أنَّه مع البكاء في الخلوة سبب لإظلال الله تعالى العبد يوم الحر الأكبر في ظل عرشه والنَّاس في حر الشَّمس قد صهرتهم في الموقف وهذا الذاكر مستظل بظل عرش الرَّحمن عز و جل .
الثلاثون:أن َّالاشتغال به سببُ لعطاء الله للذَّاكر أفضل ما يعطي السائلين ففي الحديث عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [قال سبحانه وتعالى : من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السَّائلين].
الحادية والثلاثون:أنَّه أيسر العبادات وهو من أجلها وأفضلها فإن حركة اللسان أخف حركات الجوارح وأيسرها ولو تحرك عضو من الانسان في اليوم والليلة بقدر حركة لسانه لشق عليه غاية المشقة بل لا يمكنه ذلك .
الثانية والثلاثون:أنَّه غراس الجنَّة فقد رَوى الترمذي في جامعه من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم [ لقيت ليلة أسرى بي إبراهيم الخليل عليه السلام فقال : يا محمد أقرئ أمتك السلام وأخبرهم أنَّ الجنَّة طيبة التربة عذبة الماء وأنَّها قيعان وأنَّ غراسها : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ] قال: الترمذي حديث حسن غريب من حديث أبن مسعود
وفي الترمذي من حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال [ من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنَّة ] قال الترمذي حديث حسن صحيح
المصدر: كتاب / الوابل الصيب من الكلم الطيب
فوائدُ الذكرِ المنسية في حياةِ المسلمين .
الثلاثاء 29 كانون الثاني , 2019 11:04 توقيت بيروت
تصوّف
مقالات وأخبار مرتبطة