NGOs وفلول الفساد يطيحون بحراك 17 ت1 ـ 2/2 ـ أحمد زين الدين

الثلاثاء 20 تشرين الأول , 2020 01:21 توقيت بيروت أقلام الثبات

النظام الرأسمالي اللبناني الطفيلي منتج للأزمات والحروب الأهلية

أقلام الثبات

بعد عام على بدء انتفاضة 17 تشرين الأول، التي تحرك الناس خلالها بشكل عفوي رفضاً لسياسة الضرائب، وتحميلهم تبعات السياسات الاقتصادية والمالية التي انتهجت منذ أواخر العام 1992، وتميزت بأوسع عمليات الفساد والهدر والنهب، وتراكم الدين العام وعجز الخزينة، يبدو أن قسماً واسعاً منه أو في معظمه يتجه إلى المجهول.

ومن الواضح أن مدة عام من الحراك "الشعبي" عجز عن توفير قواسم مشتركة بين كل مجموعاته، ودخل على خطة رموز الفساد من فلول المليشيات، وأحزاب السلطة ورموزها، إضافة إلى الدخول الأميركي على ما يسمى مجموعات "المجتمع المدني" وتمويلها من قبل اليانكي، كما اعترف ديفيد هيل "بعظمة لسانه، إضافة إلى دخول باعة الكاز العربي، باشكال مختلفة.

وبالرغم من الانهيار الاقتصادي والمالي والتدهور الخطير في سعر صرف الليرة اللبنانية، اتضح أن خطة جهنمية رسمت، فاستغلت المصارف، المظاهرات وإقفال الطرقات والشوارع، وعمدت إلى إغلاق أبوابها أمام المودعين والزبائن، في ظل تواطؤ وصمت من مصرف لبنان والحاكم بأمره رياض سلامة الذي كان قد سبق له وهندس للمصارف منحة كبرى تجاوزت الستة مليار دولار، من دون أن يوجه له إشارة أو سؤال من السلطة عن أبعاد ومعنى هذه التدابير.

لم تكن عملية إغلاق المصارف أبوابها، عملية بريئة بتاتاً، لأنها ترافقت مع تحويل المليارات إلى الخارج ففقد الدولار من المصارف والأسواق، وتهافت المودعون لسحب أموالهم، لكن عملية تقنين قاسية واجهتهم، ولم يعودوا يعرفون مصير ودائعهم، وكل الخشية أن تكون قد تبخرت.

وبشكل عام بات السؤال، كيف تبخرت أموال المودعين وإلى أين سربت؟ فالمعلومات تشير إلى أن 31 مصرفاً حولوا مليارات إلى الخارج، وهنا يبقى انتظار كلمة القضاء النهائية.

على مدى 365 يوماً، من هذا الحراك، الذي لم يضيق على السلطة، بقدر ما كانت تحركاته تشل المناطق، وتقطع الطرقات على الناس المتوجهين نحو عملهم ورزقهم، أمكن استغلاله أميركياً وغربياً وخليجياً، ودخلت عليه جماعات ال "NGOs"، والخطير أن بعض جماعات هذا الحراك، يدفع نحو أزمة عميقة وصدامات، تطال قوة لبنان، المتمثل في المقاومة، التي فرضت توازن الرعب والردع مع العدو الاسرائيلي، الذي بات يخطط مع بائع الكاز العربي، الذي ينسق مع تل أبيب لفتح المرافئ "الاسرائيلية" أمام البواخر الخليجية بعد تطبيع العلاقات معه مما يعني أن مرفأ بيروت الجريح لن يبقى الإطلالة الوحيدة له على الخليج، ناهيك عن تسارع حركة الطيران الخليجية نحو مطارات الدولة العبرية.

يبقى السؤال إلى أين تتجه الأزمة في لبنان، وهل سترى المبادرة الفرنسية النجاح؟

قد تكون هذه المبادرة انقاذاً للرئيس مانويل ماكرون أكثر مما هي انقاذ للبنان، فالرئيس الذي انقذته جائحة كورونا، من غضب ناخبيه الذين ارتدوا السترات الصفراء، وهاموا في الشوارع بعد نحو عام من انتخابه، لأنه لم يف بوعوده لناخبيه، بحاجة إلى نصر، رأى أنه قد يجده في لبنان، لأن من ضمن المشروع الأميركي أن يرى أطفالاً يلهون في قصر الصنوبر وهم يتحدثون الانكليزية.

وهل سنرى سعد الحريري رئيساً مكلفاً بتشكيل الحكومة الجديدة؟

حين أعلن الحريري أنه مرشح طبيعي لرئاسة الحكومة، أعلن أن حكومته التي يريدها يجب أن تكون من الاختصاصيين فقط، أي بلا أحزاب سياسية لمدة ستة أشهر، وهي الفترة التي قد تستغرقها المفاوضات بين لبنان واسرائيل على ترسيم الحدود البحرية، فما حدود ذلك؟

قد يكون هنا ضروري التذكير، أنه في زمن التفاهم الرئاسي والوئام التام مع جبران باسيل استغرق تشكيل حكومته بعد الانتخابات الأخيرة سبعة أشهر، فما هي المدة التي سترى فيها حكومته النور إذا ما كُلف بالمهمة؟!

يتفق الجميع أنه في ظل السياسة الليبرالية المتوحشة، المتبعة على مدى ثلاثين عاماً الماضية تفشى الفقر بين اللبنانيين، وفي السنوات الأخيرة اتسعت الهوة وباتت تشكل خطراً على حياة اللبنانيين، واتضحت في السنة الأخيرة أن البلد على وشك الإفلاس، ومن هنا أخذت الأصوات المشبوهة تطقوا لبيع أملاك الدولة التي لم يبق منها الذهب وبعض المؤسسات المربحة كالهاتف والمطار والمرفأ والكهرباء والمياه، والاثارارات والاماكن السياحية وهلمَّ جرا.

والانكى من ذلك، استغل الانفجار ـ الفاجعة في مرفأ بيروت، لحرف الانظار عن حقيقة الأزمة وخطورتها، فافلاس الخزينة، وتبخر احتياطي البنك المركزي وأموال المودعين في المصارف، هو أخطر بكثير، لأنه يعني ببساطة تدمير وتلاشي ما بناه اللبنانيون بجدهم وكدهم وتعبهم، في الداخل وفي دنيا الله الواسعة على مدى قرن ونصف القرن، مما يعني أن الحل الوحيد هو بالاعتراف بحقيقة الأزمة، أن النظام الرأسمالي الطفيلي هو مسبب ومنتج للأزمات وإعادة بناء الثقة ورسملة كل الخزينة والمصارف والمراكز وإعادة بناء الدولة، من الإرادات المحلية (البلديات) إلى الإدارات العامة، والمؤسسات، واعتماد الكفاءة والثواب والعقاب، وملاحقة كل رموز المراجل السابقة منذ 1975 حتى اليوم والغد، واسترداد الأموال المسروقة والمنهوبة والمشاعات والاملاك العامة من بحرية ونهرية، وإعادة بيروت العاصمة إلى روحها ووهجها الذي عرفت فيه على مدى قرون.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل