لبنان والقدرة على فك حصار الثالوث الأخطر ـ يونس عودة

الثلاثاء 13 تشرين الأول , 2020 08:39 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

على وقع التلويح بامكانية اندلاع حرب أهلية، او المخاوف من أن تتحول الى حقيقة،كما ابدى الفرنسيون وكذلك المرشح الاوحد حاليا لتشكيل الحكومة سعد الحريري ،لا يزال لبنان باغلبية القيمين على السياسة يعاندون الوقائع والازمات التي تحاصر البلاد من كل حدب وصوب ،ولعل أبرزها الثالوث الأخطر ،واولها الازمة الاقتصادية - المالية بكل متفرعاتها،وانعكاسها على كل نواحي الحياة ما جعل أثقالها على كاهل المجتمع تحول اللبنانيين الى هائمين بحثا عن المآكل والماء والدواء.

والضلع الثاني في الثالوث هو المتعلق بانطلاق ترجمة اتفاق الاطار بشأن الحدود البحرية عبر مفاوضات الناقورة تحت إشراف الأمم المتحدة في ظل ضغط أميركي هائل ،لا يرى الا مصلحة اسرائيل في العملية التي ربما ستكون تعقيداتها اقسى من عملية طرد المحتل بالقوة.

اما الضلع الثالث فهو الإرهاب الذي ما أن يخبو حتى يتحرك من جديد ما يؤكد انه الرديف الثالث للضغطين الاقتصادي -المالي ،والاميركي - الاسرائيلي ،وهنا يتضح التكامل بين مكونات الثالوث لاجبار لبنان وقواه المدافعة حقيقة عن السيادة الوطنية ،وعن الاستقرار ،وعن الحياة الكريمة للناس، لاخضاعهم لاملاءات فشل المخططون والمنفذون على انواعهم من نيلها في الميدان .

كل تلك المسائل المعقدة ،والتي تستلزم مواجهة بلا مواربة ،ولا تكتيكات على الطريقة اللبنانية الممجوجة التي تعمق الأزمات،أو ترحيلها ،بدل حلها،تدفع الى تشكيل حكومة وطنية جامعة عناوينها واضحة ،وليس التنافس بين من يكون له اليد الطولى في تشكيل الحكومة ،أو "أنا أولا أحد "،ولذلك فان الاتفاق على مهام الحكومة وتكوينها يفترض ان تكون الاولوية بدل ان نقع في مشكلة التأليف بعد التكليف ،كي يسهل عمل الحكومة وينجح رئيسها في ما يتوق اليه ،او في ما اعلن انه ينوي معالجته ،سيما انه يدرك تمام الادراك ومن تجربته ان لا احد يمكن ان يوقع على بياض كي لا يندم ،سيما ان المشكلات تعمقت بسبب العقلية السابقة ،والمفترض انها اخذت الدروس والعبر ،ولا داع لتكرار الفشل ،فالبلد على كف عفريت ،والحرب الاهلية ممكنة كما قال بعظمة لسانه السيد سعد الحريري .

ان تشكيل حكومة وحدة وطنية قادرة على التصدي للازمة الاقتصادية والتخفيف من تداعياتها على غالبية اللبنانيين وجموعهم ،ستشكل حتما دافعا معنويا قويا للوفد اللبناني التقني- القانوني في خوض الغمار الصعب والقاسي بمواجهة العدو الاسرائيلي على طاولة الناقورة بعد تشكيل الوفد من اصحاب خبرة على راسهم العميد الطيار بسام ياسين (نائب رئيس أركان الجيش للعمليات)، إضافة إلى كل من: العقيد الركن البحري مازن بصبوص، الخبير في المفاوضات الحدودية، نجيب مسيحي، ورئيس هيئة إدارة قطاع البترول وسام شباط.ويبقى المهم ان لا ينجر لبنان الى ادخال سياسيين في الوفد حتى لا يتحول التفاوض على الترسيم الى تفاوض سياسي .

ان مهمة الوفد فائقة الدقة ،وهو قادر على تصحيح اخطاء ارتكبتها حكومة فؤاد السنيورة في الاتفاق مع قبرص ،بالاستناد الواضح الى الوثائق الموجودة في الامم المتحدة لاعوام 1920بالتوازي مع اعلان دولة لبنان الكبير،وشهدت على تلك الوثائق دولتا بريطانيا وفرنسا باعتبار المنطقة كانت تحت استعمارهما ( الانتداب)في تلك المرحلة ،وعام1947 بعد سطو العصابات المسلحة الصهيونية ( شتيرن واراغون )،برعاية ومساعدة بريطانية على اجزاء من فلسطين ،وصدور قرار تقسيم فلسطين رقم 181 الذي يحدد حدود لبنان الدولية المكرسة بوادي العسل مع سوريا،وكذلك تم تاكيد الحدود اللبنانية عام 1949 باتفاق الهدنة في اذار 1949 باعتبار خط الهدنة هو الحدود بين لبنان وفلسطين ،وتمت عملية المسح على هذا الاساس بعد 8 اشهر،وهذه الوثائق بمنزلة ركيزة قانونية مكرسة غير قابلة للتأويل ولا للتشاطر الاميركي - الاسرائيلي وغير قابلة للتفاوض،ما يجعل يد الوفد اللبناني هي العليا على الطاولة الثلاثية بين الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل وجيش الاحتلال في الناقورة، "لجهة حضور الوفود المشاركة في قاعة واحدة، على ألّا يوجّه أيّ من الوفدين، اللبناني والإسرائيلي، الكلام للوفد الآخر".

لقد اجتمع قائد الجيش العماد جوزاف عون مع اعضاء الوفد المكلف ملف التفاوض لترسيم الحدود. وخلال الاجتماع اعطى قائد الجيش التوجيهات الاساسية لانطلاق عملية التفاوض، بهدف ترسيم الحدود البحرية على اساس الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً والممتد بحراً تبعاً لتقنية خط الوسط، من دون احتساب اي تأثير للجزر الساحلية التابعة لفلسطين المحتلة.وذلك استنادا الى دراسة اعدتها قيادة الجيش وفقا للقوانين الدولية». ويخالف موقف قائد الجيش،التحديد الاسرائيلي للخط البحري الذي ينطلق في البر من النقطة بـ2 عند رأس الناقورة اي بقضم 15 مترا من الارض والتي يصبح امتدادها البحري عشرات الكيلومترات بعد الانحراف الذي يحصل عن جزيرة او صخرة تيخيليت ما يعني خسارة لبنان مساحة 850 كلم بحري، بينما لبنان حدد نقطة انطلاق الترسيم البحري من النقطة ب 1 عند رأس الناقورة وينحرف نحو الجنوب لحفظ حقه في المنطقة التي تحايلت عليها اسرائيل. 

لا شك فان العدو سوف يحاول ويناور ،مستندا ليس فقط على السطوة الاميركية المفترضة ،وانما ايضا سيلجأ الى حملة تضليل اعلامي سيساهم في جزء منها اعلام محلي لبناني ،وايضا سياسيون يحملون الهوية اللبنانية طالما تماهوا وكانوا صدى للتوجهات الاسرائيلية ،وكانوا في غالبية الاحيان شهود زور فاقعين مع محاولات الغزو الارهابي للبنان مع اندلاع الاحداث في سوريا حتى القضاء على الارهاب في معركة "فجر الجرود" حيث كان التحرير الثاني نتاج التعاون الميداني بين الجيش والمقاومة بحضانة شعبية غير معهودة ،دفعت الاصوات النشاز الى ركوب الموج ،باعتبارها شريكا ولم تكن كذلك ،وانما كانت على النقيض تماما.

ليس غريبا ان يعود الارهاب ليطل بصورة دموية كعهده ،ولم تكن جريمة قتل 3 شبان من بلدة كفتون الوادعة ا لا المؤشر الذي كشف خفايا كانت تحضر لضربة كبرى،بالتوازي مع نضوج عوامل الضغط الانفة الذكر لتكتمل الدائرة ،الا ان الاجراءات العاجلة اجهضت مخططا جهنميا بعد معركة دامية قتل فيها من قتل من الارهابيين واوقف نحو 25 ارهابيا بعد اعترافات امير احدى الخلايا بينهم 17 موقوفا لدى مخابرات الجيش اللبناني و6 لدى فرع المعلومات ،ولا تزال التحقيقات مع اخرين عن التدريب في منطقة الضنية وعن الرعاة المحليين والخارجيين .

ان الكفاءة في احباط مخطط الارهاب، يمكن ان تنسحب على تشكيل الحكومة، وتأكيد حق لبنان في ارضه ومياهه، اذا كان الانتماء الوطني الحقيقي هو المقياس ،ولو كانت هناك اضرار جانبية لن تزعج سوى اسرائيل ،ومهما غلت التضحيات .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل