الحكم العطائية أهمية الحكم العطائية وموقعها في التصوف

الأحد 04 تشرين الأول , 2020 02:49 توقيت بيروت تصوّف

الثبات - التصوف

 

الحكم العطائية

أهمية الحكم العطائية وموقعها في التصوف

 

كانت مهمة الأنبياء والرسل دعوة إلى الله عز وجل وتحقيق السمو الأخلاقي والروحي المنشود، وترسيخ أواصر التعامل الأخلاقي بكلِّ مقوماته، وتنوير القلوب وترشيدها من مزالق الزيغ والانحراف وحفظها من ونوازع الهوى وذلك بإصلاح القلوب العليلة وتزكيتها بأنوار المعرفية الربانية وإرجاعها إلى طريق الله المستقيم.

والذين اهتموا بهذا الجانب من الدين الذي هو مقام الإحسان هم الصوفية فعكفوا على معالجة علل القلوب، وبينوا أن السالك لطريق أهل التصوف، والذي يبتغي في سيره الترقي التدريجي في مدارج السلوك والمعرفة، وأن يجاهد نفسه بكلِّ حزم وتأكيد قصد تخليصها من قيود الغفلة، وصقلها بألوان مختلفة من العبادات التي تزيل عن القلب غشاوة الغفلة، وتنوره بفيوضات المحبة ليحصلَ له الشهودُ الحق واليقين المطلق، وتنكشِف عنه الحُحُب الظلمانية وتتقوى بصيرته بصفاء المعرفة، وتشتد عزيمته وإرادته، وتتجلى له الحقائق في عالم الحق والحقائق

قال ابن زكوان في فائدة التصوف وأهميته:

علمٌ به تصفيةُ البواطنْ      مِن كدَرَات النفس في المواطنْ

قال حجة الإسلام الإمام الغزالي بعد أن اختبر طريق التصوف، ولمس نتائجه، وذاق ثمراته

(الدخول مع الصوفية فرض عين، إذ لا يخلو أحد من عيب إلا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام) ["النصرة النبوية" .

وقال أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه:

(من لم يتغلغل في علمنا هذا مات مصراً على الكبائر وهو لا يشعر). وفي هذا القول يقول ابن علاَّن الصديقي (ولقد صدق فيما قال ـ يعني أبا الحسن الشاذلي ـ فأي شخص يا أخي يصوم ولا يعجب بصومه؟ وأي شخص يصلي ولا يعجب بصلاته؟ وهكذا سائر الطاعات).

ولأهمية علم التصوف وضرورته عكف العلماء على تدوين قواعد مجاهدة النفس والأحوال التي تمر عليها والفيوض والمعاني الربانية، فألّفوا العديد من الكتب والمراجع في التصوف، منها ما عمل على إعادة صياغة العلوم الشرعية بطريقة تمزج بين اعمال الجوارح والأحوال القلبية، ومنها ما أخذَ صيغ الوعظ والإرشاد والتوعية في الزهد والورع والتقوى، ومن بين هذه المؤلفات لمع اسم الإمام ابن عطاء الله كعالم من أجلِّ علماء الشريعة، مصطبغاً بحقائقها ولبابها التي تُحَرِّر الإنسان من حظوظ النفس الهوى، وترقى به إلى سدة الصدق مع الله، وتمام الرضا عنه، والتوكل عليه، بكتابه الحكم العطائية وهي أهم ما كتبه وقد حظيت بقبول وانتشار كبير ولا تزال بعضها تدرس في بعض مدارس العالم الإسلامي، وترجمها بعض المستشرقين للغات الأخرى، كالمستشرق الإنجليزى (آرثر أربري) ترجم الكثير منها إلى الانجليزية، وترجم (الأسباني ميگل پلاسيوس) فَقرات كثيرة منها مع شرح الرندي عليها.

وهي 264 حكمة كلُّ حكمه تكتب بماء الذهب، واسعة المعاني بأقل العبارات كلها مستخلص من كتاب الله أو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعناها مؤصل من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومما يدل على ذلك تضمينه آيات بينات من الذكر الحكيم في حكم متعددة، مؤكدا بذلك على مرجعيته الملتزمة بالكتاب والسنة،سابرة لأغوار النفس البشرية، منبهة لهفواتها بقصد الانتباه لها وتجاوزها وذلك بالترقي في مقامات خلقية غايتها التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل، زلات النفس وتروم إصلاحها لبلوغ الترقي في الأخلاق وهو المراد من الدعوة المحمدية لقوله عليه الصلاة والسلام: “إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق”، وتتعرض لشروط سلوك الطريق إلى الله تعالى في دقة وإفادة، بجمالية متميزة.

وتدور الحكم العطائية حول ثلاثة أقسام:

القسم الأول: التوحيد ومعالجة الشرك الخفي

القسم الثاني: الأخلاق وتزكية النفس

القسم الثالث: السلوك وأحكامه المختلفة


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل