تطبيع الإمارات مع "إسرائيل" .. السر والسبب والهدف !؟ ـ فادي عيد وهيب

السبت 15 آب , 2020 11:14 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

كان المشوار طويلاً عبر الغرف المغلقة والإتصالات السرية بين عواصم الخليج وتل أبيب، في ظل سباق خليجي محموم بعد تولي دونالد ترامب حكم الولايات المتحدة، فكان سباق بين قطر والإمارات و السعودية وسلطنة عمان من يصل قبل الأخر إلى قلب تل أبيب، وهو ما أجبر سلطنة عمان لدعوة نتياهو لزيارة مسقط منذ عامين، ليأتي التطبيع الإماراتي الإسرائيلي فيقطع نصف المشوار من طريق "صفقة القرن"، وهو المشوار الذي ستكون نهايته جغرافيا مشوهة لما تبقى من فلسطين، كحال مستقبل العلاقات العربية العربية، ومحمد دحلان على رأس السلطة الفلسطينية، ولذلك ومنذ ثلاثة أعوام على الأقل وأبو مازن يرى أن عدوه الأول ليس حركة حماس ولا حتى نتنياهو نفسه، إنما الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي.

عموما أيًا كان ما فعلته الإمارات مع إسرائيل، أو ما ستفعله بعد أن فتحت باب التطبيع على مصراعيه أمام البحرين التي أنتظرت طويلا كي لاتكون أول المطبعين علنا مع إسرائيل تجنبا لعدم الإنحراف عن مخطط مايسترو الخليج والمنطقة الجديد، وأزاحت أي خجل أمام خادم الحرمين الشريفين للتطبيع العلني مع إسرائيل، وهي خطوة ستتم ولكن بعد أن يكون الأمير محمد بن سلمان الرجل الأول والأخير بالمملكة قد حسم الأمور لصالحه، وما يحدث في الرياض الأن من فتح ملفات رجال ولي العهد السابق محمد بن نايف وعلى رأسهم سعد الجابري ما هو إلا مخطط لحرق الخصم الأقوى لمحمد بن سلمان أمام السعوديين.

سعد الجابري الذي هرب من البلاد منذ أكثر من عامين لم يفتح بن سلمان ملف الذراع اليمنى لمحمد بن نايف إلا الأن، وهي أمور يتم التعجيل بها داخل الرياض لحسمها سريعا تفاديا لأي مفاجآت غير مرغوب فيها قبل الإنتخابات الأميركية القادمة، فالإمارات منحت قبلة الحياة لنتنياهو، الذي وأن تخلى عن ضم أراضي فلسطينية اليوم فإنه لن يتخلى عن ذلك غدا، ومحاولة ترجيح كفة دونالد ترامب أمام جو بايدن، وهناك ما يحضر في الكواليس للذهاب لما هو أبعد من ذلك.

وستبقى كلمات السر للمشهد الحالي والقادم مع يوسف العتيبة سفير دولة الإمارات في الولايات المتحدة، وحاييم صبان ملياردير إسرائيلي أميركي من أصل مصري ومؤسس "مركز صبان" لسياسات الشرق الأوسط التابع لمعهد بروكنگز في واشنطن، وأكبر متبرع للحملات الإنتخابية في أميركا لكلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري معا، وحلقة وصل قوية جدا بين ابوظبي وتل أبيب، ويوسي كوهين رئيس الموساد الذي زار عواصم الخليج في الفترة الماضية أكثر ما زار منزله، ثم جاريد كوشنر رجل نتنياهو في البيت الأبيض ومدير السياسيات الخارجية لدونالد ترامب.

ما الذي ستتحصل عليه الإمارات مقابل تلك الخطوة ؟

هنا لا نجد إلا أجابة واحدة، فبحكم أن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي لن يغير ما هو مرسوم لفلسطين من البداية، كما أن المال الإماراتي بذل كل ما في وسعه بالقدس الشرقية في الأعوام الماضية، فهنا لا خاسر سوى من كانوا يتعاونون مع إسرائيل ضد العرب سرا، وهنا نشير بوضوح لنظامين، النظام التركي والنظام القطري.

ولا ننسى ما سيترتب من أثار سلبية جديدة على الأردن، الذي سيفقد واحدة من أهم أدواته، وهي نقطة الأتصال بين دول الخليج وإسرائيل، وهي نقطة كانت تعطي النظام الهاشمي ثقلاً كحال الوصاية على المقدسات المسيحية والإسلامية بالقدس.

وهنا يطرح هذا المشهد سؤالاً:

 هل يمكن أن تتخلى إسرائيل عن حلفائها الحقيقيين في المنطقة مقابل ورقة عليها أسم ترامب ونتنياهو وبن زايد؟

وهل يمكن لواشنطن ومن قبلها لندن الإستغناء عن أهم أدواتها في المنطقة وهو الإسلام السياسي ؟

وهنا نذكر بأن أفضل من جسد العلاقات بين إسرائيل وتركيا، عندما قالت هيلاري كلينتون في كتاب مذكراتها "لم ولن يكن هناك حليف لإسرائيل في الشرق الأوسط سوى تركيا".

خلاصة القول الإمارات تنتظر المقابل في رفع إسرائيل والولايات المتحدة الغطاء عن تركيا وقطر، ولأن مصر مدركة جيدا للهدف البعيد من تلك الخطوة فكانت أشد وأول المرحبين بها، ولكن لا أحد يستطيع أن يتوقع إن كانت الإمارات ستنجح في الحصول على المقابل من اليهودي أم لا، بينما يبقى مكسب اليهودي مضموناً لاعتبارات كثيرة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل