تسع سنوات والأزمات تشتد.. وإنا على العهد باقون

الخميس 18 كانون الأول , 2025 11:05 توقيت بيروت إسـلاميــّـــات

الثبات ــ إسلاميات

تسعة أعوام لم تمرّ هكذا، بل مرت بمرارة التأقلم مع فقد الأمن والأمان والطمأنينة، الأمن الذي لطالما لم نشعر به منذ زمن، فمن عاش في كنفه وتحت رعايته يعرف جيداً ألا أحد يطاله أو يقترب منه إلا بحق، وما سوى ذلك يرد عليه، والطالب الذي عاش في حرم كلية الدعوة الإسلامية الجامعية يعي ذلك جيداً.
الأمان الصحي والغذائي كان يحرص عليهم الشيخ عبد الناصر جبري (رضوان الله عليه) تجاه طالب العلم، وكذلك تزويد الطلاب بالعلم، من خلال انتقاء المعلمين الأفذاذ، ومثال ذلك الشيخ الدكتور خالد الدمج (دكتوراه دولة في اللغة العربية)، والذي درّس الصرف والعروض والنحو أعواماً كثيرة في حرم الكلية، أما على الصعيد الصحي فكان الشيخ جبري (رحمه الله تعالى) يسعف أي طالب يطاله مرض إلى المستشفى، وعلى حسابه الخاص.
الغذاء لم ينقطع، خصوصاً في ظل الأزمة التي حلت بسوريا، فمطبخ كلية الدعوة الجامعية كان مفتوحاً صيفاً شتاء، أي سواء في وقت الدراسة، أو في العطل، وكان (رحمه الله تعالى) يتابع الموضوع بنفسه، من خلال حضور بعض الوجبات مع الطلاب، جالساً معهم على طاولة العشاء، ومشاركاً معهم وجبتهم المسائية، وهذا قلما تجده عند عمداء الكليات الشرعية، وغيرها.
الطمأنينة: قلما تطمئن نفسك لشخص، لاسيما في هذه الظروف، فمن يرعاك ويعتني بك لابد له من مطالب أخرى يأخذها مقابل هذه، إلا هو يعطي بدون منة أو مقابل، قائلاً: "هذا مال وقف فحافظوا عليه"، وهذه رسالة لابد أن توصلوها، وإياكم أن ترضخوا للفتنة، ففلسطين حق للشعب الفلسطيني، و"إسرائيل" محتلة ويجب مواجهتها.
لقد فقدنا منذ تسع سنوات العمل الدؤوب، والهمة العالية، والمحرك الذي لا يتركنا نتلهى ونهدر وقتنا، ولا أنسى نصيحته التي لا تفارقني: "يا بُني احرص على وقتك، فهو ثمين، عزز من قدرتك العلمية في هذه الأوقات فقد لا تتاح لك فرصة مثلها"، وهذه لم نعرفها إلا بعد فوات الأوان؛ عندما اشتدت الأزمات، وكثرت المسؤوليات، وفارقنا المرشد والناصح والأمين.
رحم الله شيخنا وأسكنه الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، اللهم آمين.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل