عملية القدس البطولية.. التوقيت والتأثير

الثلاثاء 09 أيلول , 2025 10:50 توقيت بيروت مقالات مختارة

مقالات مختارة
 
العملية العسكرية التي وقعت في مدينة القدس المحتلة كانت نوعية ومفاجئة، وجاءت في توقيت بالغ الحساسية سياسيًا وأمنيًا، مما جعل تأثيرها على الداخل "الإسرائيلي" عميقًا ومربكًا.
العملية التي نُفذها مثنى عمر ومهند طه صباح الاثنين 8 سبتمبر 2025، في قلب مدينة القدس، تحديدًا عند محطة حافلات قرب مستوطنة "راموت" تزامنت مع تصاعد الغضب الشعبي الفلسطيني بسبب جرائم الإبادة في غزة، وتزايد عنف المستوطنين في الضفة، مما أعطى للعملية رمزية انتقامية وردًا مباشرًا على العدوان "الإسرائيلي".
المنفذان شابان من قريتي قبيبة وقطنة قرب رام الله لم يكونا يحملان تصاريح دخول، ولم تكن لهما سوابق أمنية، ما جعل العملية صادمة للأجهزة الأمنية "الإسرائيلية"، كما أسفرت عن مقتل 6 مستوطنين وإصابة 11 آخرين بجروح متفاوتة.
الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، اعتبرت العملية "ردًا طبيعيًا على جرائم الاحتلال"، وأكدت أنها لن تمر دون عقاب.
لقد كشفت عملية القدس هشاشة المنظومة الامنية الصهيونية وعجزها عن التنبؤ بمثل عمليات كهذه في الوقت الذي تتغنى الأجهزة الأمنية "الإسرائيلية" بقدرتها على كشف المخططات الرامية لتنفيذ عمليات في الضفة والداخل المحتل.
كما ان المحللين "الإسرائيليين" وصفوا العملية بأنها "نموذج للفشل الأمني"، وأشاروا إلى أن "النية" لدى المنفذين باتت أصعب من الرصد التقني.
جاءت عملية القدس في وقت تواجه حكومة نتنياهو انتقادات واسعة بسبب فشلها في الحسم العسكري في غزة وانهاء الحرب، وتراجعها في ملف الأسرى.
العملية زادت من الضغط الداخلي والإعلامي الصهيوني، خصوصاً مع المطالبات بمحاكمة نتنياهو دوليًا بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
فالعملية أعادت أجواء الانتفاضة الثانية، حيث الخوف من العمليات الفردية بات يطغى على الحياة اليومية في المدن المحتلة.
وهناك تراجع في ثقة المستوطنين بقدرة الحكومة على حمايتهم، ما قد يؤدي إلى تصعيد داخلي أو حتى هجرة عكسية من بعض المناطق.
هذه العملية ليست مجرد حدث عابر، بل مؤشر على مرحلة جديدة من التصعيد، حيث تتقاطع المقاومة المسلحة مع الانهيار السياسي والأمني داخل الكيان.
تصاعد العمليات الفردية في القدس والضفة الغربية، خصوصاً تلك التي ينفذها شبان غير منتمين تنظيمياً، يمثل تحديًا وجوديًا لحكومة نتنياهو التي طالما تباهت بـ"القبضة الأمنية الحديدية". هذه العمليات لا تُظهر فقط هشاشة المنظومة الأمنية، بل تكشف أيضًا عن عمق الأزمة السياسية والاجتماعية داخل كيان العدو.
رغم التصعيد العسكري في غزة والضفة، فإن العمليات الفردية تستمر، لأن الردع الإسرائيلي يعتمد على القوة العسكرية فقط، دون معالجة الأسباب الجذرية مثل الاحتلال، الاستيطان، والاعتداءات على المقدسات.
فالشباب الفلسطيني، في ظل غياب أفق سياسي وانهيار السلطة الفلسطينية، بات يرى في العمليات الفردية وسيلة مباشرة للتأثير، خاصة مع تزايد مشاهد القتل والدمار في غز, العمليات الفردية، رغم بساطتها، تحمل قدرة تفجيرية سياسية وأمنية هائلة، لأنها تضرب في عمق الرواية "الإسرائيلية" عن السيطرة والردع.

حمزة حسين


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل