الثبات ـ عربي
أصدرت محكمة تونسية مختصة في قضايا الإرهاب، حكماً يقضي بسجن وزير الداخلية الأسبق ورئيس الحكومة الأسبق، علي العريض، لمدة 34 عاماً، وذلك في ما يُعرف إعلامياً بـ"قضية التسفير" إلى مناطق النزاع.
العريض، وهو قيادي بارز في حركة النهضة الإسلامية، أُدين بتهم تتعلق بتسهيل سفر مقاتلين تونسيين إلى سوريا للانضمام إلى فصائل تقاتل النظام السوري بقيادة الرئيس السابق بشار الأسد، وذلك خلال فترة توليه منصب وزير الداخلية بين عامي 2011 و2013، ثم رئيساً للحكومة بين عامي 2013 و2014.
كما قضت المحكمة بسجن اثنين من كبار المسؤولين الأمنيين لمدة 26 عاماً لكل منهما على خلفية التهم نفسها، بحسب ما أوردته وسائل إعلام محلية.
وتفاوتت الأحكام الصادرة عن الدائرة الجنائية الخامسة المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب، بين 18 و36 عاماً، وفقاً للمصدر ذاته.
وتشمل القضية 8 متهمين، من بينهم مسؤولون أمنيون سابقون والمتحدث باسم تنظيم "أنصار الشريعة"، المصنَّف تنظيماً إرهابياً في تونس، والذي جرى حظره في آب/ أغسطس 2013، خلال رئاسة العريض للحكومة.
وواجه المتهمون تهماً عدة، من أبرزها، "تكوين وفاق إرهابي، وتسهيل تنقل تونسيين إلى الخارج للقتال ضمن تنظيمات متشددة، ووضع كفاءات على ذمة تنظيم إرهابي، والانضمام داخل التراب التونسي لوفاق إرهابي، بالإضافة إلى استعمال الأراضي التونسية لارتكاب جرائم إرهابية ضد دول أجنبية ومواطنيها".
حركة النهضة وجبهة الخلاص تنددان بالحكم
بدورها، نفت حركة النهضة هذه الاتهامات، ووصفت القضية بأنّها "مفبركة وخالية من أي سند قانوني"، مشددةً على أنّ القضاء جرى توظيفه كـ"أداة لتصفية الحسابات السياسية" من قبل السلطة الحاكمة.
وحمّلت الحركة ما وصفته بـ"سلطة الأمر الواقع" مسؤولية انهيار مؤسسات الدولة، داعيةً جميع القوى الوطنية إلى التكاتف لمواجهة ما وصفته بـ"المنعرج الخطير" في تاريخ البلاد.
واعتبرت أنّ هذه المحاكمات سياسية وظالمة، داعية "كل الأحرار إلى التصدي لهذا المسار القمعي وإعادة تونس إلى درب الحرية".
من جهتها، اعتبرت جبهة الخلاص الوطني أنّ محاكمة العريض "افتقرت إلى أدنى شروط العدالة"، مشيرةً إلى أنّ العريض نفسه كان من صنّف تنظيم "أنصار الشريعة" كتنظيم إرهابي.
ورأت الجبهة أنّ الحكم الصادر يأتي "في سياق محاكمات جائرة"، على غرار ما حصل في ما يُعرف بـ"قضية التآمر" التي طالت 40 شخصية معارضة، من سياسيين ووزراء ومحامين ورجال أعمال.
يُذكر أنّ تونس شهدت بعد ثورة 2011 تصاعداً في نشاط التنظيمات المسلحة، بلغ ذروته عام 2015 مع سلسلة هجمات دموية. وبحسب الأمم المتحدة، انضم ما لا يقل عن 5500 تونسي إلى التنظيمات المسلحة في سوريا والعراق وليبيا بين عامي 2011 و2016، من بينهم عناصر قاتلوا ضمن صفوف تنظيم "داعش".
وتأتي هذه الأحكام في ظل توتر سياسي وحقوقي متصاعد، وسط انتقادات من منظمات حقوقية محلية ودولية بشأن تراجع الحريات منذ أن قرر الرئيس قيس سعيّد احتكار السلطات في البلاد صيف عام 2021، في خطوة يعتبرها معارضوه انقلاباً على الديمقراطية الوليدة.