من هو لبنان؟ اورتاغوس تجيب! _ يونس عودة

الثلاثاء 08 نيسان , 2025 04:52 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
بكثير من الصلافة الشخصية, المدوزنة مع العنجهية الاميركية ذات الطابع الفاشي , والاستناد على المجازر غير المسبوقة بحق الاطفال والرضع والنساء والشيوخ , وعمليات تدمير كل ما يمت للحياة بصلة , تجيب الموفدة الاميركية مورغان اورتاغوس , الاعلامي المحاور عندما قال لها إن لبنان يرفض اللجان الدبلوماسية للتفاوض مع "اسرائيل" قبل انسحاب قواتها المحتلة من لبنان , وإطلاق المخطوفين على يد قوات الاحتلال: من هو لبنان؟ لم يرفض اي من المسؤولين امامي ذلك, علما انها سمعت وقرأت لاحقا , واطلعت على أن رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون , ورئيس الحكومة نواف سلام , أعلنا خلاف ما تقول , ولا يجتهدنّ أحد في معرفة إذا اصيبا بالذهول من موقفها "الاسرائيلي" مضمونا وشكلا . 
لا يشك أحد في صحة ما صدر عن مواقع السلطات اللبنانية الرسمية , وإذا شاء من شاء ان يجتهد في تصديق الاكاذيب الاميركية , ليس في حالة اورتاغوس الاخيرة , بل في مجمل السياسات الاميركية، فلن يتمكن من تبرير التهويل والضغط والتهديد، لان تلك السياسات قائمة على الاكاذيب والتضليل , والقضم وصولا الى القتل .
لا يفسر كلام اورتاغوس قبل ان يقال من هو لبنان , الا تهديداً مباشر للرئيسين عون وسلام , اللذين تجاهر واشنطن انها كانت الرافعة لوصولهما الى منصبيهما , ولا تتردد في ان تعلن ان من يريد صداقة الولايات المتحدة عليه ان يخضع لسياساتها على كل المستويات , دون الالتفات الى المصلحة الوطنية اللبنانية، ولو بحدها الادنى , ولو ادى ذلك الى اشعال حروب داخلية , و"إسرائيلية" مدعومة من كل موجودات ترسانة الولايات المتحدة من ادوات القتل والتدمير .
من الطبيعي ان لبنان في المقاييس الاميركية والقدرات العسكرية لا يجوز مقارنته مع اي بلد، سواء تلك البلدان التي تدور في الفلك الاميركي , او تلك الخارجة عن سطوته التدميرية في الاخلاق والاقتصاد والديمقراطية والحرية والسيادة .
من المؤسف حقا ان المتبجحين الذين يعملون على تجميل القاذورات الاميركية برذاذ خبيث, عبر خطابات ممجوجة عن السيادة والوطنجية , ابتلعوا ألسنتهم عن الاهانة الاكبر التي وجهتها سيدتهم الصغيرة الى "لبنان, الكرامة والشعب العنيد", ومنطلق الحرف والاشعاع على العالم "و"نقطة الوصل الحضاري بين الشرق والغرب ".
من المفهوم ان "اللبناني الطموح", يمكنه التنازل عن اهواء وامور شخصية لتحقيق اهداف كبيرة , الا ان الطموح ان تكون مجرد اداة للتنكيل ببلدك , خدمة للأهداف الاميركية وفحواها "الاسرائيلي" , كما لخصها رئيس حزب الكتائب سامي الجميل في تبريره للعدوان "الاسرائيلي" المستمر على لبنان: ان "اسرائيل" لا تستهدف امثاله لأنه لا يحمل سلاحا غير شرعي , اي بمعنى اخر ان "اسرائيل" تدافع عن الشرعية اللبنانية وتريد الحفاظ عليها , بينما المدافعون عن لبنان الوطن والشرعية الوطنية هم اهداف "اسرائيل" .
اما من هو لبنان؟ لبنان الذي يتعرض شعبه للقتل منذ عام 1948 , منذ جرى زرع الكيان الصهيوني في ارض فلسطين وحتى اليوم , ولم يهن ولم يصغّر اكتافه لاي غاز.
لبنان الذي تقولين من هو , اي ما قيمته , بنت بلادك أكبر سفارة في المنطقة على ارضه, لتكون مجموعة اوكار منها اوكار لتربية الافاعي , والعمل على نشر سمومها في المجتمع , واوكار التجسس والاغتيالات ,,الخ..
لبنان الذي يبدو أنك لا تعرفينه كما يجب؛ تعرض لسلسلة اجتياحات لأرضه، وفقد عشرات الالاف من ابنائه دفاعا عن الشرف والكرامة اللذين ارادت بلادك، سواء مباشرة او على شكل دعم العدوان "الاسرائيلي" تكرارا لإذلاله , وخرج وطنيوه للتصدي رغم القوى غير المتماثلة. 
لبنان ,ايتها المستعمرة وحاملة شروط الاذعان على كل المستويات , احتُلت عاصمته بيروت عام 1982 وانت لم تبصري النور بعد (مواليد تموز 1982), فخرج ابناؤه - الا الضالين منهم وبعضهم لا يزال شاهدا شخصيا او من سلالته - من كل بيت وحارة وشارع دفاعا , واخرجوا الاحتلال ذليلا , مع ضربات مؤلمة لرعاة الاحتلال من قوات متعددي الجنسية , وضمنا فخر قوات بلادك.
إذا كانت السيدة اورتاغوس تحكم في عبارته من هو لبنان من خلال الحكم على صبية اميركا وعشاقها , يجدر ان نقول لها: معك حق ,وفي هذا المجال تصلح اطروحتك الفائزة في "مكافحة التمرد"، فهذا ليس هو لبنان الذي عليك ان تتعرفي عليه .
من المهم ان يكون المفاوض او المفوض النزق والمتعالي مُلماً بتاريخ اي بلد وسيكولوجية شعبه , وليس الرهان فقط على المستعدين لتنفيذ الاوامر كأدوات تخرج وطنيا عن الخدمة في اي محطة , وتتزلف لمن تعتبره قويا , وقادرا على القتل، وترفع عناوين الاصلاحات الكاذبة التي ستطبق بعد ان تفرض الدولة سيطرتها وشرعيتها على كامل الاراضي اللبنانية.
من المهم بمكان ان يقرأ راكبو موجة اميركا و"اسرائيل", ما ورد على لسان وزير الخارجية السابق عبد الله ابو حبيب ,عن وحدانية "اسرائيل" واميركا ضد العرب اجمعين , وهو الذي عاش ردحا من الزمن في الولايات المتحدة , ويحمل وعائلته الجنسية الاميركية، وبالتالي ليس من محور المقاومة او من مؤيديه .
يقول ابو حبيب الدبلوماسي المخضرم في استنتاج معروك بالتجربة: ان "اسرائيل" تتصرف بهذه الوحشية والتفلت لأنها وصلت الى قناعة بأن شعوب المنطقة لم تتقبلها , ولن تتقبلها ابدا , ولهذا فهي صرفت النظر عن طروحات (مزيفة) عن السلام وعن التعايش , وهنا يمكن الاضافة ان "اسرائيل" باتت تعلم ان اميركا معها، ولو القت على العرب قنبلة نووية، هي تمضي في تدمير الدول من حولها لفرض هيمنتها بالكامل , واقامة عمق استراتيجي على الطريقة الهتلرية .
ان زيارات اورتاغوس ذات الغرضية "الاسرائيلية", المخلوطة بالحديث عن اصلاحات غير معلنة تريدها الولايات المتحدة , وهي حسب معطيات جدية وضعت قائمة بأسماء الذين سينفذون تلك "الاصلاحات" بالسرعة المطلوبة اميركيا، وتشمل معظم ادارات الدولة التي ستكون جميعها تحت الاشراف الاميركي المباشر , اي إطلاق الطلقة الاخيرة على السيادة .
ارادت مورغان اورتاغوس من ابراز موقفها الفاسد , ان تقول انها الامر الناهي , وان الايجابيات التي تناقلها الاعلام عن فحوى المحادثات الرسمية , تعني خلاصة ما تفوهتبه بنفسها .
في الزيارة ما قبل الاخيرة اضطرت رئاسة الجمهورية لتصحيح ما ذكرته من قصر بعبدا , وقيل بعدها انه تمّ لفت انتباهها إلى ضرورة مراعاة جوانب عدة لدى زيارتها لمسؤولين في لبنان، وهي التزمت بعدم التصريح من منابرهم , لكنها اخرجت سمومها في لقاء صحفي طلبته , فكان لها , وصمت القوم عن الاهانات , واختاروا الانحياز الى فساد الساكتين في سجون الرعب المتوفقة في الذل على غوانتانامو .


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل