أقلام الثبات
يعيش لبنان مرحلة استثنائية وخطيرة على مستوى النظام السياسي والإداري تشابه الانتداب الفرنسي وحكم المفوض السامي، عبر رؤساء الجمهورية والحكومة والنواب، حيث كان الجنرال بول بينيه (1944-1946) آخر مفوض فرنسي.
بعد الغزو الأمريكي للعراق وإسقاط رئيسه صدام حسين وحلّ الجيش ، عيّنت أميركا الدبلوماسي بول بريمر حاكماً إدارياً للعراق، وأصبح رئيس السلطة التنفيذية الرئيسية، وشكّل "مجلس الحكم العراقي" من السياسيين العراقيين الذين يعملون تحت إشرافه .
أسقطت أميركا الرئيس بشار الأسد ونظامه، وحلّت الجيش السوري، وفكّكت الدولة السورية وتعمل لتقسيمها سياسيا وطائفيا، وعيّنت أبو محمد الجولاني أميراً على سوريا، منزوع الصلاحية، وتحكم سوريا بأذرعها "الإسرائيلية" والتركية والعربية.
بدأت أميركا بحكم لبنان بتعيين حاكم إداري جديد، تسلّل من باب مفاوضات وقف النار وفصل جبهة لبنان عن "غزة"، والتي كان يديرها هوكشتاين، وانتهت "باتفاق تشرين" الذي اوقف الحرب من طرف المقاومة، واستمرّت "إسرائيل" بحربها، ثم وسّعت أميركا مهمة مبعوثها وعيّنت "مبعوثة" صهيونية، تحاول استفزاز اللبنانيين عبر زينتها النسائية السياسية "نجمة داوود".
توسّعت صلاحيات "الحاكم الأميركي" من وقف النار والانسحاب "الاسرائيلي" وتطبيق القرار 1701 إلى مسألة الحدود اللبنانية - السورية، ثم الإشراف على الإصلاحات في الإدارة اللبنانية وتعيينات الموظفين والقادة الأمنيين والعسكريين وفق الشروط والمواصفات الأمريكية، وتقتصر مهمة المسؤولين اللبنانيين بإصدار المراسيم الشكلية والقانونية لشرعنة هذه التعيينات، وحفظ ماء الوجه والربح الوهمي بامتلاك القرار وحفظ الحصص.
اعتمدت أميركا نظام "الحاكم الإداري" وتقليد التجربة السورية التي حكمت لبنان لثلاثة عقود، واستبدلت عنجر بعوكر، والجنرال السوري المقيم الذي "يحج" اليه الرؤساء والوزراء والنواب وكل طالب وظيفة، فبادرت لتعديل التعامل، حيث يقوم "الحاكم الأميركي" بزيارة الرؤساء وإعفائهم "مرحليا" من زيارة "عوكر"!
تحاول أميركا تحت التهديد والترهيب احتلال لبنان سياسياً وادارياً وثقافياً دون غزو عسكري عبر أدواتها في لبنان، والتهديد بالحرب "الإسرائيلية"، وتكرار "نموذج غزة" في الجنوب والضاحية والبقاع، وتعمل لإذلال اللبنانيين عبر اختيار "الحكام الإداريين" الذين يجاهرون بانتمائهم وتأييدهم "لإسرائيل" او هويتهم الدينية، "فهوكشتاين" يهودي وكان جندياً في الجيش "الإسرائيلي"، قاتل في جنوب لبنان، والحاكم الجديد "مورغان أورتاغوس" يهودية تتزيّن "بنجمة داوود"، وتفاوض بأفكار اليمين "الإسرائيلي"، والناطقة باسم مشروع "نتنياهو" لتغيير الشرق الأوسط!
يهدّد الحاكم الأمريكي بالعودة للحرب إذ لم يتم تنفيذ مطالبه ومطالب العدو، "ويصرخ "على منابر المسؤولين اللبنانيين :
- انزعوا سلاح المقاومة.. وإلا فالحرب .
- عيّنوا الحاكم او المسؤول او الضابط الفلاني.. وإلا فالحرب .
- اسرقوا اموال المودعين وعدّلوا النظام المصرفي.. وإلا فالحرب .
- ممنوع دخول ممثلي المقاومة للحكومة ...وإلا فالحرب.
- ممنوع استقبال الطائرات المدنية الإيرانية ...وإلا فالحرب .
- ممنوع استلام الأموال الإيرانية او العراقية او أي مال للإعمار...وإلا فالحرب .
وغداً... سيهدّد الحاكم الأميركي:
- جنّسوا النازحين السوريين ...وإلا فالحرب .
- جنّسوا اللاجئين الفلسطينيين ...وإلا فالحرب .
- عدّلوا المناهج الدراسية ...وإلا فالحرب .
- وأغلقوا القرض الحسن والحوزات الدينية والمراكز الثقافية التي تنشر الفكر المقاوم لأنها تعادي "اسرائيل" والسامية ...وإلا فالحرب .
الآن ظهرت "شمس السلاح المقاوم" وماذا كان يعطي لبنان!
كانت المقاومة تدفع "الغُرم" من بيئتها ومن سلاح مقاومتها؛ شهداء وجرحى وتدميراً لبيوتهم وقراهم وتهجيراً وخوفاً وجنازات ومقابر تتوسّع أكثر من عمران القرى... لكن المستفيد والرابح الذي يأخذ "الغُنم" وثمار السلاح هم اللبنانيون جميعاً؛ دولة وشعباً.
كان السلاح المقاوم يمنع العدو "الاسرائيلي" من استباحة لبنان عسكرياً، ويمنع أميركا من استباحته سياسياً، ويحفظ كرامة لبنان وقراره المستقل وإدارة شؤون وطنهم.
أما الآن وفي مرحلة "التجميد المؤقت" للسلاح ،بسبب الضربات القاسية التي أصابت المقاومة من العدو ومن الطعنات في الخلف ووفق خطة الصبر المقاوم والشجاع والعاقل للمقاومة ،لإثبات ضرورة المقاومة والسلاح بالدليل الحسي وإظهار عجز الدولة واللبنانيين والنفاق الدولي عن حماية لبنان، فإن "الحاكم الأميركي" يفرض قراراته ويحدّد المهل الزمنية ويعطيه المسؤولين "كشف حساب" عما انجزوه حتى لا يتعرّضوا للمحاسبة!
سيحكم "الحاكم الإداري الأميركي" لبنان ويدير "مجلس الحكم اللبناني" ... حتى تشفى المقاومة من جراحها، وسيعود للسلاح قراره الذي سيطيح "بالحاكم الأميركي" والمحتل "الاسرائيلي" والطوابير الخامسة اللبنانية .
قاتلنا 18 عاماً لتحرير الجنوب... ومستعدّون للقتال 50 عاماً لتحرير لبنان... لن نستسلم... ولن نسلّم السلاح ... فالسلاح المقاوم "زينة الرجال"، وحارس الأرض والكرامة والدين...
أميركا تُعيّن حاكماً إدارياً للبنان _ د. نسيب حطيط
الأحد 06 نيسان , 2025 02:58 توقيت بيروت
أقلام الثبات

