الفوضى الأميركية ... و"تهويد لبنان" ــ د. نسيب حطيط

الجمعة 21 آذار , 2025 12:36 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تستمر الحرب الأميركية لتغيير معالم الشرق الاوسط القديم ، و"تهويد" العالم العربي والإسلامي، ماعدا بعض دول وحركات المقاومة التي تقاوم المشروع الأميركي الذي يخوض معركته عبر الجماعات التكفيرية المتوحشة والمذهبية والطائفية والجيش "الإسرائيلي" المتوحش والتدخل الأميركي الحاضر عبر القواعد العسكرية التي تغتصب القرار السياسي العربي وتوظّف الأنظمة وثرواتها لتمويل الحروب الأميركية المتنقلة .
تعتقد أميركا وجوب إنهاء قضية فلسطين ،التي ابقت منطقة الشرق الاوسط بحروب وصراع دائم منذ 70 عاما وحكمت الخطاب السياسي والديني واستنزفت قدرات الأطراف المتصارعة وتشاغل امريكا ، مما يعيق سيطرتها على ثروات المنطقة ،بالإضافة لخوض المعركة ضد الصين ابتداء من قطع "طريق الحرير" او ابتزاز الصين، لفرض الشراكة الأميركية وإلا سيتم قطع الطريق على "الحاجز الأميركي" في الشرق الأوسط.
بدأ "تهويد" المنطقة منذ اتفاقية "كامب ديفيد" والتطبيع الناعم والهادئ مع دول الخليج وإنهاك وتفكيك العالم العربي من بوابه "الربيع العربي" الدموي الذي زعزع المنظومة السياسية الحاكمة وأسقط الأنظمة في مصر وسوريا وليبيا وتونس وقسّم السودان ووضع العراق تحت الوصاية الأميركية والتقسيم   السياسي بين الأكراد والعرب وبين السّنة والشيعة.
استطاعت إيران مع حركات المقاومة وسوريا عرقلة المشروع الأميركي ومشاغلته طوال 30 عاما والحقت به خسائر موضعيه وإستراتيجية حتى معركتي" طوفان الأقصى" و "طريق القدس"  والتي لا زالت مستمرة، لكنها أصابت محور المقاومة و"محوره" في لبنان بضربات إستراتيجية كبرى ووضعت المنطقة في دائرة القرارات المفصلية التي إذا نجحت فيها أميركا ،ستؤدي لإطفاء نار القضية الفلسطينية وانهائها وفق الرؤية الأميركية - "الإسرائيلية" وشطب حل الدولتين و تفكيك السلطة الفلسطينية الوهمية و إصابة الشعب الفلسطيني "بالنكبة الثانية وتهجير "غزة". "
تستعيد أميركا أحداث التاريخ الإسلامي وصراعاته التاريخية من بوابة التكفير والصراع السني - الشيعي التاريخي وإعادة احياء  الخلافات واستحضار الماضي ،فكان فيلم " معاوية " ورفع شعار "دمشق أموية" وتكفير الشيعة ،حيث ترى اميركا انها أقصر الطرق واسرعها ،لتحشيد الأطراف واستدراجها للمعركة لحروب دينية متوحشة و الطريقة الأمثل، للقضاء على حركات المقاومة التي تنحصر في المذهب الشيعي عموماً ما عدا حالة استثنائية تمثلها المقاومة الفلسطينية في غزة والتي ترزح تحت قيود هذا الصراع المذهبي وتضطر ،لمجاملة  الإسلام السياسي السني العام المعادي ،للإسلام السياسي الشيعي وربما تجاوزت في بعض المرات لتكون في خندق المواجهة لحركات المقاومة الشيعية مع أن هذه الحركات ،هي السند الوحيد للمقاومة الفلسطينية المسلحة.
تحاول أميركا تسريع إسقاط المنطقة بعد النجاحات التي حققتها وترى ان ما تبقى من حركات المقاومة ودولها يمكن اسقاطه، بالتكامل بين الحروب "الإسرائيلية" - الأميركية والحروب المذهبية التي يمكن ان تساهم في التغيير الديموغرافي وحصار حركات المقاومة واهلها والأخطر انه يتم عقاب مجتمع المقاومة وطائفتها، بناء على الموقف من حركات المقاومة وعدم الفصل بين المقاوم والمدني ، فيكفي ان تكون منتميا، لطائفة المقاومة لتصبح هدفاً، للتوحش الأميركي - "الإسرائيلي" - التكفيري.
تستعجل أميركا، إسقاط لبنان بعدما نجت المقاومة في حرب 66 يوما ولتعجيل التوقيع تزيد الحصار السياسي والمذهبي والاقتصادي عليها والاستفادة من بعض التصاريح السياسية "بأن لبنان سيكون آخر دولة يوقع اتفاق سلام مع إسرائيل" كان الرهان ان لا تسقط سوريا وهذا صار ممكنا بعد توقيع، أغلب الدول العربية وربما تُشعل اميركا الفتنة المذهبية وتحشد "السنّة" المتعدّدي الجنسيات في مواجهه الشيعة اللبنانيين.
لتبادر القيادات الشيعية ،للتواصل مع القيادات "السنّية" خصوصاً واللبنانية عموماً، لوأد الفتنة القادمة التي ستصيب الجميع وسيخسر اللبنانيون جميعا ويتم إلزامهم بالقبول بالتوطين والتطبيع ودمج المسيحي بعد إنهاكهم جميعاً.
لن تستسلم المقاومة وأهلها ولن تستطيع أميركا ،إسقاط لبنان ،مما سيجعل الأيام القادمة ساخنة وطويلة، لاستحالة القضاء على المقاومة ، كما يعتقدون ولا خيار للشرفاء الا القتال وعدم الاستسلام مع الاعتراف بصعوبة ودموية المعركة القادمة ،لأن لبنان قد سقط بأيدي اميركا ،سياساً وطوائفياً ولم يبق منه إلا القلة من الوطنيين المقاومين الذين عليهم واجب قتال إسرائيل وأميركا وبعض اللبنانيين الذين ينطق باسمهم وزير خارجية "الحكومات اللبنانية المتعددة" الذي حمّل المقاومة مسؤولية التدمير والقتل "الإسرائيلي" للبنانيين وبرّأ العدو وربما سيتحالف معه في المجازر الجديدة كما حدث في اجتياح 1982.
الحرب لم تنته، وعلينا الصمود والمواجهة العاقلة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل