التكفيريون… والمهمات الأميركية المقدّسة ـ د. نسيب حطيط

الثلاثاء 18 آذار , 2025 04:42 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
فرضت أميركا الجماعاتِ التكفيريةَ لاعباً رئيسياً في المنطقة؛ عسكرياً ودينياً وسياسياً السياسي، وتمت ترقية امراء التكفير الى رتبة "رئيس جمهورية" وسلطة حاكمة في سوريا، بعد تصنيفها جماعات إرهابية.
إن جماعات التكفير المعاصرة هي صناعة أميركية، بعد سقاية الجذور التاريخية للإسلام التكفيري الذي اسّسه "ابن تيمية" وبعض الفقهاء الذين تشدّدوا في موضوع التكفير داخل الإسلام بعنوان "حماية التوحيد"، والذي نسفوه "بالتجسيم" لله سبحانه وتعالى، وجعلوا له "يداً" محسوسة، ووصفوه بالحركة المادية نزولاً وصعوداً الى السماء ، مما ألغى كل شروط التوحيد والتنزيه للذات الإلهية، فكانوا اول الكافرين بالتوحيد ومع ذلك نصّبوا أنفسهم قضاة بالنيابة عن الله سبحانه ودون إذنه، لإصدار أحكام الإيمان والتكفير للمسلمين .
استفادت أميركا من إحياء الفكر التكفيري وإعادة تصنيعه، بما يخدم مصالحها واعتباره أحد ألوية جيشها واعتماده كجيش ،لحروبها البديلة "المارينز التكفيري" المجوقل الذي تنقله من أفغانستان الى العراق ثم ليبيا ثم سوريا مع محاولة نقله الى لبنان وقد نجحت ،باستثمار هذه الجماعات التكفيرية التي حقّقت لها مصالحها ولا زالت تفتح فروع لها في افريقيا وفي العالم العربي ويمكن ان تنتقل الى آسيا الوسطى ،لمواجهة روسيا في لحظة، لن تتأخر كثيراً.
تتلخص الأهداف الأمريكية لاستثمارها الجماعات التكفيرية بما يلي:
-  تقليل الخسائر الأميركية على مستوى الجنود والاستغناء عن الغزو المباشر واستبداله بإدارة الغزوات التكفيرية "غزوة داعش" في العراق وغزوة "النصرة" في سوريا وغزوة "القاعدة "في أفغانستان. 
-إشعال الصراعات في كل بلد بعناصر داخلية من التكفيريين وبمؤازرة تكفيريين أجانب عند الحاجة ،ليقاتل كل بلد نفسه ويمزّق نسيجه الاجتماعي والديني والقومي في عملية استنزاف وقتال تؤدي الى الانتحار الجماعي وتفكيك الدول.
-  توجيه القتال والحشد في العالم الاسلامي والعربي الى القتال الطائفي والقومي، بديلاً عن الصراع مع العدو الإسرائيلي الذي يحتل القدس وفلسطين .
- تفكيك الدول وتقسيم وحدتها الجغرافية والسياسية والديموغرافية ،لتسهيل ولادة الدويلات والأقاليم الطائفية والإثنية الضعيفة والمتناحرة.
- مواجهة حركات المقاومة الإسلامية "الشيعية والسنّية" وفق إستراتيجية مواجهة الفكر الديني ،بالفكر الديني المضاد وإحداث عمليه "التصادم المذهبي" وصولاً، لتصفير القوى ،لكلا الطرفين الذي تصنفهما اميركا إرهابيين مع ان أحدها يقاتل اميركا (حركات المقاومة ) والآخر يقاتل لمصلحة اميركا (الجماعات التكفيرية).
- تشويه الإسلام الأصيل وإظهاره ديناً متوحّشاً، يعتمد الذبح والاغتصاب والسبي وانتزاع القلوب وحرق الأحياء ، لإفساح الطريق امام "الديانة الإبراهيمية" في عقول الأجيال الشابة.
اثبتت حروب التكفيريين ، انها الحروب الأكثر خطراً ودموية في تاريخ الأمة الإسلامية والعربية المعاصرة مع نتائج استثنائية لجهة تحقيق الاهداف الأمريكية وعلى مستوى الصراع العربي - "الإسرائيلي" وقضية فلسطين وتفكيك الدول وإنهاكها ،حيث تكاد أميركا تحصد خلال 10 سنوات ما عجزت عنه طوال 70 عاماً ويوازي ما حققته الحرب العالمية الأولى عبر اتفاقية "سايكس - بيكو" وإعادة ترسيم حدود الدول وعددها وجغرافيتها من جديد.
يظن البعض عن قلة معرفة او غباء سياسي او حقد أعمى، أن هدف التكفيريين ينحصر ،بالشيعة والعلويين والدروز، لكن الحقيقة ،أن أعداء التكفيريين هم الذين لا يؤمنون بالفكر التكفيري ،فالصوفيون كفّار وأهل السنّة بمذاهبهم الأربعة مرتدّون او كفار، إن لم يؤمنوا بأمير التكفيريين وليّاً للأمر والمسيحيون مشركون كفّار.
نجحت أميركا بنبش التاريخ وإعادة إحياء رموزه المتوحّشة ومعاركه الدموية، للقضاء على الإسلام والسيطرة على المنطقة ولا يزال الوقت متاحاً، لوحده المسلمين غير التكفيريين مع المسيحيين والعلمانيين لكبح التوحش التكفيري وإسقاط المشروع الأميركي. 
لا يمكن القضاء على الفكر التكفيري بالرصاص وحده ،إنما بالمقاومة الثقافية والفكرية والإعلامية والدينية لتبيان بطلان العقيدة التكفيرية وانحرافها .
"التكفيريون" هم أعداء الإسلام والمسيحية والإنسانية.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل