حديث "التطبيع" في لبنان.. ما له وما عليه ــ د. ليلى نقولا

الإثنين 17 آذار , 2025 12:06 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

تكاثر الحديث في لبنان عن بدء مسار التطبيع مع "إسرائيل"، وذلك بعدما قال "الإسرائيليون" إن لبنان وسوريا مرشحتان للدخول في اتفاقيات تطبيع، وما نُقل عن مسؤول "اسرائيلي" أن "المناقشات مع لبنان بشأن الحدود البرية هي جزء من خطة شاملة"، تسعى للاستفادة من الزخم نحو تحقيق التطبيع.

وقد أضيف الى تلك التصريحات، تصريحات أميركية تسعى لتحقيق السلام بين لبنان وإسرائيل، وكانت المبعوثة الأميركية مورغان أورتاغوس أنّ «كل ما تقوم به أميركا ديبلوماسياً هو محاولة منها لجمع الأطراف كلها للتوصّل إلى السلام"، وان هناك مجموعات عمل تسعى لحلّ القضايا العالقة بين لبنان و"إسرائيل".

وبالرغم من تأكيد اللبنانيين أنهم ليسوا بوارد الذهاب الى اتفاقية تطبيع مع "إسرائيل"، وتأكيد المسؤولين أن الأمر غير معروض حالياً وأن كل ما يتم مناقشته هو فقط انسحاب "إسرائيل" من لبنان، تبقى بعض الأمور القانونية التي لا بد من توضيحها، وهي على الشكل التالي:

أولاً: الحديث عن اتفاقية تطبيع بين بلدين يغفل قضية هامّة وأساسية أن مسار التطبيع يجب أن يبدأ باتفاقية سلام ثم يأتي بعدها أو ضمنها بنود للتطبيع، ولا يمكن اختصار المراحل بالذهاب الى التطبيع مباشرة.

ثانياً: في التعريفات:

معاهدة السلام ومعاهدة التطبيع هما اتفاقيتين دبلوماسيتان، لكنهما تخدمان أغراض مختلفة في العلاقات الدولية. علماً، أنه يمكن لاتفاقية السلام أن تتضمن بنوداً أو مساراً للتطبيع.

معاهدة السلام هي اتفاقية رسمية يتم التوصل اليها بوساطة خارجية (أمم متحدة أو دول ثالثة) تُنهي رسميًا حالة حرب بين طرفين أو أكثر، وتتضمن عادةً شروطًا تتعلق بوقف إطلاق النار، والتسويات الإقليمية، ونزع السلاح، والتعويضات الخ.

أما اتفاقية التطبيع، فتُنشئ أو تُعيد (بعد انقطاع) علاقات دبلوماسية كاملة بين الدول، غالبًا بعد فترة من العداء أو عدم الاعتراف. وتركّز هذه الاتفاقية على تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والسياحي، والتبادل الثقافي، ولا تُعنى بمجال الحرب وعدم الاعتداء أو سواه.

ثالثاً: في القانون الدولي:

معاهدة السلام هي اتفاقية ملزمة قانونًا بين الدول المتحاربة، تُنهي رسميًا حالة الحرب، وقد يؤدي انتهاكها الى تجدد حالة الحرب أو للتقاضي بين الدول في محكمة العدل الدولية. تخضع هذه المعاهدة لقواعد القانون الدولي الإنساني (قانون النزاعات المسلحة) واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات (1969).

بينما تهدف اتفاقية التطبيع الى تعزيز العلاقات بين دول كانت في السابق معادية أو لم تكن تربطها علاقات رسمية. وهي تخضع لاتفاقية فيينا لقانون المعاهدات خاصة البنود التي تتحدث عن "تطبيق المعاهدة بحسن نيّة"، وللقانون العرفي الذي ينص على احترام سيادة الدول والاعتراف الدبلوماسي المتبادل بين الدول.

وعليه، أن الحديث عن التطبيع في لبنان يبدو خارج السياق لسببين:

1- أولاً: إن الدول العربية التي قامت باتفاقيات تطبيع مع إسرائيل، لم يكن لديها أراضٍ محتلة ولم تكن من دول الطوق، وبالتالي أمكنها الذهاب مباشرة الى التطبيع بدون الحاجة لتوقيع اتفاقيات سلام.

أمّا في لبنان، فالمطلوب قبل كل شيء أن تنسحب اسرائيل من الأراضي اللبنانية المحتلة سواء تلك التي حصلت بعد الحرب الأخيرة أو ما قبل ذلك، بالإضافة الى احترام سيادة لبنان والتعهد بعدم الاعتداء وخرق الأجواء اللبنانية الخ.

2- لبنان سيلتزم بالسقف العربي ولن يذهب للسلام أو التطبيع بدون العرب ولا مصلحة له بذلك. علماً أن السقف الذي وضعته المملكة العربية السعودية للتطبيع وهو تشكيل دولة فلسطينية على حدود 67 عاصمتها القدس الشرقية، هو السقف الذي يجب أن يلتزمه جميع العرب، وهذا ما أكّده رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون في خطابه في القاهرة.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل