انتفاضة الساحل السوري دفاعاً عن النفس _ د. نسيب حطيط

السبت 08 آذار , 2025 12:12 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 بعد ثلاثة أشهر من إسقاط النظام في سوريا وانتشار الفوضى وعمليات الانتقام ضد الأقليات في سوريا وفي مقدمتهم "الطائفة العلوية" والتعامل معها كطائفة مجرمة ،مسؤولة عن أفعال النظام السابق ويتم تحميلها مسؤولية ما قام به النظام السابق والجيش والأجهزة الأمنية، بمواجهة المعارضة والجماعات التكفيرية الذي يعتمد على الطائفة "السنّية" التي تشكل الأغلبية في الجيش او الأجهزة الأمنية او الحكومية. 
إن المشروع الأميركي الذي أوصل جبهة النصرة وأميرها "الجولاني" المطلوب لأميركا، بتهمة الإرهاب لا يهدف لإعطاء السلطة الى "الجولاني"، بل هو أداة "ظرفية" لتفجير سوريا الموحّدة وتقسيمها الى دويلات طائفية وإثنية، بعنوان فيدرالي او كونفدرالي، بالإضافة لنقل سوريا من خندق المواجهة مع العدو وعدم التطبيع مع العدو الإسرائيلي الى جبهة التطبيع والسلام مع إسرائيل مع إعطائها حصة في الجنوب السوري.
نجحت أميركا بتكرار تجربة "الأفغان العرب" في أفغانستان بنسخة سورية " السوريون الأجانب" من التكفيريين حيث تم تجميع العناصر التكفيرية من كل العالم ،خاصة من الدول الآسيوية في الإتحاد الروسي" تركستان واوزباكستان وطاجكستان وغيرها" لارتكاب المجازر وتقويض وحدة المجتمع السوري وتنفيذ المرحلة الثانية الدموية بعد إسقاط النظام ودفع الأقليات في سوريا للدفاع عن نفسها .
بدأت مؤشرات تقسيم سوريا وتفتيتها ، بالظهور وخلال ثلاثة أشهر فقط، سواء عبر الموقف الدرزي الذي يتحكّم بالرأي العام الدرزي والذي يرفض سيطرة "الجولاني" على المناطق الدرزية ويتطرّف بعض الدروز للقبول بالحماية الإسرائيلية ،لحفظ خصوصياتهم ومصالحهم، وتحقيق "توازن الردع" بالتلازم مع عدم تسليم الأكراد سلاحهم او الاعتراف بالسلطة الجديدة.
سلّم "العلويون" في الساحل سلاحهم وأعلنوا تأييدهم ، للنظام الجديد وصدقوا أمر التسويات الوهمية وسلموا أنفسهم وتبين انهم وقعوا في "فخ الخديعة" الذي نصبته "جبهة النصرة" للتمكن والسيطرة والتعامل مع العلويين على انهم مجرمون بالمعطى الأمني والسياسي و" كفّار" بالمعطى الديني وكذلك الدروز والشيعة والمسيحيون"، مما استدعى انتفاضة "أهل الساحل" للدفاع عن أنفسهم وأعراضهم وعن عقيدتهم، فإذا نجحت انتفاضة الساحل وصمدت ، للأسابيع القادمة او وصلت الى تسوية مع "جبهة النصرة" بإدارة ذاتية او تفاهمات تحمي الساحل ،مما يكرس الفيدرالية السورية ،أما اذا انهزمت فسنكون امام مجازر واستباحة متوحشة من القتل والسبي.
والأسئلة المطروحة...
 هل أن روسيا شعرت بخديعة او تراجع عن التعهدات بالنسبة لأوكرانيا ،مقابل صمتها أو تسهيلها إسقاط نظام الأسد _إذا كان ذلك صحيحاً_ ام أنها أرادت دعم انتفاضة الساحل، لتحسين اوراق القوة بعد شعورها بخسارة موقعها في المياه الدافئة التي وصلت إليها بعد قرون؟
هل أن الصراع العربي - التركي والتركي - "الإسرائيلي" والروسي - الأميركي، إضافة إلى إرهاب جبهة النصرة مع عدم تغييب مصلحة محور المقاومة بأن تكون له موطئ قدم في سوريا في إطار تحسين مواقعه في المنطقة واستعادة "الممر السوري" الى لبنان لفك الحصار عن المقاومة وإفشال الاجتياح الأميركي السياسي والأمني والاقتصادي المتوحش على المقاومة وأهلها في لبنان؟
بدأت سوريا ،مرحلة جديدة من الحرب الأهلية، حيث لا يمكن اعتبار "تحالف الجماعات التكفيرية" أنه سلطة ودولة، فلا وجود للدولة في سوريا الآن ولا وجود للجيش والمؤسسات الرسمية، بل توسعة "إمارة إدلب" الى "إدلب الكبرى" وانتقال "الجولاني" من أمير جبهة النصرة في إدلب الى أمير جبهة النصرة في سوريا! 
الأيام القادمة ،سترسم مسار سوريا ،إما نحو الفيدرالية او الكونفدرالية أو حمام الدم والمجازر .
لا بد للبنان حكومةً وجيشاً وشعباً ومقاومة الاستعداد لحماية لبنان من شظايا الأحداث السورية المستجدة حتى لا يقع في دائرة النار وفق وحدة "المسار والمصير" الساخنة والدموية.
هل تنتهي غزوة النصرة لدمشق كما انتهت "غزوة داعش" للعراق؛ بالهزيمة؟


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل