تَصالَحْ مع "إسرائيل" وسيعترف بك العالم... ولو كنت إرهابياً _ د. نسيب حطيط

الخميس 30 كانون الثاني , 2025 06:24 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات
 ان النظام الأمريكي الأخلاقي والسياسي الذي يحكم العالم يعتمد على مادة أساسية لتصنيف الدول والأحزاب والأشخاص؛ بأنهم إرهابيون وأشرار أو انسانيون وأخيار وفق مواقفهم وسلوكياتهم من العدو "الإسرائيلي"، فمن يقبل الصلح والتطبيع والسلام والاستسلام "لإسرائيل"، فسينعم بالرضا الأمريكي، وتمنحه السلطة والحكم وحرية التصرف بالقتل او بالنهب وفعل ما يشاء دون أي عقاب دولي او مساءلة قانونية، ودون حصار ولا عقوبات، أما اذا تجرأ على قتال "اسرائيل" او الدعوة لعدم التطبيع وعدم الاعتراف بها فإنه سيحال الى جهنم الأمريكية، بيد "إسرائيلية" وعربية وغربية، ويتم تدمير قراه ومدنه وقتل النساء والاطفال والرجال وإحراق الزرع وتدمير الحجر وردم آبار المياه وتجريف قبور الموتى، وسيصبح إرهابيا مُطارَداً ومُحاصَراً حتى يعلن توبته ويعترف "بإسرائيل"، ويتعهد بألا يقاتلها وان يكون عبداً لها، عندئذ ستمنحه أمريكا السلطة والحكم وشهادة براءة من الإرهاب، وإذناً بالتصرف كما يشاء.
اعترفت امريكا بأمير "جبهه النصرة" أبو محمد الجولاني رئيساً لسورياً، وأجبرت العرب وأوروبا والأمم المتحدة على زيارته والاعتراف به، مع انها هي التي صنّفت جبهة النصرة وأميرها "الجولاني" على قائمة الإرهاب، وخصصت جائزه 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنه، لكنها التقت به في سوريا وشرّعت وجوده بصفته احمد الشرع وليس ابو محمد الجولاني الذي لا تزال جائزة إلقاء القبض عليه قائمة وفق القانون الأمريكي، لأنه أسقط النظام الداعم للمقاومة، واعلن حربه على المقاومة في لبنان وإيران، وتعهّد بعدم قتال "إسرائيل" او الاعتراض على وجودها في سوريا ، لتثبت أمريكا  للأنظمة وحركات المقاومة في المنطقة ان مسألة الاعتراف بهم وتسليمهم السلطة ليس صعباً، مهما كانت تهم الإرهاب ضدهم، فيكفي ان تبادر أي حركة مقاومة للاعتراف "بإسرائيل" وقبول التطبيع والسلام معها حتى تبادر امريكا الى محو كل تهم الإرهاب عنها والغاء حصارها وتنصيبها حاكماً على البلد الذي تقاتل فيه.
يمكن للمقاومة في لبنان ان تأخذ من أمريكا الحكم والسلطة في لبنان، وتمحو عنها صفة الإرهاب، وتفك الحصار عنها وتمنع "اسرائيل" من مواصلة حربها، مقابل كلمة واحدة من المقاومة، وهي التعهد بعدم قتال "إسرائيل" والاعتراف بها، والتطبيع والسلام معها، فإذا وافقت المقاومة فسيبقى سلاحها معها ويتم تسليمها السلطة والحكم، ولن تعارض أمريكا قمع المقاومة بخصومها في لبنان لأنها الطرف الأقوى في لبنان ولن تكون إرهابية بالمنطق الأمريكي، لكن المقاومة وأهلها وطائفتها لن يقولوا ذلك مهما كانت الأثمان.
ان مسؤولية اللبنانيين من الإخوة المسيحيين والسّنة والدروز وباقي الطوائف معرفة ان هذه المقاومة هي لحماية لبنان ضد العدو "الإسرائيلي" (وهي قادرة على ذلك رغم ما أصابها) وضد المشروع الأمريكي في لبنان، فإذا انهزمت المقاومة وتم تجريدها من السلاح الذي تطالبون بنزعه، فإن مشروع توطين مليون لاجئ فلسطيني  في لبنان قائم وغير بعيد ودمج وإعطاء الجنسية لثلاثة ملايين نازح سوري سيكون قائماً أيضاً وسيتم إغراق لبنان بأربعة ملايين فلسطيني وسوري (ابتداء) مع تضييق اقتصادي وأمني على اللبنانيين لتهجير أبنائهم طوعياً، للبحث عن اعمال لتأمين معيشتهم بالتلازم مع منح المساعدات المالية والاستشفائية للنازحين واللاجئين واعفائهم من رسوم الكهرباء والماء وضريبة الدخل وغيرها، وبعد عقدين من الزمن سيكون اللبنانيون "أقلية" من العجائز في وطنهم الذي سيحكمه المقيمون، ولن يبقى للمسيحيين دور أو وجود أو حرية معتقد، وسيذوب أهل السّنة اللبنانيون المعتدلون في بحر السّنة المتطرّف من اللاجئين والنازحين، وسيتعرّض الشيعة لتطهير مذهبي تكفيري، وبطبيعة الحال فان الدروز سيكونون أسوأ حالاً، فإما اللجوء الى حمايه المحتل "الإسرائيلي" لحفظ وجودهم او تعرّضوا للقتل لأنهم كفّار ولو بايعوا امراء التكفير الجدد.
على اللبنانيين الانخراط في حركة مقاومة شعبية من كل الطوائف تكون دعماً للجيش، لحفظ هوية لبنان وتنوّعه الديموغرافي والثقافي والديني وعدم تذويبه لحل مشاكل العدو "الاسرائيلي" وتسهيل المشاريع الأمريكية وعلى المقاومة البدء بالخروج من طائفتها نحو الطوائف وإعادة ترتيب مهماتها وشعاراتها واهدافها والتأكيد على ان مهمة حفظ لبنان لها الأولوية على أي قضية إقليمية حيث يقول السيد المسيح (ع): "ماذا يجني الإنسان إذا ربح العالم وخسر نفسه".
للبدء بدراسة وتنفيذ استراتيجية دفاعية عن لبنان وطوائفه ومواطنيه وهذه مسؤولية اللبنانيين جميعاً، وليست مسؤوليه الشيعة فقط.
إذا انهزمت المقاومة في لبنان وتم نزع سلاحها، فعلى الطوائف بدء العد العكسي لزوالها وتهجيرها وتذويبها في بحر اللجوء والنزوح... استيقظوا.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل