أميركا و"إسرائيل" والعرب _ عدنان الساحلي

الجمعة 03 كانون الثاني , 2025 08:13 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

​تصرّ الإدارات الأميركية المتعاقبة، على تبني ارتكابات الكيان الصهيوني من الجرائم بحق الفلسطينيين والعرب، خصوصاً بحق دول الطوق المحيطة بفلسطين المحتلة، حتى كأنها تؤكد كل يوم وساعة أن أميركا هي "إسرائيل" وأن "إسرائيل" هي أميركا في تحدٍّ لشعوب عشرات الدول العربية، اللذين ترهن أنظمتهم وحكامهم، حاضرهم ومصالحهم وثرواتهم، لصالح إرضاء الأميركي، الذي يلزمها بدوره، على إرضاء "إسرائيل" وحكامها ومطامعها، في التوسع والهيمنة على تلك البلدان.
​ويناقض التعامل العربي مع العدو "الإسرائيلي" ومع أميركا ما تكرره النخب العربية منذ عقود، بأن "إسرائيل" ليست سوى قاعدة متقدمة للغرب الاستعماري، بنسخته القديمة الإنكليزية والفرنسية؛ والجديدة بالنسخة الأميركية، الأنكلو-سكسونية في طابعها الغالب.
​وعبثاً يحاول العرب مجابهة الغزوة الغربية - الصهيونية لبلادهم، بحصر الحرب مع الكيان "الإسرائيلي"، متجاهلين أن هذا الكيان ما كان ليكون لولا التدخل العسكري الغربي المباشر، إن كان إنكليزياً عند إنشاء الكيان، أو فرنسياً بتسليح "إسرائيل" بأصناف التكنولوجيا العسكرية الفرنسية، بما فيها طائرات "الميراج"؛ وبإعطائها تقنية صناعة القنبلة النووية، التي عندما قرر الجنرال شارل ديغول وضع حد لها جرت الإطاحة به، عبر تحريك اليهود الصهاينة للشارع الفرنسي، بقيادة كوهن بندت؛ زعيم الحركة الطلابية الفرنسية في ذلك الوقت.
​وهذه الأيام تتولى قوى التسلط والهيمنة الحاكمة في الولايات المتحدة الأميركية، حماية ودعم وتسليح وتمويل وحتى إطعام الكيان "الإسرائيلي"، فالرئيس الأميركي الآفل، جون بايدن، حضر شخصياً إلى فلسطين المحتلة، مع وزير خارجيته اليهودي ووزير دفاعه؛ وخلفهم أسطولا من حاملات الطائرات والبوارج، لتدارك هلع الصهاينة بعد عملية طوفان الأقصى البطولية، وقررت إدارته تقديم عشرات مليارات الدولارات؛ وأرسلت لها مئات أطنان الأسلحة والذخائر والطائرات الحربية، دعما لحربها الجارية على أكثر من جبهة.
​والولايات المتحدة سبق ان غزت أفغانستان، بحجة محاربة صنيعتها حركة "طالبان"، فيما الهدف الحقيقي كان تهديد روسيا وإيران، وهي التي أوحت لصدام حسين بموافقتها على احتلاله للكويت، ثم انقضت عليه مع اتباعها مع غربيين وأعراب، لتحتل العراق وتقيم فيه قواعد عسكرية ثابتة، تضاف إلى عشرات القواعد التي تمتلكها في دول المنطقة. وأتباع أميركا في حلف "الناتو" وعبيدهم من الحكام العرب، هم الذين مولوا تخريب سورية وتواطأوا على تدمير جيشها، لتحقيق أمن "إسرائيل" ومحاصرة المقاومة.
​ومن سخرية القدر، أن الرئيس الأميركي العائد إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب، طالب رئيس حكومة العراق بحصر السلاح بأيدي الحكومة، أي بإلغاء الحشد الشعبي، الذي لولاه لكانت "داعش"، المدفوعة من دولته، احتلت العراق بكامله، في تكرار للنسخة اللبنانية من الأوامر الأميركية، التي تطالب الحكومة اللبنانية بنزع سلاح المقاومة، التي لولا سلاحها وبطولة مجاهديها وتضحياتهم، لما أمكن إزالة الاحتلال "الإسرائيلي" من بيروت وصولاً إلى الحدود، التي حمتها دماء المقاومين، خلال الأشهر الأخيرة ومنعت العدو من التقدم عبرها، فكان أن استغل هذا العدو تسلم الحكومة اللبنانية ومؤسساتها زمام الأمور، بعد قرار وقف إطلاق النار، ليدخل البلدات الحدودية ويمعن فيها تدميراً.
​وما يجري اليوم من توسع في نشر القواعد العسكرية الأميركية في شرق وشمال سورية؛ بالتوازي مع توسع الاحتلال "الإسرائيلي" في جنوب سورية، هو دليل دامغ على وحدة المخطط الأميركي- "الإسرائيلي"؛ ووحدة تنفيذه، في اطماعه وعدوانيته.
​وهكذا نجد في كل خطوة يخطوها الأميركي، أو موقف يتخذه، مصلحة "إسرائيلية"، فالموفد الأميركي عاموس هوكشتاين، هو "إسرائيلي" خدم في جيش العدو، أرسله الرئيس الأميركي. وهو ليس وسيطاً، لذلك قبلت حكومة لبنان صاغرة، التفريط بحقوق لبنان في مياهه، حيث جرى التراجع عن الخط 29 البحري، الى الخط 23.
​والأميركي يتواجد عسكرياً ويمارس نفوذاً سياسياً ومالياً وثقافياً في لبنان والمنطقة، وبالتالي فإن أي عمل مقاوم لبنانياً وعربياً، لا بد أن يضع في اعتباره، أن طرد هذا النفوذ العدواني الاستعماري الأميركي من بلادنا، هو شرط ليس فقط لتحرير فلسطين، بل للحصول على الحرية والكرامة والسيادة في البلدان العربية كلها.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل