أقلام الثبات
ماذا بعد إسقاط النظام في سورية؟ على من الدّور التالي؟ هل سقط محور المقاومة بالضّربة القاضية؟ وصلت تركيا -ذراع "النّاتو" الى ترجمة احلامها التاريخية لكن ماذا ينتظرها؟ وتعاونت مع "اسرائيل" على اسقاط الدّولة السوريّة وحلّ جيشها برعاية اميركية كاملة، لكن، هل هو انتصار طويل الامد؟ هل علينا التسليم بانتصار "اسرائيل" ورفع راية الإستسلام امامها؟.. يقول الخبير الإستراتيجي الصّيني صن تزو "إنّ التكتيكات بدون استراتيجية هي صخب قبل الهزيمة، وهذا ما ينطبق على ما تقوم به "اسرائيل" الان في المنطقة. فالإجراءات التكتيكيّة التي تغمرها النشوة بإنجازها، هي ناجحة مرحليّا نعم، الا انها لن تكون بمعزل عن "الصّورة القاتمة التي تتهدّد النظام العالمي.
تسير "اسرائيل" قُدُما في تنفيذ مشروع تغيير الشرق الأوسط الذي اعلن عنه بنيامين نتنياهو على الملأ عقب عمليّة طوفان الأقصى على طريق تحقيق اسرائيل الكبرى".. يعقّب المفكر الروسي الكسندر نازاروف على التحوّلات "الدراماتيكية في المنطقة بالقول" قد يتغيّر كل شيء الى عكسه في غضون عام!.
وبرأي نازاروف" سيكون هناك انهيار لهرم الديون العالمية، وانهيار للدولار وربما معظم العملات في العالم، و"اسرائيل" وتركيا ليستا مكتفيتان ذاتيّا كأنظمة ولن تتمكّنا في شكلهما الحالي من النجاة من الكارثة القادمة"، ويضيف" انّ الولايات المتحدة و"إسرائيل" تحدّدان اهدافا تساهم في تدمير النظام العالمي ككلّ، وبدون هذا النظام العالمي لا يمكن للولايات المتحدة و"اسرائيل" البقاء والأخيرة غير قادرة على الحياة لانّ جيشها غير قادر على ضمان عمل الإقتصاد "في حالة وجود حصار خارجي او بحال انهيار العملات العالمية، و"اسرائيل بالأصل هي كيان مصطنع، وبحاجة لتدفّق الموارد من خارج النظام لضمان وجودها"!، وستختفي مع العصر الأميركي.
وإزاء نشوة نتنياهو وسيره في احتلال المزيد من الاراضي السورية والمواقع الاستراتيجية بسلاسة مطلقة بعد تدمير كل قدرات الجيش السوري وترسانته واعتباره انه انهى محور المقاومة بالضربة القاضية، الا انّ ثمّة لاعب في المحور اصبح يسبّب "صُداعا" لإسرائيل منذ بدء العدوان الهمجي على غزّة هو اللاعب اليمني، والذي فرض حصارا عليها لم تجرؤ ان تفعله جيوش العرب مجتمعة في اوج الصراع العربي- "الاسرائيلي"، وسدّد ضربات لا تُحصى في مرمى السفن الحربية الاميركية تحديدا. ولا زال حتى الان يرسل صواريخه الباليستية الى قلب الكيان.
لا تُخفِ وسائل الاعلام العبرية قلق "اسرائيل" المتنامي من ضربات حركة انصار الله"، وانهماك الاروقة الامنية والاستخبارية"الاسرائيلية" بالإستعداد لشنّ حرب مدمّرة تسحق "الحوثيين" ومقدّراتهم وترسانتهم وقيادتهم في صنعاء. وزعيم الحركة السيّد عبد الملك الحوثي، اعلن مرّة اخرى عزم استمرار الحركة بالتصعيد.. ثمّة من المحلّلين والخبراء العسكريين من يسأل كيف سيواجه الحوثيّون هذه الحرب فيما لو عزم نتنياهو على شنّها "؟ وبالطبع، لا" قدرة لإسرائيل وحدها على السّير بها دون مؤازرة الولايات المتحدة.بل الأصحّ القول إنّ الاخيرة هي التي تدير كل هذه الحروب بالمنطقة وتبعثر خرائطها ونتنياهو ليس سوى ذراع للتنفيذ.
باستطاعة "الحوثيين" ضرب جميع القواعد الاميركية بالمنطقة، من قاعدة "الظفرة" الاماراتية- التي تشغلها الان قوات اميركية و"اسرائيلية"، وقاعدة "تبوك" الجوية، وقاعدة "الدون" العسكرية التي تشغلها القوات الاميركية والبريطانية في قطر،الى قاعدة الجو العسكرية في البحرين- تشغلها القوات الاميركية..باختصار، يستطيع "الحوثيون" ضرب جميع القواعد البحرية الاميركية في الخليج وقاعدة "افريكوم"، وغالبية منشآت النفط والغاز واغلاق كافة طرق النقل البحري بالمنطقة.
عدا الكارثة الكبرى التي ستواجهها تل ابيب، والتي ستكون كل قواعدها العسكرية الاستراتيجية وبناها التحتية اهدافا للصواريخ الباليستية اليمنية.. من هنا، خطورة العبث مع حركة "انصار الله" اليمنية، وسذاجة نتنياهو في نشوة الحاق الضربة القاضية بمحور المقاومة- والذي لحقت به انتكاسات جمّة نعم لكن من المبكر حسم نتيجة "المنازلة"، خصوصا وانها لم تنته مع حزب الله والذي برهن لإسرائيل عشيّة اعلان هدنة ال 60 يوما، يوم الاحد المشؤوم على الكيان، الذي شلّ الكيان بصواريخه على مدى كل ساعات ذاك اليوم وادخل ملايين المستوطنين الى الملاجىء.. برهن الحزب للجميع كذب نتنياهو،وادعاءاته الزّائفة ب"تكسير" الحزب وتدمير 80 بالمئة من قدراته الصاروخية، بل اثبت للجميع انه قادر على ايلام الكيان ساعة يشاء.
هذا اضافة الى ضربات مدوّية اخرى وغير مسبوقة، نفذها الحزب في يومه الصاروخي الطويل، واحاطته الرقابة العسكرية "الاسرائيلية" بتكتّم مطبق طالت منصّة "كاريش"، حيث اكّد مسؤول اميركي كبير، "انّ حزب الله استهدف في ذاك اليوم ايضا، منصّة الغاز "الاسرائيلية" بضربات صاروخية غير مسبوقة عرّضت قعرها ومنشآتها لأضرار "كبيرة جدا"، وبقي هذا الحدث طيّ الكتمان وفق اشارته.
اما وانّ قطار ترجمة حلم "اسرائيل الكبرى"- من النيل الى الفرات، قد انطلق باتت الانظار تشخص نحو باقي الدول العربية التي "ستلتهمها" اسرائيل تباعا وضمنا مصر والاردن، وحيث كشف الباحث "الاسرائيلي" في جامعة تل ابيب يشوع مئيري، " انّ دونالد ترامب طلب من "اسرائيل" الاستعداد لغزو الاردن في حال وقوع انقلاب اسلامي"!.. لكن!
اسرائيل" لم تعد هي نفسها التي عرفها العالم منذ غرسها في المنطقة، وبعيدا" عن "الانجازات" والانتصارات الوهمية التي ينسبها نتنياهو لنفسه، فهي كلها "انجازات" اميركية صرف. ولربما يختصر يوسي بيلين-الصهيوني الذي شغل مناصب قياديّة في الكيان، هذه الحقيقة عندما قال" اصبح واضحا للجميع انه لا امان ولا حتى ضمان لوجودنا دون حماية اميركا، هذه الحرب كشفت لنا "اننا بلا اميركا، نحن لا شيء.
اسرائيل" اليوم باتت كمبنى بالكاد يقف على اساسات دعم مترهّلة وآيلة" للسقوط في اي لحظة، بل انّ محلّلين غربيين كبار يتوقعون حربا اهلية في اسرائيل" في العام 2025 الذي بتنا على ابوابه! وكلام وزير الأمن الاسرائيلي" السابق موشي يعالون قد يختصر الخطر الوجودي الذي يتهدّد "اسرائيل" بقوله: " يصعب عليّ رؤية الدولة صامدة حتى نوفمبر 2026 "!
لكنّ نتنياهو يرفض الإقرار بهذا الواقع، ويتجاهل دعوات التحذير الداخلية من الأخطر القادم على الكيان من افواه مفكرين ومؤرّخين وقادة عسكريين سابقين ومسؤولين "اسرائيليين" حاليين. يُجمع كثر من هؤلاء على انّ نتنياهو نفسه مشروع حرب اهلية في "اسرائيل"، وهذا بيني غانتس يُعلنها على الملأ:" نحن عشيّة حرب اهلية"، وافيغدور ليبرمان بدوره ليس اقلّ جديّة في تحذيره وقوله" إنّ حكومة نتنياهو قرّرت الدّفع باتجاه حرب اهليّة داخلية".. كل ذلك استبقه الامين العام لحزب الله السيّد الشهيد حسن نصرالله، حين اعلن يوما على الملأ "انّ اسرائيل "هذه ستنهار من الداخل".
بدا لافتا تسريب احد كبار الصحافيين الاميركيين، على انّ الرئيس دونالد ترامب بعقليّته المثيرة للجدل، "لن يستطيع تحمّل نتنياهو في قارب واحد"، خصوصا وانّ ترامب المح الى عزمه "وقف استنزاف الخزينة الاميركية من قِبَل نتنياهو الذي لا تنتهي طلباته، والارجح انّ يُسقطه بطريقة ما بعد انجاز مهمته"- وفق اشارته.
لكنّ ترامب نفسه قد لا يكون بعيدا عن دائرة الاستهداف بعملية اغتيال- بحسب ترجيحات متجددة لتقارير غربية كما الكثيرين من المراقبين والدبلوماسيين الغربيين، وحيث نُقل عن دبلوماسي سابق في برلين قوله" هي مرحلة في غاية الدقة والخطورة، وقد تحمل احداثا كبرى تقلب الموازين في المنطقة والعالم رأسا على عقب".