"14 آذار".. من وصاية "الأسد" إلى وصاية “الجولاني"_ د. نسيب حطيط

الأربعاء 18 كانون الأول , 2024 11:33 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

قبل 20 عاماً، قامت ثوره الأرز في لبنان بقيادة قوى 14 اذار، للمطالبة بخروج القوات السورية وإنهاء الوصاية السورية على لبنان؛ وفق شعاراتهم، وكانت وصاية سوريا - الأسد، وبعد سقوط النظام، سارعت هذه القوى للاحتفال وتأييد سوريا الجديدة؛ سوريا جبهة تحرير الشام، سوريا - الجولاني.


بعد سقوط النظام بقياده جبهة تحرير الشام؛ "جبهة النصرة" سابقاً، بنفس عناصرها وقائدها وشعاراتها، احتفلت قوى 14 اذار وغيرها من القوى والجماعات الإسلامية، وسارعت لطرح مطالب ضد المقاومة؛ من نزع سلاحها الى محاكمة عناصرها الذين شاركوا في القتال في سوريا، وغيرها من المطالب، باسم جبهة تحرير الشام او وفق أحلامها ورغباتها التي عجزت عن تحقيقها.
بدأت الأحزاب والشخصيات اللبنانية تحجز مواعيد لها، لمقابلة ومبايعة ابو محمد الجولاني، لكن موفد الأمم المتحدة التقى به في دمشق بصفته رئيساً لجبهة تحرير الشام قبل ان يكون رئيسا للجمهورية السورية، وهو الذي لا تزال جبهته مصنّفة جماعة ارهابيه وفق "الإله الأميركي" الذي يعبده اتباعه في لبنان، وسارع هؤلاء واكثرهم يعرفون ان افعالهم واقوالهم محفوظة في أرشيف المخابرات السورية، والتي يبدو أن خزائنها قد اخذها الاتراك و"الاسرائيليون" وبعض السوريين والمخابرات المتعدّدة الجنسيات، والتي يمكن ان تشكل ابتزازاً لهم او فضائح، وقد لا تشفع لهم تصريحاتهم ضد الأسد بعد سقوطه.


كانت قوى 14 اذار تستنكر التدخل السوري في لبنان، مع انها كانت شريكة وقابلة بهذا التدخل، لكنها صمتت ورحبت بتصريحات ابو محمد الجولاني، الذي وعد الموقوفين "الاسلاميين" بالفرج القريب، فهبّ المشايخ والوزراء والمسؤولون اللبنانيون، خلال ساعات لمناقشة "العفو" عن هؤلاء (والذين ظُلم بعضهم لأنهم لم يخضعوا للمحاكمة منذ سنوات) وأعلن الجولاني تأييده لانتخاب قائد الجيش رئيسا للجمهورية، بالإضافة الى آراء في شؤون لبنانية، لكن هؤلاء لم يقولوا إنه تدخُّل او وصاية سورية جديدة! لم يتغيّر المسؤولون اللبنانيون وزراء ونواب اعلاميون وتجار ومسترزقون لناحية التبعية لسوريا، لتأمين مصالحهم ،فالذي تغيّر هو الحاكم في سوريا.


يُغامر بعض المراهقين السياسيين من أحزاب وشخصيات وإعلاميين او طفيليين بالمراهنة على السلطة السورية الجديدة في سوريا، للقضاء على المقاومة التي عجزوا عن إسقاطها وبعدما راهنوا على الدبابات "الإسرائيلية" من الجنوب بسحق المقاومة التي استطاعت الصمود والقتال طوال 60 يوماً ولم تسقط ويراهنون الآن ان تُسقط جحافل الشمال والشرق، المقاومة، بالتعاون مع الاحتلال من الجنوب.


نقول لهؤلاء: إنكم تغامرون وتحلمون وتضعون لبنان في خطر شديد وتشعلون حريقاً كبيراً، لن تكونوا بمنأى عنه، وستكونون بوابة الفتنة وادواتها وضحاياها.
فالمقاومة واهلها والوطنيون الشرفاء ليسوا ممّن يلقون السلاح او يفرّون او يًسّلمون أنفسهم، والشاهد على ذلك القرى الحدودية التي لم يخرج منها مقاومٌ جريحٌ واحد، ثلاثة آلاف، كلّهم شهداء؛ بعضهم اشلاء وبعضهم قد تبخّر في الفضاء.. قاتلوا 66 يوماً وواجهوا 50,000 جندي "اسرائيلي" مع طائراتهم وبوارجهم ولم يتقدم الاحتلال، وسيقاتلون شهوراً وسنوات ولن يسلّموا السلاح، وإذا تجرأ البعض لإحداث الفتنة فسيكون أول ضحاياها، وسبباً في إحراق المركب اللبناني، بكل ما فيه، وبكل أعدائه وعملائه وأهل الفتنة، والحرب الأهلية.
وللتذكير، فلقد طلبت الجبهة اللبنانية عند الحرب الأهلية تدخل الرئيس الأسد لحماية المسيحيين من المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية، ثم تحوّلت القوات السورية الى قوات ردع عربية!
وتدخلت القوات السورية في الجبل دعما "للدروز" ضد القوات وجيش عون، ثم تدخلت القوات السورية بطلب من القوى السياسية الإسلامية لإسقاط ميشال عون وقصف القصر الجمهوري لإنهاء تمرّده وإعادة توحيد الجيش والحكومة والأجهزة الرسمية.


تدخّل السوريون لدعم المقاومة منذ انطلاقتها حتى الحرب الأخيرة قبل سقوط الأسد بأيام. لقد تربّيتم على ثقافة التّبعية والوصاية والاستزلام... وستبقون كذلك...
 أما نحن فقد تربّينا على ثقافة إما أن نكون اسياداً أو شهداء.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل