أقلام الثبات
يرتكز أي صراع عسكري أو غزو او احتلال على فكر عقائدي ديني او وضعي بشري يُشرّع الأفعال والأهداف والوسائل، ونعيش اليوم حرب الدعوة الى طاعة "الإله الأميركي"، ومبايعته كعبيد وجنود لمشروعه الاستعماري. ويختلف "الإله الأميركي" عن الإله "رب العالمين" الذي يقول {لا إكراه في الدين} و{فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر}، أما "الإله الأميركي" فلا يترك الخيار للناس ان تبايعه او تنفض عنه، بل يُلزمها ويفرض عليها بالغزو والحصار والقصف والقتل حتى تؤمن به "إلهاً" وقائداً، وتعطيه كل ما تملك.
"الإله الأميركي" لا يعترف بسيادة أحد في الدنيا، سواء كان دولة او محكمة جنائية او مؤسسة قانونية، بل يقول إن سيادة اميركا وسيادة "اسرائيل" فوق أي سيادة، وقرارهما فوق كل قرار، وان هذه المؤسسات مقبولة إذا كانت قراراتها لصالح التحالف الأميركي - "الاسرائيلي".
"الإله الأميركي" لا يؤجل الحساب، فهو يكفّر من يشاء ثم يعفو عنه، وهو الذي يضع لائحة الإرهاب بالأشخاص والجماعات والدول بناء على قانونه ومصالحه، فإذا تراجع الإرهابي وفق التوصيف الاميركي وأعلن توبته وخضوعه وعبوديته "الإله الأميركي" عفا عنه ومحاه من لائحة الارهاب، وبدل ان يكون مطلوباً رأسه مقابل جائزة بملايين الدولارات، يمكن ان يصبح رئيساً للجمهورية او ملكاً او اميراً، مادام "الإله الأميركي" قال عنه إنه عادلٌ وليس إرهابياً!
"الإله الأميركي" يسمح لك ان تعبد "إلهك" وتصلي وتصوم له وتدعوه لتحقيق احلامك وحاجاتك، ويسمح لك ان تعبده في المسجد او في الكنيسة، لكن بشرط الا تطيع إلهك الذي خلقك، بل تطيع "الإله الأميركي"، وان تعمل له، وأن تقاتل في سبيله، وإذا اصررت على عبادة "ربك الخالق" صرت ارهابياً.
"الإله الأميركي"، وبواسطة "انبيائه" من الملوك والأمراء والرؤساء وأمراء الجماعات التكفيرية او الحركات التصحيحية المسيحية، يُصدر الفتاوى التي تؤمن مصالحه، ويغيّر الفتاوى التي تدعو لقتاله، يُغيّر تفسير القرآن الكريم، وان يطمس الأحاديث التي تدعو لمقارعة الظالم، ويُشهر أحاديث السلام، "فالإله الامريكي" له من المشايخ وعلماء الدين الكثير الكثير الذين استطاعوا تغيير الاسلام والمسيحية الصحيحة لصالحه.
ان عبدت ربك؛ رب العالمين الخالق، سيؤدي بك المسار الى مقاومة وقتال الظالمين والفراعنة، وعلى رأسهم اميركا وادواتها، مما سيجعلك ارهابياً وشريراً في قانون "الإله الأميركي"، وتصبح مطارَداً محاصَراً مطلوباً للاعتقال والقتل، او منفياً من وطنك ومجرّداً من سلاحك، ليسهل قطع رأسك واحتلال أرضك وسرقة ثرواتك .
ان قاومت لتحرير أرضك او منع سرقة ثرواتك او قاتلت المثلية والديانة الإبراهيمية وكل المتعلقات بها من سلوك واخلاق يدعو اليها "الإله الأميركي" صرت ارهابياً وشريراً ومطلوب قتلك.
سيبقى الأحرار عبيداً "لله الخالق" وسيقاتلون "الإله الأميركي" المزيّف والمخلوق، مهما لحق بهم من قتل وحصار وتعذيب وهم القلّة الشجاعة الصابرة.
نخوض اليوم معركة البقاء عبيداً لله الخالق، دون ان نبايع "الإله الأميركي" مع انبيائه الجدد حتى لو اتخذنا مسار "اهل الكهف"، وستكون الحرب طويلة وقاسية، وفيها كثير من الألم والعذاب والجوع، وسنكون في شعاب أوطاننا مُحاصرين، كما كان رسول الله(صلى الله عليه وآله) في شعاب مكة الكرمة، لكننا سنعود منتصرين فاتحين، مهما طال الزمن عاجلاً ام آجلاً ولن ننهزم.
لم تنته الحرب ولن تنتهي قريباً ومن الاستعجال ان نقول ان "الإله الأميركي" وانبياءه قد انتصروا.. المعركة مستمرة، وعلينا متابعه القتال بحكمة وعقلانية وموضوعية وفق قدراتنا وإمكانياتنا بشرط واحد وثابت واحد، اننا لن نبايع "الإله الأميركي" مهما كانت الأثمان كبيرة.
"الإله الأميركي"... وأنبياؤه الجدد _ د. نسيب حطيط
الأحد 15 كانون الأول , 2024 01:36 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة