أقلام الثبات
بسرعة غير متوقعة، حصلت التحولات في سوريا وتمّ إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، من غير المعروف ما الذي حصل خلال 11 يوماً ليقوم الجيش السوري بتسليم مواقعه الى "هيئة تحرير الشام"، ولماذا صدرت له الأوامر بتسليم مواقعه في حلب وحماه وباقي المناطق.
الواضح من مواقف إيران وروسيا أنه بعد الانسحابات المتكررة للجيش السوري من مواقعه وتسليمها ل"هيئة تحرير الشام" لم يكن هناك إرادة للدفاع عن الأسد للنهاية، ولا الدول العربية الخليجية التي أعادته الى الجامعة العربية كانوا متمسكين فيه.
لعل المستفيد الأكبر من التطورات في سوريا هو "الاسرائيلي"، بعدما قامت "اسرائيل" باحتلال مناطق سورية جديدة وسيطرت على حرمون في جبل الشيخ، وأعطت إنذارات للعديد من القرى السورية وفرضت حظر تجوّل، وتقوم بقصف البنية العسكرية للدولة السورية ما يجعل أي دولة سورية مستقبلية منزوعة السلاح وضعيفة جداً في مواجهة "اسرائيل".
بالاضافة الى ما سبق، كانت جبهة النصرة (التي بدلت اسمها الى هيئة تحرير الشام) خلال تواجدها في القنيطرة خلال الحرب السورية أقامت علاقات وطيدة جداً مع "الاسرائيليين". وخلال فترة سيطرة جبهة النصرة على القنيطرة، نقلت تقارير موثقة غربية و"اسرائيلية" ان "الاسرائيلي" يدفع لهم الأموال لدفع الرواتب وشراء السلاح لقتال الأسد. وقامت "اسرائيل" بعلاج جرحى النصرة خلال تلك الفترة في مستشفياتها.
عام 2016، يقول إفرايم هاليفي، المدير السابق لجهاز الاستخبارات الوطني الإسرائيلي (الموساد)، في حديثه مع الجزيرة الانكليزي، أنه لن تكون هناك "ردة فعل" ضد إسرائيل بسبب "الدخول في علاقة مع مجموعة مثل جبهة النصرة"، ويشير إلى أن إسرائيل "لم تكن مستهدفة بشكل خاص من قبل القاعدة".
أما بالنسبة للروس، فمن المبكر القول إن الروس سيكونون خاسرين في المرحلة المقبلة في سوريا، فالروس لديهم علاقات جيدة ووطيدة جداً مع أجزاء واسعة من المعارضة السياسية والمسلحة ومع الاكراد خلال فترة وجودها في سوريا ولم تربط مصير نفوذها بالرئيس السوري السابق بشار الأسد وحده. هذا بالإضافة الى علاقة الروس الجيدة مع الأتراك وتفاهمهم حول مسار استانة هو الذي خلط الأمور في سوريا سابقاً، كذلك علاقاتهم الجيدة مع الأكراد في الشمال الشرقي السوري.
أقامت روسيا في سوريا وفي كل المنطقة علاقات جيدة مع الأضداد، فأسسوا مركز المصالحة ومن خلاله تواصلوا مع المعارضة وأقاموا تسويات أعطت الأمان لقوى المعارضة المسلحة في العديد من المناطق، خصوصاً في ريف دمشق والجنوب وغيرها، ما يجعلها قادرة على حفظ مصالحها في الجغرافيا السورية في المستقبل حتى بعد انهيار النظام السوري السابق.
وعليه، نتوقع أنه سيكون للروس دور في تشكيل الحكم المستقبلي في سوريا وسيعمدون الى محاولة تقليص نفوذ الأتراك لصالح نفوذهم ونفوذ قوى عربية وكردية وسورية أخرى، ويهم الروس (بالحد الأدنى) بقاء الاتفاقيات التي ترعى عمل قاعدة طرطوس، وحميميم، والاتفاقيات التي وقعتها مع الدولة السورية حول الغاز في المياه السورية.