"اليوم التالي".. والخيبات المُتتالية ــ أمين أبوراشد

الثلاثاء 26 تشرين الثاني , 2024 10:01 توقيت بيروت أقلام الثبات

أقلام الثبات

 من عنوان صحيفة "الإندبندت" البريطانية: "وصمة عار على إسرائيل، لكنه يظل بلا خجل"، الى صحيفة "آيريش نيوز" الإيرلندية التي عنونت فوق صورته: WANTED Benjamin Netanyahu، ذهبت صحيفة "الإيكونومست" إلى اعتبار قرار المحكمة الجنائية الدولية كارثة دبلوماسية لناتنياهو، وزلزال كارثي "لإسرائيل"، مهما حاولت إدارة الرئيس ترامب المقبلة الضغط على المحكمة وأعضائها، في محاولة لتغييرٍ ما في هذا القرار الغير قابل للاستئناف.

الإعلام الأوروبي ذهب إلى ما هو أبعد من قرار المحكمة، واعتبر أن تهمة التجويع بهدف الإبادة الجماعية، الموجهة إلى نتانياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالنت، واضحة وموثَّقة بالصور والفيديوهات عبر كافة وسائل الإعلام، ولا حاجة لانتظار محاكمة في هذا الشأن، وسط شبه إجماع على مستوى دول الإتحاد الأوروبي للالتزام بقرارات هذه المحكمة.  

صحيفة "هآرتس الإسرائيلية" كتبت: "المجاعة والقتل والاضطهاد، أوامر المحكمة التي تُشكِّل انحداراً أخلاقياً غير مسبوق "لإسرائيل"، ونتانياهو جلب العار لنفسه، ثم يشكو أن قرار المحكمة معاداة للسَاميَّة".
ورغم الشعور بالإدانة، ذكرت "هآرتس" أن الشعب "الإسرائيلي" ما زالت شريحة منه تؤيد الاستمرار في الحرب.

وفي الوقت الذي تبدو فيه شراسة العدوان على غزة ولبنان غير مسبوقة ومتمادية، رغم تكرار إعلان حكومة نتانياهو أنها حققت أهدافها، فإن هذا التمادي ما هو سوى وضعية "مكانك راوح" على المزيد من الدمار والدماء، والسبب هو عدم تحديد "اليوم التالي"، وماذا بعد كل هذا العدوان فيما الأهداف الرئيسية لم تتحقق ولن تتحقق لا في غزة ولا في لبنان، مع بروز أزمة نازحين، في غزة وغلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة، وفي لبنان من الجنوب إلى البقاع وانتهاء بالضاحية الجنوبية لبيروت، وجميع هؤلاء النازحين ينتظرون "اليوم التالي".

حقيقة "اليوم التالي" في حسابات نتانياهو، أعلن عنها وزير دفاعه السابق وشريكه في لائحة اتهام المحكمة الجنائية الدولية يوآف غالنت، أن مفهوم اليوم التالي عند نتانياهو هو فقط تهجير فلسطينيي قطاع غزة الى سيناء، وهذا ما لم ولن يحصل، رغم القدم الصهيونية التي داست معبر فيلادلفيا وداست اتفاقية كامب دايفد وداست معها ما يُحكى عن "سيادة مصرية"، ولكن الأمر مع أبناء قطاع غزة مختلف ومع أبناء المقاومة في لبنان كذلك، مهما أوغل العدوان في ضرب المدنيين نتيجة الفشل في التوغُّل البري.

ولسنا نكتب الشعر في مدح المقاومة بزمن الحرب، ولا هجاء العدو في زمن العدوان ولكن، إذا كان مخيم جباليا في قطاع غزة، بمساحة 2 كيلومتر مربع، عصيَّاً منذ 14 شهراً على "جيش الدفاع"، العاجز عن إعادة مستوطني الغلاف، فكيف لهذا الجيش عبور التضاريس اللبنانية من هضاب وجبال ووديان والاستقرار فيها، وهو عاجز عن السيطرة على قرية واحدة من الحافة الحدودية لإعادة مستوطني الشمال؟!

وبالعودة الى مساعي إنهاء الحرب، ومع تصريحات مسؤول العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حول ضرورة وقف النار الفوري، التي تعكس الموقف الأوروبي الجامع، خاصة بعد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتانياهو وغالنت، بما فيها تصريحه خلال زيارته لبيروت، لاقاه السيناتور الأميركي الديمقراطي فان هولين في تصريحه حول "عجز الرئيس جو بايدن عن انتقاد نتانياهو لرفضه وقف إطلاق النار حتى بعد انتهاء الانتخابات الأميركية"، وهو خير توصيف لحالة "البطة العرجاء" في نهاية ولاية بايدن،  لكن مهمة المبعوث الرئاسي آموس هوكستين باتت أسهل، لأنه نال "بركة" الرئيس المنتخب دونالد ترامب لإنهاء الحرب قبل دخوله البيت الأبيض، لكن ترامب طلب من صديقه "بيبي" حسم الأمر مع حماس في غزة، وغزة كما لبنان عصيَّة على الحسم.

وقد يكون الاجتماع الذي عقده نتانياهو مع القادة الأمنيين يوم الأحد الماضي، مقاربة للوقائع، والاعتراف باستحالة استمرار حرب استنزاف "جيش الدفاع" في لبنان، ورغم الأصوات العنصرية الفضفاضة من الوزير السابق بيني غانتس، والوزيرين بتسئيل سيموترتش وإيتمار بن غفير بمتابعة الحرب، فإن مجزرة دبابات الميركافا في وديان القرى الأمامية، تستعيد ملاحم وادي الحجير، ولا حل أمام حكومة نتناياهو سوى الخضوع لتوصيات القادة الأمنيين الذين يعانون على أرض المعارك بلا طائل، بوقف الحرب وتطبيق القرار 1701، براً وبحراً وجواً مع لبنان، واحتفاظ طرفي النزاع بحق الردّ عند حصول أي اختراق.


مقالات وأخبار مرتبطة

عاجل