أقلام الثبات
بدأ العدو "الإسرائيلي" تنفيذ مرحلته الثالثة من الحرب بعد الانتهاء من المرحلتين الأولى التي تمثّلت بغزوة "البايجر" واغتيال "السيد الشهيد" والقيادات المركزية للمقاومة، والمرحلة الثانية كانت الاجتياح البري والجوي وإفراغ الجنوب والضاحية والبقاع بالتهجير القسري عبر تدمير القرى وارتكاب المجازر، أما المرحلة الثالثة فإنها لتحقيق الاهداف ا لتالية:
- القضاء على كل صوت أو فعل يدل على أن الحزب لا زال على قيد الحياة، ولكتم صوته وتغييبه عن الاعلام وعن الحياة الاجتماعية والسياسية، لتثبيت واقع أن الحزب قد انتهى سياسياً واجتماعياً واعلامياً، بالتلازم مع محاولات القضاء عليه عسكرياً.
- إبقاء النازحين المهجّرين في عملية نزوح وتنقل دائم داخل لبنان وعدم الاستقرار، أو لدفعهم الى الخارج في تكرار لنموذج التهجير في غزة من الشمال الى الجنوب ومن الجنوب الى الوسط ومن الوسط الى الشمال، وصولا لإخراج أهل غزة الى سيناء أو الأردن او المقبرة!
- تحريض أهل المناطق(عبر قصف النازحين) التي لجأ اليها المهجّرون والفارّون ، لطرد هؤلاء لحفظ أمن المناطق وعدم التعرض للقصف وذلك لزيادة الضغط على المقاومة وقبولها، بالشروط الإسرائيلية من جهة وزيادة عدد النازحين الى خارج لبنان والذين تجاوز عددهم ال 150,000 مهجّر في سوريا والعراق وباقي دول العالم.
- ترهيب الإعلاميين والتجار والسياسيين وكل الهيئات المدنية والاجتماعية ومنعها من التعاون مع المقاومة ،لعزلها داخل المجتمع اللبناني وطردها من الإقامة في اي مبنى او منشأه واظهارها ،كقنابل موقوتة تصيب بالضرر والموت كل من يقيم معها او يقترب منها!
- اسقاط الهيبة المعنوية وإذلال المسؤولين والنواب والوزراء وكل من ينتمي الى بيئة المقاومة واظهارهم كمنبوذين ومطاردين لا يجدون مكاناً للنوم او الإقامة في بلد كان يتهمهم الجميع بأنهم صادروا الحكم والسلطة والشارع وبنوا دولتهم داخل الدولة واستطاع العدو "الإسرائيلي" منع تشييع قادتهم وشهدائهم أو الإقامة في شقة او العلاج في مستشفى.
- محاولة إذلال الطائفة وتحويلها من طائفه لبنانية مشاركة ومؤثرة في الحكم والتجارة والاقتصاد والسياسة والتربية الى طائفة نازحة، تنتظر المساعدات والمعونات وتُوضع في مخيمات نزوح جماعية ،بجانب المخيمات الفلسطينية او مخيمات النازحين السوريين في المدينة الرياضية وغيرها ويتحوّل اللبنانيون الشيعة من مواطنين لبنانيين الى نازحين، يتم التعامل معهم بأقل ما يأخذه النازحون السوريون او اللاجئون الفلسطينيون واستبدال بطاقة هويتهم من مواطنين لبنانيين الى نازحين لبنانيين، وتصبح مخيمات اللاجئين والنازحين أكثر أمناً من قراهم ومدنهم المجاورة في أقسى حرب ناعمة يتعرّضون لها، تطيح بالمعنويات والكرامات!
- اغتيال المسعفين ورجال الإطفاء والدفاع المدني وتهجير وقصف المستشفيات وإغلاقها والقرض الحسن والتدمير العشوائي للبنايات والبيوت والتي تجاوز عددها ال 50 ألف وحدة سكنية وتجارية والتي ليست اهدافاً عسكرية.
إن تقاطع المصالح بين العدو الاسرائيلي وبعض اللبنانيين والعرب، للتخلّص من ظاهرة الفكر والعمل المقاوم في العالم العربي خصوصاً الذي سيمنح العدو الاسرائيلي الوقت الذي يحتاجه ،لاستئصال هذه الظاهرة والتي تمثل استثناء عند العرب والمسلمين، مما يفضح قصورهم وتقصيرهم وتآمرهم ويدفعهم للمشاركة بذبح المقاومة وأهلها.
لابد للمقاومة وأهلها وانصارها من الوطنيين من تغيير إستراتيجيتهم وسلوكياتهم ، لمواجهة "التنمّر" في الداخل، بالتلازم مع الصمود في الميدان، لمواجهة هذه الحرب الناعمة الخبيثة ،خاصة بعد تقصير المسؤولين عن الطائفة ،برعاية النازحين على المستوى الإغاثي او حفظ الكرامات والمعنويات والحاجات المعيشية وظهرت الطائفة وكأنها طائفة يتيمة.
إن الاستمرار بالصمت في مواجهة الحرب الناعمة ضد المقاومة وأهلها، وتقصير المسؤولين، وغياب الأحزاب اليسارية المقاومة، يمكن ان يستولد حالة دفاع عن النفس انفعالية وغير منضبطة، للدفاع عن المهجّرين والموظفين والنازحين والتي سيكون لها آثار سلبية على الداخل اللبناني، بكل مكوّناته وطوائفه.
فلتبادر "الثنائية" لتحمّل مسؤولياتها بشكل أكبر، وعلى بقية اللبنانيين ألا يشاركوا العدو "الاسرائيلي" في خطته بقصد أو غير قصد، لأن النار إذا اشتعلت سَتُحرق الجميع في لبنان، ولن تقتصر على طائفة مظلومة انتفضت وقاومت وحفظت كرامتها وساندت المظلومين في غزة.
المرحلة الثالثة من الحرب: اغتيال الإعلاميين والمسعفين والنازحين _ د. نسيب حطيط
الثلاثاء 19 تشرين الثاني , 2024 02:06 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة