أقلام الثبات
ينتظر لبنان نتائج المفاوضات الجارية حالياً لوقف إطلاق النار، والتي يقوم بها الأميركيون حيث سلمت السفيرة الأميركية ليزا جونسون المقترح الى الرئيس نبيه برّي، وهي بانتظار الردّ اللبناني النهائي الرسمي عليه. وكما يبدو أن هناك حذراً من المبالغة في التفاؤل في بيروت، ويبقى الانتظار لمعرفة الموقف "الاسرائيلي"، والخشية أن يقوم نتنياهو بما قام به خلال حرب غزة؛ من تضييع كل فرص الحلّ، واتهام "حماس" بذلك.
وبالمراقبة الموضوعية، نجد أنه من الطبيعي أن يكون هناك حذر في بث التفاؤل، بسبب المكر "الاسرائيلي"، وما حصل من تراجع عما تمّ التوافق عليه، سواء في غزة أو في أيلول الماضي؛ حين سافر رئيس الحكومة اللبنانية الى نيويورك لتوقيع الاتفاق الذي تراجع عنه نتنياهو وحصل اغتيال السيد حسن نصر الله.
لكن، في المقابل، تختلف الأجواء داخل "اسرائيل" حالياً عما حصل في غزة ما يعطي أملاً إضافياً (ولكنه حذر جداً) بوقف الحرب في لبنان، وذلك من النواحي التالية:
المعطى الجديد هو موقف الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب: قالت هيئة البث الإسرائيلية، إن وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون دريمر التقى الرئيس الاميركي المنتخب دونالد ترامب، وأضافت "من جانبه أعطى ترامب الضوء الأخضر رسمياً لمواصلة محاولة التوصل إلى تسوية حول لبنان". ونقلت عن مصدر إسرائيلي مطلع على المحادثة (لم تسمه)، إن ترامب قال لدريمر "أريدك أن تتوصل إلى اتفاق بشأن لبنان.. ليس لدي أي اعتراضات على المخطط الحالي".
اليوم التالي لبنانياً واضح ومتوافق عليه بين جميع الأطراف مع الضغوط التي تقوم بها اسرائيل لتحسين الشروط، بينما هناك هوة بين ما تريده اسرائيل وما تقبل به حماس في غزة.
يريد "الاسرائيليون" البقاء عسكرياً في غزة والسيطرة الأمنية على المعابر، ولكنهم يدركون أن هذا متعذر في لبنان بعد تكبدهم خسائر كبرى في الميدان وعدم قدرتهم على احتلال الارض والوصول الى الليطاني كما هددوا.
بالرغم من التفوق الجوّي "الاسرائيلي" الذي لا يحسم معركة ولا يستطيع عبرها الاسرائيلي فرض شروطه، ما زالت قوة حزب الله البرّية قوية جداً ما يجعل من المغامرة "الاسرائيلية" البرية في لبنان مكلفة جداً، بينما ما يتكبده الاسرائيلي في غزة حالياً من خسائر لا يقارن بالخسائر في لبنان.
بوادر قبول الاسرائيليين بالتسوية هي صمت اليمين الاسرائيلي عن التعليق على التسوية في لبنان، بينما يخرج اليمين لرفض التسوية في غزة لغاية الآن. (الواضح أن نتنياهو هو من يوعز لليمين بما يجب فعله، ويوزع الأدوار فيُظهر أنه يسعى لتسوية بينما يرفضها اليمين المتطرف فيتذرع بهم لرفضها).
محاولة نتنياهو للبقاء في السلطة للتهرب من محاكمته تتحقق له من خلال إطالة أمد الحرب في غزة، خاصة أن استطلاعات الرأي حول حرب لبنان لا تعطي أرجحية لاستمرارها بعكس حرب غزة التي بقيت استطلاعات الرأي في الداخل الاسرائيلي مؤيدة لاطالة أمد الحرب وبشكل مرتفع.
o من جهة ثانية أفادت صحيفة “يديعوت أحرونوت” بأن “القيادة العسكرية في إسرائيل تعتبر أن الجيش أنهى “المهمة” التي حددتها القيادة السياسية في جنوب لبنان، وبات يسعى إلى “الحفاظ على إنجازاته العسكرية”، وسط ترقب للتوصل إلى تسوية سياسية تجنبه التورط في الوحل اللبناني.
وبكل الأحوال، وبحال كان "الاسرائيلي" يراوغ كما فعل في غزة، فإن حزب الله كان قد توعد بالقتال الى فترة طويلة جداً، وأنه مستعد لها ولن يقبل بأي شرط يمسّ بسيادة لبنان، حتى لو كان يعني إطالة أمد الحرب ومزيداً من التوحش "الاسرائيلي" والتدمير...القرار اللبناني موحد على الحفاظ على سيادة لبنان، لأن كلفة المواجهة – مهما عظمت - تبقى أقل من ثمن الاستسلام للشروط "الاسرائيلية".