أقلام الثبات
بينما يخوض المجاهدون أشرس المعارك وأنبلها في الميدان، ويمنعون العدو من تحقيق أهدافه العسكرية والسياسية والمائية، فيلجأ لتدمير القرى انتقاماً وحقداً لإلحاق الخسائر المادية والمعنوية والعاطفية بأهل المقاومة حتى ينقلبوا عليها ويطالبوها بالاستسلام نرى ان الجناح الثاني من المعركة، وهي "المعركة القانونية والمدنية والإعلامية" مشلولٌ تماماً ويلوذ بالصمت على مستوى التحركات، لفضح جرائم العدو وتوثيقها والتحرك على المستوى الوطني والعربي والدولي، والمطالبة بإدانة العدو الذي يشن حرباً ضد الحضارة والتاريخ وكل رمز ثقافي او ديني.
بعد أكثر من 40 يوما من الحرب البرية والجوية على لبنان، والمجازر بحق المدنيين وكل معالم الحياة المدنية، لم نسمع صدى لما يجري سواء في الداخل او الخارج، بل محاولة البعض لحصر الحرب بطائفة واحدة على مستوى القتل والتدمير، ومحاولة إعادة الامور الى وضعها الطبيعي من مدارس ومطاعم في المناطق الأخرى، وعزل الحرب ومؤثراتها عن بقية اللبنانيين، لإظهار ان الحرب ليست على لبنان، بل على طائفة "متمرّدة".
والسؤال الذي نطرحه ونطالب بالمبادرة للإجابة عليه عملياً، عبر القيام بحملة قانونية واعلامية على المستوى العربي والاسلامي والدولي، بوجوهه الرسمية والشعبية والحزبية والطلابية والنقابية، وندعو إلى ان يتحرك المجلس النيابي لدعوة البرلمانات العربية والعالمية لعقد اجتماع عاجل لمناقشة الجرائم الإسرائيلية في لبنان والإبادة الجماعية التي يتعرّض لها اللبنانيون. نسأل: أين النقابات المهنية من المهندسين والاطباء والاعلاميين وتواصلها مع النقابات العربية والإسلامية والعالمية، لفضح ما يقوم به العدو من تدمير للقرى والمدن والمستشفيات والمراكز الصحية والإسعافية وقتل الإعلاميين مع توثيق جرائم الحرب "الإسرائيلية"؟
أين الاتحاد العمالي العام والمكاتب العمالية الحزبية للتحرك على مستوى منظمة العمل العربية ومنظمة العمل الدولية وتقديم الوثائق اليها عن المصانع والمنشآت والمحلات والمؤسسات التجارية، لتأمين المساعدات واستصدار قرار بالتعويضات بعد انتهاء الحرب؟
أين المنظمات الطلابية والشبابية وحراكها، لمراسلة المنظمات الشبابية العالمية والعربية والإسلامية ودعوة الطلاب، في الجامعات خصوصاً، للتحرك دعماً واسناداً لطلاب لبنان، وتقديم المساعدة لهم من منح تعليمية، بعدما تزايد عدد الشهداء من الأساتذة والمعلمين والطلاب وتدمير المدارس والمؤسسات التعليمية؟
اين المحامون وتقديم الشكاوى امام المحاكم الدولية وتوثيق جرائم الحرب، لتأسيس ملفات الادعاء فيما بعد؟ اين المخرجون السينمائيون والاعلاميون والبدء بإنتاج افلام وثائقية لنشرها على العالم باللغات العالمية وعدم الاقتصار على عرضها على شاشات التلفزة المحلية؟
لابد من دعم المقاومة العسكرية بالميدان بمقاومة مدنية وثقافية على جميع المستويات والمحاور، لتكون صوت المقاومين ومنبراً لفضح جرائم الحرب "الإسرائيلية" بحق المدنيين، وبحق العناصر الحضارية والمدنية في لبنان، والتي ليست مشاركة في الحرب وليست قواعد عسكرية.
ان الصمت الذي يلوذ به بقية أهل المقاومة خصوصاً، بسبب القهر والقلق والخوف، او بسبب الاعتقاد بعبثية هذه التحركات وعدم جدواها بالتأثير لوقف النار او تحصيل التعويضات، وهذا اعتقاد خاطئ، فإن لم تُنتج وقفاً للنار، فإنها على الأقل تُسجّل للتاريخ ما يجري، لتعرف الأجيال القادمة كيف استطاعت جماعة قليلة العدد والعدة في لبنان، كثيرة الإيمان وصادقة ومخلصة ان تقاوم لسنتين حرباً عالمية ضدها.. وتنتصر.. والانتصار أن تُفشل أهداف العدو بالقضاء عليك او اقتلاعك او اجتثاثك من جذورك وتحفظ وجودك والبقاء وعدم الاستسلام مهما بلغت التضحيات والأثمان من الأحبة والاملاك ومن كل ما نحب!
فلنبادر لعقد مؤتمر وطني عام للبدء بالمقاومة المدنية والقانونية والثقافية، لمواجهة الحرب "الإسرائيلية" ضد الحضارة وضد الوجود ودعم الجبهة الميدانية، لأن المعركة لن تنتهي عند وقف النار، بل ستستمر بعده لسنوات لتثبيت جرائم الحرب "الإسرائيلية" وتحصيل الحقوق، للضحايا وللشهداء وللبنان...
المقاومة رصاصة وكلمة ولوحة وصوت وصورة...
قاوم.. ولو بدمعة.
لماذا الاستسلام على الجبهات القانونية والمدنية؟ _ د. نسيب حطيط
الأربعاء 13 تشرين الثاني , 2024 08:17 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة