أقلام الثبات
بالتزامن مع الاجتياح البري والجوي "الإسرائيليَّين"، ووفق حساباته الخاطئة كعادته تاريخياً، شنّ رئيس القوات اللبنانية اجتياحاً اعلامياً وسياسياً لإلغاء الشيعة من الصيغة اللبنانية والمنظومة السياسية والطائفية في لبنان، بإعلانه انه "يرضى بانتخاب رئيس للجمهورية دون وجود لشيعة"، واقتحاماً سياسياً خاطئاً لإخراج الشيعة من المجلس النيابي، بمن فيهم رئيس المجلس "الشيعي المذهب"، وإلغاء نتائج الانتخابات النيابية السابقة "جزئياً" لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية لا يكون للشيعة رأي فيه، كما لا رأي للنازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين (قبل تجنيسهم مستقبلا) مما سيتبعه إخراج الشيعة من الحكومة ايضا وبعدها من الإدارة، حيث يعلن رئيس القوات هدفاً أوسع وأكبر من هدف الحرب "الإسرائيلية" الذي يقول بإبعاد المقاومة عن جنوب الليطاني او اجتثاث الحزب وتشكيلاته من لبنان ليصل "جعجع" الى هدف خيالي يمكن ان يُسيل دماءً في لبنان ،وهو إخراج الطائفة الشيعية من الصيغة اللبنانية تحت شعار (لبنان بلا شيعة)!
يُترجم رئيس القوات الدستور وفق مزاجه وفهمه الخاطئ فيقول ان "الميثاق الوطني كان بين المسلمين والمسيحيين وليس بين المذاهب الشيعية او السنية والمسيحية والأرثوذكسية والدرزية"، ووفق تفسيره للدستور والميثاق الوطني ، فنقول إن الميثاق لا ينص على وجود القوات في الصيغة السياسية.
يريد رئيس القوات الغاء الدستور ووضع رئيس المجلس (الشيعي المذهب) تحت الإقامة الجبرية السياسية ومنعه من ترؤس الجلسة وحتى عدم إبلاغه فيها، وتنصيب "رئيس السن" الذي يختاره مكانه، لترؤس جلسة الانتخاب المبتورة وبطبيعة الحال يستطيع إقتحام المجلس اذ لم يعطه الرئيس مفاتيح أبوابه!
يستعجل رئيس القوات وبعض اللبنانيين، دفن جنازة المقاومة والطائفة الشيعية والبدء بتقاسم "التركة" السياسية ويمكن ايضا العقارية والجغرافية، وفق حسابات خاطئة وأحقاد دفينة ومخططات خبيثة سابقة وفرض الاستسلام قبل نهاية الحرب وقبل انتصار العدو وقبل استسلام الشيعة.
الخطير في كلام رئيس القوات أنه نقل المعركة من معركة مع المقاومة والحزب بحجة السلاح الى معركة ضد الشيعة "جميعا" من الحركة والحزب واليسار والعلمانيين وحتى المعارضين للثنائية، معلنا ان كل شيعي، مهما كانت عقيدته وموقفه السياسي فهو هدف لمشروعه، الشريك مع المشروع "الإسرائيلي" - الأميركي!
الفارق بين الشيعة ورئيس القوات أن الشيعة عندما يمتلكون القوة (ولازالوا) لا ينتقمون ولا يثأرون وعندما كان الأخوة المسيحيون في مأزق وحصار أيام الحرب الأهلية ،من المقاومة الفلسطينية والحركة الوطنية وعزلهم أعلن الإمام الصدر (باسم الشيعة) معارضته عزل المسيحيين ودَفع أثماناً كبيرة ،لفك الحصار عنهم سياسياً وكذلك فعل الشيعة بعد انتصارهم في تموز 2006.
وجواباً على ما طرحه رئيس القوات نقول إن هذا المشروع لن يبصر النور وانه أضغاث أحلام وخيال ،لا يمكن ان يتحقق ،خاصة وأن كل حروب الالغاء التي شنّها صاحب هذا المشروع قد فشلت، فقد شنّ حرب الغاء ضد الدروز في الجبل ايام الاحتلال الاسرائيلي وخرج بحماية إسرائيلية من دير القمر وشنّ حرب الإلغاء ضد الرئيس عون وبعدها دخل السجن ،أما حرب الإلغاء الثالثة "للشيعة"، حكماً ،ستكون نتائجها أقسى وأكثر خسارة له من حروب الإلغاء السابقة...
الشيعة اصحاب تحرير الجنوب من الاحتلال وانتصار عام 2000 والشيعة أصحاب انتصار حرب تموز 2006 والشيعة سيكونون اصحاب انتصار الحرب الرابعة 2024 (ان شاء الله) لكن الشيعة لم يكونوا يوماً طرفاً في الحرب الأهلية التي أشعلها آباء القوات ورعاتها وبقي الشيعة يتعاملون معها على انها حزب سياسي لبناني وطائفة لبنانية ولذا فهم رحماء معها ولا يرفعون السلاح بوجهها، بل يصوبونه، بمواجهة العدو الاسرائيلي الذي يذيع بلاغاته قائد القوات ...ويستهزئ بقدرات المقاومة!
الغريب في الامر ان ما أطلقه رئيس القوات لعزل الشيعة والغائهم، لم يستنكره أحد من الأخوة المسيحيين ..وهل الصمت علامة الرضا.
ولم تستنكره القوى السياسية الأخرى ولا اعرف إذا كانت "الثنائية" قد ردّت عليه وكذلك مجلس النواب!
يستبعد رئيس القوات الحرب الأهلية ،لكنه يشعل فتيلها عندما يعلن حرب" الإلغاء" على الشيعة!
ونقول له (ولا نعتبره عدوّا ًلنا حتى الآن) وللأعداء... لا زلنا أحياء لا زلنا أقوياء ولا زلنا في مرحلة "ضبط النفس"، ارتكازاً على ديننا ووطنيّتنا، حرصا على لبنان وللتفرّغ للحرب مع العدو وننصح بعض الحالمين السذّج بأن لا يكونوا وقوداً في الحرب الأهلية "الثانية" او لساناً للعدو ،خاصة وانهم فشلوا في حربهم الأهلية الأولى التي احرقت لبنان واستدعت العدو الاسرائيلي في اجتياح عام 78 واستدعت وتحالفت مع اسرائيل باجتياح 1989، لكن عليها ان تنتبه ولا تحلم ان ترتكب المجازر في اجتياح 2024.
جعجع.. وحرب إلغاء الشيعة _ د. نسيب حطيط
السبت 09 تشرين الثاني , 2024 12:51 توقيت بيروت
أقلام الثبات
مقالات وأخبار مرتبطة